الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوار مع الأديب الماركسي حسين علوان حسين وَ - المثقف العضوي الفاعل- من - بؤرة ضوء- - الحلقة الثانية عشر - الجزء الرابع

فاطمة الفلاحي
(Fatima Alfalahi)

2014 / 11 / 20
مقابلات و حوارات


حوار مع الأديب الماركسي حسين علوان حسين وَ - المثقف العضوي الفاعل- من - بؤرة ضوء- - الحلقة الثانية عشر - الجزء الرابع

14. ما كرنولوجيا مفهوم فن البرهان والإقناع عند فلسفة ماركس "المادية الجدلية " ؟
الجواب :

يصف هيجل أهمية فهم الصراع في وعي هوية كل شيء في الفكر و الوجود بالقول : " و من الإجحافات ذات الجذور العميقة في المنطق لحد الآن ، مثلما هي في الإعتقاد السائد ، ذلك التصور بأن التناقض ليس ميزة جوهرية و لا متأصلة (للأفكار و للوجود) مثل الهوية . و لكن ، و بالمقارنة مع التناقض ، فإن الهوية ليست هي في الحقيقة سوى الميزة لما هو مُدرك ببساطة و على نحو مباشر ، أي للوجود الذي لا حياة فيه . في حين أن التناقض هو المصدر لكل الحركة و الحياة ؛ فكل شيء بدون التناقض لا يستطيع امتلاك الحركة ، و لا القوة ، و لا التأثير .... وحده المنطق الفعال يختزل التنوع و التعدد الخاص بالظواهر إلى نقيض الأطروحة. و فقط عند دفعها إلى هذه النقطة يصبح تشعب الظواهر فاعلاً و له حفزه المتبادل ، لينتج حالة النفي ، و التي هي بالذات نبض القلب للتطور و الحياة .... و حيثما تكون القوة قاصرة عن تطوير التناقض و دفعه إلى أمام ، فإن الشيء أو المخلوق يتدمر في التناقض (هيجل ، علم المنطق ، الجزء الأول ، الفصل الثاني ، ص 66، 69 ، 70) .
و يمكن إختصار كل قوانين الديالكتيك الهيجلي بالقول بأن كل الأشياء في الفكر و الوجود مترابطة على نحو مباشر أو غير مباشر مع غيرها من الأشياء ، و هي في سيرورة دائمة من التغير و التحول عبر الزمكان نتيجة لصراع الأضداد في داخلها و من خارجها حيث يؤدي التراكم الكمي عبر نفي النفي إلى تغير نوعي إلى الأعلى . هذا هو التوجه الإيجابي العام للديالكتيك ، و لكن ليس كل تغير كمي يؤدي إلى تغير نوعي ، و لا كل نفي هو حركة إلى الأعلى . نتيجة الصراع تعتمد على متغيرات و مؤثرات عديدة ، و هي محكومة بطبيعة توازن القوى المتضادة و توجهاتها ، و قد يفضي الصراع إلى النكوص السلبي المرحلي قبل معاودة التحرك الإيجابي في مرحلة لاحقة مثلما تبين جملة هيجل الرائعة الأخيرة حول فناء الشيء بفعل عجز أضداده على حسم الصراع فيه للإرتقاء به إلى مرحلة أعلى .


