الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مانيفستو سعدي يوسف...

اكرم هواس

2014 / 11 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


مانيفستو سعدي يوسف...

رغم انتقادي لدور المثقفين و الأسس الثقافية بصورة عامة في مقالات متعددة الا انني لم أتعود ان اكتب عن سلوك الأفراد و افكارهم لأَنِّي اؤمن بحرية الفكر و السلوك مع الالتزام بالمسؤولية .... لكننا الان بصدد قصيدة شعر بدأت بانفعال شخصي ... و لكنها تمثل ظاهرة بدأت تتمدد...و تتمدد ردود الفعل عليها حتى كادت ان تصبح قضية عامة في ظل جو التوتر و فقدان التوازن و عدم الثقة بالاخر و تجلياته الدموية في كل شارع و واد...

هذه الظاهرة تتمثل في نوع من الشعر السياسي غير المحدد الأهداف و الحدود في هذه الأيام ... حيث تعيش الأوساط الثقافية العراقية .... ارهاصات زوبعة اخرى من زوبعات سعدي يوسف الكثيرة و المتخذة اتجاهات مختلفة... و الغريب ان بعض تلك الأوساط لا تجد في رد فعلها الا العودة الى لعبة طفولية تاريخانية قديمة .... حرق الكتب... و كأن الأفكار و المعتقدات و الأحاسيس ... يمكن محوها هكذا بحرق بضعة أوراق ... او حتى حرق اجساد و صلبها... و الأمثلة التاريخية كثيرة لنتعلم منها... ان الأفكار لا تموت و المعتقدات ستعيش أبدا في الذاكرة و الأحاسيس تتفاعل اكثر مع الحرارة...

اعتقد ان مشكلة سعدي يوسف .... و الآخرون من الدوائر الثقافية و السياسية... هي ايضا تكمن في انه لا يتفاعل مع التطور الاجتماعي و إنما يحاول بقدر ما وقف عجلة التطور التاريخي للمجتمعات و هذا ما يدفعه الى الشعور بالغربة و الشعور بالمرارة و الهزيمة نتيجة اعتبار كل ما يحدث في المجتمع ... بهذا الاتجاه او ذاك... هو خروج عن صورة نمطية جامدة... ذهنية اكثر مما تكون واقعية و تعتمد على قراءة اختزالية للتجارب التاريخية...

في قصيدته الاخيرة "مصر العروبة... عراق العجم" التي أشعلت نيران ... العراق العربي و العجمي... يعلن سعدي ان العراق اصبح عجميا... و للمقارنة بين ما هو عربي و ما هو عجمي فهو يستخدم مصر كمقياس للمفهوم العربي و يذكر هنا إسماء بعض المثقفين المصريين... و ينسى او يتناسى ... ان بعض هؤلاء كانوا من المنظرين لمشروع الرئيس السادات الذي انقض على مشروع عبد الناصر القومي العربي.... و بعض منهم يبدون الان افتناناً و ولعاً كبيرين بالثقافة العجمية... او الإيرانية و التركية.... و يستلهمون منها "البعد الثالث" لمفهوم الثقافة و التعايش السلمي....

لكن الأهم الذي ينساه سعدي يوسف او يتناساه في هذا الإطار... ان المجتمع المصري ... هو نموذج تاريخي .... للتعدد الثقافي و هذا هو الأساس في طبيعة السماحة الاجتماعية و التعايش السلمي بين المصريين من افارقة و فراعنة و مسلمين و أقباط و نوبيين و عرب و أوروبيين و اتراك و أكراد و شركس و غيرهم كثيرون.... من شعوب و إثنيات و ثقافات مختلفة.... تآلفت على مدى قرون... بل ان ما تشهده خلال السنوات الماضية من احدث مؤسفة و صراعات دموية هي نتيجة محاولة اصحاب المشاريع الضيقة بالتفرد في السيطرة و الهيمنة...

