الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مجال شينغن shcenguen درس تاريخي حديث لشمال إفريقيا

التهامي صفاح

2014 / 11 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


بعد أسابيع قليلة ، ومن شمال أوروبا حيث تسوء الأحوال الجوية وترتفع نسبة الثلج المتساقط والصقيع و تنخفض درجة الحرارة لمستويات تتجاوزمجالات تَحَمُّل الطيورالمهاجرة ، ستبدأ هذه الأخيرة ومنها طيور السونونو مثلا les hirondelles بالتوافد على المحميات البيولوجية في شمال إفريقيا و وسطها أي جنوب القارة الأوروبية .هذه الظاهرة تتكرر كل عام .شيء عادي تماما .
و يمكن بسهولة تصورالنتيجة في حالة وجود عوائق تمنع هذه الهجرة السنوية التي أصبحت جزءا لا يتجزأ من حياة هذه الطيور.إنه الموت المبكر و الأكيد . نفس الشيء يحدث لأنواع حيوانية كثيرة ، من بينها الإنسان "ملك" الثدييات ، حينما تسوء الظروف البيئية بسبب قلة الموارد الغذائية أو تكاثر الأعداء أو تغير العوامل المناخية أو غير ذلك.الهجرة ، في حال لم تكن هناك عوائق تنمعها ، تصبح شيئا لا مناص منه و إلا الإنقراض.هذا قانون طبيعي (من وضع خالق الأكوان بالنسبة للمؤمنين).
نستنتج من هذا القانون أن وضع العوائق أمام الكائنات الحيوانية و منها الإنسان في وسط العيش قد يجعل حظوظ الإستمرار في الحياة تنخفض للصفر.لأن تلك العوائق ببساطة تمنع وصول الكائنات الحية للأماكن التي تستجيب بطريقة أمثل لشروط عيشها و تمنعها من الفرص المتاحة المناسبة لتلك الشروط .هذا إذا لم تكن لديها عوائق ذاتية تمنعها رغم عدم وجود عوائق طبيعية أو إصطناعية من الوصول لتلك الأماكن.
بالنسبة للإنسان نفس الشيء .
في أوروبا الرافضة ، بمبرراتها المعقولة بالنسبة لها طبعا ، لهجرة العنصر البشري الشمال إفريقي إليها و التي سترسل إلينا بعد أسابيع قليلة في شمال إفريقيا طيورها المهاجرة و تستقبلها المنطقة بكل حفاوة (لأن أماكن إقامة الطيور الأوروبية في شمال إفريقيا لم تعد مجرد أماكن طبيعية كما كانت دون عناية ، بل تم تسييجها و تحويلها إلى محميات بيولوجية محروسة )، تم الإتفاق بين الدول الأوروبية كلها تقريبا على ما يسمى مجال شينغن schenguen space أو espace schenguen الذي يسمح بحرية التنقل بين مواطني هذه الدول . [ schenguen التي تم توقيع الإتفاق فيها مدينة توجد في مملكة اللوكسمبورغ الصغيرة المحصورة بين فرنسا ، بلجيكا و ألمانيا (مساحتها 2586 كلم مربع) ]. جواز السفر لم يعد ضروريا لهم . كما أن حصول أي مواطن ، أجنبي عن هذه المنطقة ، على فيزا من أي بلد من بلدانها يصبح أوتوماتيكيا مسموح له بالدخول للبلد الذي أعطاه الفيزا ثم لكل مجال شينغن . مسألة منطقية .معناه زوال الحدود بين هذه الدول والإجراءات إلإدارية وتسهيل التنقل والزيادة في فرص الحياة الأفضل وبالتالي ربح الوقت بحيث يمكن القول أننا أمام مجال طبيعي يبيح الفرص الكثيرة و الحظوظ .لقد كان سقوط جدار برلين البداية المتأخرة لإستيقاظ الوعي الأوروبي المستمرفزالت كل الحواجز.
في جنوب القارة الأوروبية و في الماضي كان مجال "شينغن الشمال الإفريقي" موجودا عند أجدادنا قرونا عديدة قبل الميلاد حينما لم تكن هناك هذه الحدود المصطنعة التي جاءت نتيجة الإستعمارالعربي القديم الوافد من آسيا الغربية (شبه جزيرة العرب) والتوسعي نحو أوروبا و الذي جلب الإنتقام الأوروبي بإستعمار مضاد لدول شمال إفريقيا والتدخل اليومي في المنطقة كوصاية إستعمارية بشتى الطرق السياسية منها والثقافية والإقتصادية والعلمية وغيرها للمحافظة على ضعفها وتشتتها وإستغلال ثرواتها و منع منافستها له.
