الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاسلاميون ينزعون أقنعتهم ..فحذاري من دستورهم

نجاح يوسف

2005 / 8 / 29
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لم افاجئ بالحملة المسعورة الجديدة التي بدأها أعوان قائمة الائتلاف على الحزب الشيوعي العراقي والقائمة الكردستانية ..فالمأزق الكبير الذي وقعت به القائمة جراء تخبط حكومتها وفشلها الذريع في تامين الأمن للمواطنين , وتدهور الخدمات وانعدامها من كهرباء وماء وغاز وبنزين ..الخ, والفساد الإداري في جميع أروقة الدولة والذي يزكم الأنوف, كل هذا إضافة لحملات القمع والإرهاب, والإغتيالات وتصفية الحسابات فيما بينها والتي تقوم بها ميليشياتها المسلحة التي باتت تسيطر حتى على قوى الأمن والشرطة والجيش , وهذا ما لمسناه من خلال الشعارات الطائفية التي تتغنى بها عناصر تلك القوات والتي ظهرت على شاشة الفضائية العراقية..

فكتابة الدستور هي مسؤولية وطنية لا ينبغي عند كتابته , التفريط بحق أي مكوّن من مكوّنات الشعب العراقي أو تكبيل نصف المجتمع العراقي بأحكام الشريعة الإسلامية والتي مهما يدعي مناصروها والداعمين لها ب (عدالتها ونزاهتها ) فإن الواقع المعاش في العراق والأمثلة والتجارب المخزية في أساليب الحكم والقضاء في البلدان الإسلامية الشبيهة تعزز من مخاوفي ومخاوف الملايين من أبناء شعبنا العراقي من أن نظاما دينيا سيحكم العراق ويتفنن بتكبيله باحكام وقوانين لا تخطر على بال احد.. ولا بد من القول فإن مسودة الدستور الحالية (المنقحة) ما هي إلا معبرا عن رغبات وطموح المرجعيات الدينية من اجل الهيمنة وصولا لتأسيس ولاية الفقيه المماثلة لدولة ايران, حيث ان هذه المسودة هي أكثر تخلفا من أول دستور سن في العراق منذ تأسيسه ولحد الآن, ولا نجد تلك التناقضات بين سطوره كما هي واضحة للعيان في مسودة الدستور هذه..فالدستور تفوح منه رائحة الطائفية النتنه, والتي يتحمل أبناء شعبنا اليوم تبعات فرضها عليه..ولا تغشكم ديباجاته وفقراته التي تتغنى بالحقوق, فإن كل ذلك مكبل بأصفاد حديدية من أحكام الشريعة والتي لم يعلن أحد من لجنة كتابة الدستور ما هي تلك الأحكام وكيف ستطبق على المجتمع العراقي..

ومما زاد الطين بله كما يقولون, فإن مقاطعي الانتخابات السابقة (السنه العرب) أو لنسميهم على حقيقتهم أعوان النظام البائد , فقد جاء رفضهم لمسودة الدستور لأنها اكتفت بجعل الشريعة الإسلامية كمصدر أساسي للتشريع وليس (المصدر الأساسي للتشريع) , وهم بذلك بدأوا بالمزايدة على اسلامية خصومهم الشيعة, إلى جانب رفضهم لمبدأ الفيدرالية, وعملية اجتثاث البعث ..وهم ينطلقون بفعلهم هذا ليس من مصلحة الشعب العراقي واستمرار وتطور العملية السياسية , بل من اجل اجهاض كل ما تحقق والعودة إلى المربع الأول وبالتالي تأهيل عناصر حزب البعث الفاشي وزجهم بالعملية السياسية من أجل السيطرة مجددا على مقاليد السلطة, او هكذا يحلمون..

ومن جانب آخر فإن الإدارة الأمريكية التي أسقطت نظام صدام الدموي في حربها الضروس الأخيرة , فهي الأخرى تتخبط في سياستها تجاه العراق, حيث تنازلت للتيار الإسلامي التي جاء معظم عناصره( بقطارهم ) بفرض دستور الشريعة الإسلامية على الشعب العراقي المتعدد الأديان والقناعات الفكرية ..فقد روجت تلك الإدارة بعد سقوط النظام وما قبله , بأن النموذج الديمقراطي العراقي سيكون عامل جذب لشعوب المنطقة , والذي يبدو لي وللآخرين بانه لحد الان لا يبدو جذابا لا للعراقيين ولا لشعوب المنطقة, لا بل سيكون هذا النموذج إن اكتملت مفاصله بسن الدستور المقترح محبطا ومشوها ومقززا, لآنه يحمل معه أدوات استمرار دوران الدولاب الدموي في العراق والتي تشهد اليوم المدن والقصبات العراقية طغيان وهمجية وشراسة المليشيات التابعة للآحزاب الحاكمة من جهة وشراذم الإرهابيين وأعوان النظام المقبور من جهة أخرى..وبذلك فإن شعبنا العراقي سوف لا يجني من النموذج الذي وافق عليه سفير امريكا (الأفغاني) في العراق خليل زاده غير المآسي والويلات, إلى جانب التخلف الحضاري والثقافي والفكري..