ربما من السذاجة ان نطرح سؤالا علميا عن ماهية تعريف " العربي" و " العراقي" عند سعدي يوسف... فالهدف ليس احراج الرجل في مسائل أنثروبولوجية معقدة... لكن السؤال المهم يظل عن التصورات السياسية عن رمزية هذه المفاهيم في مسار مجتمع حيوي يطور ذاته من خلال التفاعل.... السلبي و الإيجابي... بين مكوناته الاجتماعية المختلفة....

لا ندري ان كان سعدي يوسف عرف من التاريخ ان محمد علي الذي بنى الأسس الاولى لمصر الحديثة لم يكن عربيا بل البانياً..... كما ان صلاح الدين الأيوبي... الذي يتغنى بأمجاده القوميون و الاسلاميون العرب... كان كوردياً... و كذا كان اغلب علماء الحضارة الأسلامية من غير العرب.... فرس و كورد و اتراك و برابرة أمازيغ و اخرون من المسلمين و غير المسلمين...

و لنتساءل ايضا عن اية قومية عربية يريد ان ينظر سعدي يونس.... الا يتذكر ان المفاهيم الاولى للقومية العربية كانت من انتاج مثقفين غير عرب كما كان رواد الماركسية العربية من الأقليات المضطهدة و ان التقليدية العربية قد أنتجت داعش و اخواتها...؟؟؟..

انطلاقا من حسن الظن فان من المؤكد ان سعدي يوسف محب للعراق الى درجة الجنون... و لكن هل من الحب ان يخلق هذا الشاعر الكبير العداء للعراقيين داخليا و خارجيا.... نتذكر زوبعته قبل شهور في الانتقاص من قيمة الشعر المغربي بعد ان منحه المغاربة جائزة الارگان... و هذه جائزة ثقافية ذو قيمة كبيرة كون اسمها يؤشر الى شجرة الارگان التي تعتبر رمزا وطنيا مثلها مثل الأرز في لبنان...

نتمنى ان يكون حظ المصريين افضل من حظ المغاربة و ان تقابل رحابة صدر مصر بوفاء اكثر من المغرب.... ام هل يحاول سعدي يوسف الان ان يخلق أزمة مماثلة بين المثقفين المصريين و العراقيين .... ام يهدف الى زيادة التناحر الداخلي الذي لم يترك زاوية في العراق دون جراح و دماء و احقاد...؟؟؟..

هل يعتبر سعدي يوسف قصيدته الاخيرة رسالة حب و إخاء ... ام انها مانيفستو لبناء جدار جديد بين العراقيين ... و انها... كما هي طروحات الحرق و القتل و التهجير و الاغتصاب.... بضاعة في سوق التكفيريات و لاختزال و الاقصاء الرائجة هذه الأيام ...؟؟؟.. نتمنى ان يساهم المثقفون في صنع السلام بين الناس... حبي للجميع...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كيف يحاول سعدي يوسف ايقاف -عجلة التطور-؟
طلال الربيعي ( 2014 / 11 / 20 - 19:24 )
السيد العزيز اكرم هواس
سواء اتفقنا مع سعدي يوسف ام لا, فلا اعتقد انه يمكن تحويله الى كبش فداء لمشاكل وكوارث العراق التي سببها بالضبط المحتل واربابه في العملية السياسية في السنوات العشر الاخيرة, و هي بالتأكيد ليست بسبب شعره او آرائه لا من قريب ولا من بعيد.
ان ثقافتنا للاسف, في عمومها, تحدها و تخنقها محرمات عديدة ولا تسمح بتقبل الرأي الآخر, وهناك دائما مبررات لحرق ألكتب او حرق القائل نفسه, واذا لم توجد المبررات فيمكن بالطبع خلقها.
كما انه غريب بالكامل و ليس مفهوما ما تقوله:
-اعتقد ان مشكلة سعدي يوسف .... و الآخرون من الدوائر الثقافية و السياسية... هي ايضا تكمن في انه لا يتفاعل مع التطور الاجتماعي و إنما يحاول بقدر ما وقف عجلة التطور التاريخي للمجتمع-.
فهل يجب ان يتفق سعدي يوسف مع كل شيئ شائع ليتفاعل, مع التطور الاجتماعي, بنظرك؟ وعن اي -تطور اجتماعي- في العراق تتحدث؟ وكيف يحاول سعدي يوسف ايقاف -عجلة التطور التاريخي للمجتمع-, وما هي دلائلك على ذلك؟
كما من تقصد بالضبط ب -و الآخرون من الدوائر الثقافية و السياسية..-؟
تحياتي