ج. المنطق الماركسي
بعد وفاة هيجل ، إختلف أنصار فكره فيما بينهم ، فانقسموا إلى صفين : اليمينيون المحافظون ؛ و الشباب التقدميون - و منهم ماركس - الذين إنتقدوا ميتافيزيقية هيجل ، و لكنهم تبنوا منهجه الجدلي لنقد التخلف الإجتماعي و السياسي و الديني في ألمانيا و أوربا و العالم أجمع . و بعد لقائه بإنجلز عام 1844- الذي لفت أنظار ماركس إلى الدور التقدمي تاريخياً الذي يمكن للبروليتاريا تسنمه في الثورة الإشتراكية و تحرير البشرية جمعاء من الإستغلال و الظلم - و تطوير ماركس للمادية التاريخية ، فلم يتوان الأخير عن توجيه نقوده ضد هيجل نفسه ، و للهيجليين الشباب : برونو باور ، و ماكس شتيرنر ، و لودفيغ فيورباخ . و لكن وعي الأهمية الأساسية للتناقض في فهم طبيعة و تطور كل الأشياء ، بضمنها المجتمع ، جعلت كل كتابات ماركس و إنجلز تركز دائماً على الولوج إلى جذوره المادية للكشف عن أنواعه و ما هو أساسي منه و ما هو ثانوي و شروط حلها و التطور إلى أعلى . ليس هذا فحسب ، بل أن تكريس فكريهما الحر على قول الحقيقة التي تخدم كل إنسان بالإنسان جعلهما يرفضان كل توجه فكري يعمل بالضد من الحقيقة و الشروط الموضوعية لتطور البشرية جمعاء .
سبق القول بأن هيجل كان فيلسوفاً مثالياً ؛ فهو يعتبر أن أصل و جوهر سيرورة التطور يكمنان ليس في القوى المادية - علاقات الإنتاج مثلما توصل ماركس و إنجلز للإستنتاج - و إنما في الفكرة المنطقية أو الروح الكلية - أي الله ، الذي خلق العالم من ذاته ليحتوي كل أشكال الوجود التي تتطور جدلياً . و الأغرب من هذا ، هو أنه كان يرى في النزعة الجرمانية ، و في البروتستانتية ، و في الدولة البروسية الرجعية و غير الديمقراطية أعلى التعبير عن "العقل الكلي" حسب نموذجه الفلسفي . إذن ، فقد كان هيجل يجمع في فلسفته بين المثالية و الواقعية ، و لم يستطع أن يصل بهما إلى درجة التضاد الديالكتي الحاد بينهما لكي يبلغ درجة أعلى من الفكر الثوري الذي توصل إليه ماركس .
لدينا في التوجهات المحافظة و الصوفية الغامضة لهيجل ذلك الإنعكاس الخافت و المخيب للآمال لألوان الآفات الأزلية الثلاث التي ابتلى بها الإنسان و المجموعات البشرية منذ أقدم الأزمان و إلى الآن : آفة القومجية ، و آفة الدينجية ، و آفة الدكتاتورية ؛ و التي أبادت و شردت ، و تبيد و تشرد ملايين البشر كل قرن . و مثلما حصل مع هيجل ، فكثيراً ما تنصهر كل هذه الآفات معاً ، بهذه الدرجة أو تلك ، في التوجهات الفكرية للأشخاص ، و في فكر و ممارسة الحركات و الأحزاب و الأنظمة الفاشية الإرهابية .
أما ماركس و إنجلز ، فقد أدانا بأشد العبارات كل توجه منافق دينجياً أو قومجياً أو دكتاتورياً . لا جامع مطلقاً بين الماركسية ، من جهة ؛ و بين النفاق الدينجي أو القومجي أو الدكتاتوري بأي شكل كان . الهدف الأسمى لماركس و إنجلز هو تحرير الإنسان كل إنسان على وجه الأرض ، بلا تفرقة و لا إقصاء ؛ و ليس ضيق الأفق القومجي و الدينجي الذي يحول البشر إلى : نحن الأعلون ، الفائزون ، الناجحون ، المتميزون ، الأفضلون ، الأحقون ؛ و غيرنا هم الأسافل ، الضالون ، الخاسرون ، المتخلفون ، المستَغَلون ؛ و لا الدكتاتورية التي تكرس حكم الفرد أو النخبة عن طريق إصدار القرارات من جانب واحد لتكريس القهر بأنواعه من فوق . لقد مثّلت الحرية أسمى إلتزام عند ماركس الذي ربط قيمتها بدرجة توسيعها جدلياً نحو آفاق متعاظمة أبداً ، بلا أي قيود خارجية على حرية الفرد ، و لا أدنى تدخل في شؤونه الخاصة . بالنسبة لماركس ، من الواجب على كل نظام سياسي إجتماعي أن يضمن لكل إنسان الحرية الكاملة للخروج إلى العالم و ممارسة ما يحب من أنشطة و هوايات ، علاوة على تطمين حاجاته و تمكينه من أن يصبح أفضل و أسعد و أرقى فكرياً و مهنياً و مادياً . يقول ماركس ، في الآيديولوجيا الألمانية (1845-6) ، أنه يتطلع إلى زمن : " أستطيع فيه أن أمارس عملاً اليوم و عملاً غيره بكرة ، أن أصطاد الطرد في الصباح و أصيد السمك ظهراً و أرعى الماشية مساءً و أمارس النقد بعد العشاء ، حسبما يحلو لي " . كل مشروع ماركس و إنجلز في تحرير الإنسان من الإستغلال الرأسمالي إنما ينصب نحو التجلي اللانهائي للحرية و للديمقراطية . و أعتبر ماركس الديمقراطية الحقيقية هي الطريق نحو الإشتراكية لأن الدولة الرأسمالية تستحيل عليها - بحكم طبيعتها - أن تصبح ديمقراطية لكونها التجسيد الفوقي لديكتاتورية البرجوازية . و لذلك فلا يمكن لأي امرئ و لا أي حركة ثورية و لا اي نظام سياسي إجتماعي أن يدعي لنفسه الماركسية دون النبذ التام للقومجية و الدينجية و الدكتاتورية ، بل و محاربتها يومياً و منهجياً. و من لا يحارب تلك الآفات الثلاث ، فهو ضد الماركسية كائناً ما كانت طبيعة اليافطات التي يتقنع بها ، و مصيره النهائي في مزابل التاريخ .
يتبع ، لطفاً .

________________
انتظرونا والأديب ، المفكر الماركسي حسين علوان عند ناصية رواق - ج . من الشؤون الفلسفية - والجزء الخامس والأخير من سؤالنا :
14 . ما كرنولوجيا مفهوم فن البرهان والإقناع عند فلسفة ماركس "المادية الجدلية " ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أول مرة اتضرب في حياتي كانت من جاري-.. موقف طريف لمذيع صباح


.. إعلام إيراني:إرسال مسودة التعاون الاستراتيجي مع سوريا للبرلم




.. ليبرمان يتحدث عن ضرورة توجيه إسرائيل ضربة نووية ضد إيران


.. بوينغ تعترف بالذنب حول حادثتي تحطم طائرة من طراز ماكس 737




.. حماس تدعو الوسطاء للتدخل لوقف مناورات نتنياهو: إسرائيل تضع ا