ولكي تكتمل الصورة فالهجمة على القوى العلمانية والديمقراطية يجب أن تبدا منذ الآن ..وتعلم فاشيو اليوم دروسا بليغة من فاشيي الأمس حيث بدأوا بلعب ورقة فرق تسد , حيث من جهة طمأنوا القوى الكردية ( ولو لفترة لكسب الوقت) في مسألة الفيدرالية , واستولوا على الكعكة كلها من خلال فرض الشريعة الاسلامية ومنح حقوق لا حد لها للمرجعية الدينية الشيعية , والهيمنة على القوى الأمنية والجيش والشرطة , وبذلك يظنون بأنهم يستطيعون تقزيم وتهميش كل القوى المناوئة لسياستهم وصولا لإسكات صوتها مهما خفت..حيث وهم يسيطرون على معظم مقاعد الجمعية الوطنية فلا يستطيعون تحمل مقعدين يمثلان الشيوعيين فيها , حيث بدأوا بترويج الإشاعات وتشويه دور ونضال الشيوعيين وشهدائهم بغية الوصول إلى هدفهم في قمع الأفكار العلمانية والديمقراطية, وهذا دليل على عدم ايمانهم بالمثل والاساليب الديمقراطية من جهة , وتخوفهم من أن التيار الديمقراطي الواسع الذي بدا يتبلور من خلال تعدد اللقاءات بين فصائله سيكون له موقع مهم في الواقع السياسي العراقي في المستقبل , من جهة اخرى ..سيما لو أحسن ممثلوه استخدام التأثير المتزايد للأفكار والممارسات الديمقراطية , وكذلك استغلال أخطاء وتقصير وجرائم وانتهاكات القوى المهيمنة على الحكومة والأئتلاف الحاكم وميليشياته وعناصره..

لقد صبر الشعب العراقي وتحمل كل هذه العذابات والمحن والحروب الدموية من اجل أن يعيش هو وأجياله القادمة في مجتمع يسود به مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات بين الجميع ويكون مفهوم المواطنة العراقية هو المقياس في جميع مجالات الحياة لا ان تسود الطائفية وافكارها الهدامة وتجعل المرجعيات الدينية ورجالاتها خارج إطار وسلطة قوانين الدولة, وتبقى النساء وهن أكثر من نصف المجتمع مهددات وخائفات دوما من سلطة وسطوة الرجل التي توفرها له الشريعة واحكامها , أما انا الانسان العراقي البسيط والمهمش .كل الذي أستطيع فعله هو أن أطلقها صرخة مدويه بوجه التخلف وأعداء المثل الديمقراطية, ومن دافع خوفي وحرصي على مستقبل شعبي ووطني فإني سأصوت ب (لا) على مسودة الدستور هذه .. وما تفضل به المئات من الكتاب والمفكرين العراقيين والعرب الديمقراطيين والعلمانيين سيكون حافزا للآخرين بشجب هذه المسودة والمطالبة بتأجيل طرحها على التصويت على أقل تقدير , أو تاجيل كتابة الدستور, لحين أن يسترد العراق عافيته ويسوده السلام والطمأنينة, خاصة وإن العراقيين يعيشون تحت ظل ظروف أمنية وسياسية واقتصادية صعبة للغاية لا تتيح لهم التعرف ودراسة أبواب هذا الدستور وأحكامه , ومن ثم التصويت عليه بنعم او لا وهم يتلمسون طريقهم في ظلام دامس وشحة في الخدمات والمواد الضرورية اليومية..فبالتأني السلامة وفي العجلة الندامة كمل يقول المثل العربي. وعسى أن تجد نداءاتنا هذه آذانا (ديمقراطية) صاغية..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طبول المعركة تُقرع في رفح.. الجيش الإسرائيلي يُجلي السكان من


.. كيف تبدو زيارة وليام بيرنزهذه المرة إلى تل أبيب في ظل الضغوط




.. معبر كرم أبو سالم.. ما أهمية هذا المعبر وما تداعيات إغلاقه؟|


.. العاهل الأردني يبحث في واشنطن مع الرئيس الأميركي ملف حرب غزة




.. الرئيس الصيني يصل إلى فرنسا.. والتجارة وأوكرانيا تتصدران الم