2 - محمد علي كردي وليس الباني
مؤيد عبد الستار ( 2014 / 11 / 20 - 22:23 )
تحية طيبة
من المفيد ان نذكر ان احد ابناء محمد علي باشا نشر مقالا في اواسط الثمانينات ذكر فيه ان اسرته كردية وان اباه محمد علي كان ضابطا كرديا في الجيش العثماني في البانيا ، خلال حروب تركيا في البلقان ، انتقل من البانيا الى مصر ولذلك شاع لقب الالباني للاسرة . ولا تنس ان الشاعر احمد شوقي كتب في مذكراته انه كردي ايضا ، وكذلك العقاد امه كردية ، ومع ان هذا لايعني شيئا الان ، الا ان الشعب الكردي مساهم في حضارة مصر من خلال رموز ثقافية شهيرة مثل العائلة التيمورية وغيرها من الاسر الكردية التي ساهمت في نهضة مصر .... مع خالص التحيات
مؤيد عبد الستار


3 - يوسف سعدي هو قيحة الورم تقطرمن موزايك العراق!
HAMID SAYADI/Kirkuky ( 2014 / 11 / 20 - 23:54 )
يوسف زعلان يعيش في -الوهم- التي قتلت الأمل في الكثير من التقدمين الحالمين با اليتوپيا الأجتماعية في دولة أصولها من بيضة فاسدة ومن مفقسة برياطانية التي أفقست خساسات كثيرة منها السعودية ودويلات الشيوخ الپترولية وپاكستان ذات العقلية الطفولية الإسلامية قادتها دائما جنرالات سکاري بالويسکي والعاهرات وأفقر دولة آسيوية بنگلادش باكستان الشرقية سابقا. والعراق البريطاني هي زربة التاج البريطآني أستوردت ملک لحکمها وثم دکتاتوريات لأبقاء القپخ علي ناعورة الجيفة، وبفضل السلاح الأمريکي الحديث [الإسلام] تفککت هذه الموزآيک و عرّت هذه اللملمة من لبسانهم وشروالهم ها هم کما جاء آدم من الجنة عاريا فقط بورقة التوت ولکن الميسوپتامين خلع عنهم داعش ورقة التوت ولذلک حتي نزاکة فتح الأفواە-;- لم تبقي ولذلک يسميني قرد من قردستان أفتخر بقروديتي [لوصح التعبير] لأنه بعير من دون راعي أو واکز.


4 - احمد شوقي هو من اصل كردي
طلال الربيعي ( 2014 / 11 / 21 - 00:34 )
انها زوبعة في فنجان, فسوء فهم سعدي يوسف متقصد. فالشاعر المصري أحمد شوقي الذي يعتبر أحد أعظم شعراء العربية في جميع العصور هو من اصل كردي, فهو ولد لأب ذي أصول كردية من مدينة السليمانية العراقية, حسب مدونة افشين الكردستانية التي تعتبره من عباقرة الاكراد.
https://kurdsyria.wordpress.com/%D8%B9%D8%A8%D8%A7%D9%82%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%83%D8%B1%D8%A7%D8%AF/%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D8%A1-%D8%A3%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%B4%D9%88%D9%82%D9%8A/

اخر الافلام

.. البرازيل.. سنوات الرصاص • فرانس 24 / FRANCE 24


.. قصف إسرائيلي عنيف على -تل السلطان- و-تل الزهور- في رفح




.. هل يتحول غرب أفريقيا إلى ساحة صراع بين روسيا والغرب؟.. أندري


.. رفح تستعد لاجتياح إسرائيلي.. -الورقة الأخيرة- ومفترق طرق حرب




.. الجيش الإسرائيلي: طائراتنا قصفت مباني عسكرية لحزب الله في عي