الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العقلانية و التجديد

حميد المصباحي

2014 / 11 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


ليست العقلانية وليدة التفكير الأروبي,أو حتى القديم اليوناني,إنها حصيلة تجارب,بدأت مند أن فكر الإنسان في التعبير عن وجوده الخاص والمتميز.و هو بذلك,يجدد أنماط عيشه و وجوده الإجتماعي,مبدعا أشكالا جديدة,و قد تكون غريبة مقارنة بالمعتاد,و سطوة العادات,تلك صراعات قديمة,عاشتها كل التجمعات البشرية,و لم نعرف منها إلا المنتصر,بعد اكتشاف الكتابات القديمة,فلم يعثر الباحثون إلا على ما اعتبر إرثا يونانيا,و لو سمحت البحوث بالتعمق في تاريخ البشرية,و الكشف عما عاشته الشعوب القديمة,لكانت المفاجآت أكثر من أن يتسع لها علم التاريخ البشري,فكل الشعوب عرفت محاولات لتغيير نمط تفكيرها,لكن تلك المحاولات انتهت بأحداث درامية و دموية أحيانا,و لأنها لم تنجح فقد تجاهلها التاريخ,و لم يسع لنفض الغبار عنها,قصد التعريف بها,و فهم أسباب فشلها التاريخي,و القوى التي تصدت لها,و عملت على إبادة صناعها,فقد شهد التاريخ الفرعوني صدامات بين أفراد الأسرة الحاكمة,حول مفهوم الإلاه,و تحريم الزواج المؤسس على القرابة,تفاديا لما بدا أنه امتثال لأساطير,لم يعد العقل الفرعوني يتحملها,فتم الإجهاز على الراغبين في التجديد,و أحرقت الوثائق الدالة على دلالات تلك الصراعات السياسية,بل حتى قبور القتلى لم تنج من الحرق و التدمير,مما يعني أن صيغ التحديث,كانت كثيرة,لكن التاريخ,لا يعترف إلا بالمنتصر منها,مما يطرح إشكالات ملحة حاليا,و يؤجج آنية السؤال التالي,هل هناك صيغ غير أروبية حاليا للإنخراط في الحداثة؟؟
1إعادة عقلنة الحداثة
لا يمكن خلق حداثة جديدة,بدون تجديد آليات العقلانية المعاصرة,تلك التي تأسست على المنطق الحسابي,في العلم و الحياة,وفق منطق برغماتي,انتصر على الأخلاقية التي أسستها الحداثة في بدايتها,لتنقلب عليها,من خلال دعم مقولات البرغماتية,و محاولة جعل المصالح تتحقق وفق مبادئ أخلاقية,لكن لحد الآن,لم تنجح المحاولات في العلوم,و الإقتصاد,و مؤشر ذلك,محاولة الغرب,احتكار العلوم الدقيقة,و تسويق إنتاجاتها للعالم المتخلف,بل هناك من أثار فكرة,إبداع فيروسات,قصد تسويق علاجاتها للدول و الأمم العاجزة عن تمويل مثل هذه البحوث المكلفة ماليا,مما ولد ردود فعل عنيفة على الغرب,تمثلت في ظهور التطرف الديني و العرقي و الحضاري ضده,بل هناك مواطنين من الغرب الأروبي و الأمريكي,يقاتلون إلى جانب الحركات المتطرفة,و يرحلون بحثا عما يعبرون به عن سخطهم,على القيم الغربية و الحداثية,و هو ما يعني,أن العقلانية في حاجة لتجديد ذاتها,أو تطهيرها مما علق بها من عنصرية,و مبالغة في تقديس آليات العقل نفسه,بحيث ينبغي الإعتراف بما هو عاطفي,و خاص بالحضارات المختلفة عن أروبا و الغرب بشكل عام,مع المزيد من الإعتراف,بما ارتكبه الغرب الإستعماري من بشاعات في حق الشعوب المختلفة عنه,.
2العقل العاطفي
ليس العقل مجرد آلية حسابية,محكومة بحتمية الإنتصار الأبدي على الغامض,و الغريب,في الطبيعة و الإنسان,فالإنسانية,تحتاج للحمة الحب و الإعتراف,و الإقرار بحق الجماعات,في تمييز ذاتها,شريطة ألا يكون ذلك مبررا للكره و التحامل و القتال,و لا يمكن للعقل أن يستعيد عافيته الإنسانية,إلا بدعم التواصل العاطفي بين الحضارات و الشعوب,و تفعيل التقارب بين الديانات,بعيدا عن التعصب و الكراهية,فالتجديد في الفكر الديني,غاية مشتركة بين كل الحضارات,و عليها تنمية عاطفة الإنصات للغير,و تفهمه بحب,و ليس لغاية السيطرة عليه,و إخضاع للبحوث العقلانية,تلك التي تقلص من التعاطف,و تعتبر ذلك نزوعا ذاتيا لا يخدم العلوم.
3العقلانية المتعددة
بحيث لا يختزل العقل و العقلانية في نموذج أحادي,يعتبر الممثل الأسمى للحضارة الإنسانية,و بذلك تكون التدخلات الغربية,مبررة أخلاقيا ضد المختلفين,و المنافسين,لتفادي ذلك,ينبغي,البحث في التراث البشري,عن صيغ الحداثة في تنوعها,أي المساهمة في إعادة بناء الآثار الفكرية الدالة على مؤشرات الحداثة في الحضارات القديمة,لنزع الغبار عنها,و اعتبارها تجارب بشرية,جديرة بالوجود و التطوير,بعيدا عن أية نزعة احتكارية و مركزية,فالعالم يتقارب,بتعدد العقلانيات فيه,تفاديا لنزوعات العنف و التعصب و التدمير الذاتي المرضي,المنبعث كرفض لعقلانية أجحفت في حق الأخلاق و العاطفة الإنسانية اللاجمة لروح التخريب و التنكر للإبداعات الإنسانية في مختلف مجالات التفكير,العلمي و الفني.
خلاصات
اختلاف النماذج,هو المدخل الأساس,للقبول بالتعددية,فكرا و سياسة و حتى حضارة,و هي مهمة كل المجتمعات البشرية,حتى لا يقلد بعضها بعضا,فتنتج التبعية,بدل الإبداعية,التي تعني تفكير المجتمع في تحقيق تنميته بدون تكرار للنماذج المستوردة,سواء من الماضي,أو القارات الأخرى و الأمم,فالعقلانية الحقيقية,هي تلك الرافضة للتكرار,و الحاثة على الإبتكار.
حميد المصباحي كاتب روائي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تشاد: فوز رئيس المجلس العسكري محمد ديبي إتنو بالانتخابات الر


.. قطاع غزة: محادثات الهدنة تنتهي دون اتفاق بين إسرائيل وحركة




.. مظاهرة في سوريا تساند الشعب الفلسطيني في مقاومته ضد إسرائيل


.. أم فلسطينية تودع بمرارة ابنها الذي استشهد جراء قصف إسرائيلي




.. مظاهرة أمام وزارة الدفاع الإسرائيلية بتل أبيب للمطالبة بصفقة