في كل شمال إفريقيا كان التنقل حرا و الفرص متاحة و المجال طبيعي..و الكثافة السكانية كانت ضعيفة مقارنة بالآن و قبائل عديدة ذات لغات و أديان مختلفة كانت تعيش متفرقة على مساحات شاسعة و عموما بسلام مستغلة ما يوفره الوسط البيئي من إمكانيات.وحسب الأصل البعيد نسبيا ودون الدخول في التفاصيل والأدلة العلمية والملاحظات الميدانية اللغوية الكثيرة الباقية إلى اليوم ، يمكن ذكرالأفارقة السمر و الأقباط و اليهود و الفينيقيين المختلطين بالأمازيغ و اليونانيين و السومريين و المندائيين المهاجرين من الإضطهاد الشرق أوسطي و غيرهم . و الشمال الإفيقي المقصود هو السودان مرورا بمصر و ليبيا ووو حتى موريتانيا أي الشعوب التي لها نفس التاريخ تقريبا و الظروف التي مرت منها ولها لغة مشتركة للتفاهم و التخاطب .
وإذا عدنا لأوروبا وأضفنا لمجال شينغن السبب فيه وهو الإتحاد السياسي في مجموعة الإتحاد الأوروبي ذي المؤسسات العتيدة السياسية منها كالبرلمان الأوروبي الذي جاء كأنه بمحض الصدفة و الحاجة الإقتصادية كالسوق الأوروبية المشتركة وغيرها نجد أنفسنا أمام عالم متكامل طبيعي و بدون حروب أخوية مستنزفة للعنصر البشري والمال و الإقتصلد والثروات والوقت .إننا أمام قوة إقتصادية وعسكرية متميزة تقول كلمتها للتاريخ و تربي الذين يحتاجون للتربية بإعطاء المثال اليومي في التخاطب و إحترام حرية وكرامة الإنسان و إظهار إبداع العقل البشري الأوروبي في حل المشاكل بكل شفافية أمام الجميع لتعليم الجميع ، تحت سيادة القانون . ليس هناك رئيس أو حاكم فوق القانون .مساواة في الورق ومساواة في الواقع .ليس هناك إنفصام لا بين الواقع و المكتوب في الدساتير ولا في نفسية الحاكمين .هؤلاء ليسوا مثل الذين يعطون المثال اليومي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا و الإبداع و التفنن في الدوس على حرية وكرامة الإنسان .
هذا العمل في أوروبا لم يكن ممكنا لولا تضحيات و صبر و إصرار وبعد نظر لنساء ورجال كثيرين يُعدون بالملايين ثابروا منذ قرون وإجتهدوا و أنكروا ذواتهم يعملون بسرعة الحلزون منتبهين للأخطار والعوائق الممكن أن تحول أحلامهم إلى سراب من أجل أن يعيش أبناؤهم و الأجيال اللاحقة هذا العالم المتميز اليوم . إنهم ليسوا كهؤلاء الذين يعيشون في الإستبداد وإحصاء الأنفاس و نكران الحقوق الشرعية للمواطنين ويموتون بعد أن يتركوا لأبنائهم أو نائبيهم حقلا مليئا بالألغام لا تهمهم إلا أنفسهم مثل ما حدث لحافظ الأسد و القذافي و صدام حسين و من المحتمل أن يكون آخرون سائرون في نفس الطريق .
لقد أصبح مفهوم المواطنة في أوربا جغرافيا عند سكان هذا المركب السكاني المتميز . أصبحت الهوية أوروبية .الكل يدافع عن أوروبا ويفتخر بالإنتماء إليها بل هناك من هم من شمال إفريقيا و الشرق الأوسط هاجروا... و نكروا أنهم من شمال إفريقيا ولهم مبرراتهم المعقولة طبعا .لم يتخل الفرنسي مثلا عن هويته الفرنسية لكنه يعتبر نفسه أوروبيا ويدافع عن أوروبا .و كذلك الألماني و السويسري وغيرهم .
للأسف ورغم نجاح هذا النموذج الأوروبي الذي يُحتدى به ويدعو للتفكير الجدي البعيد النظربالنسبة لمستقبل الأجيال القادمة أصبحت عندنا في شمال إفريقيا خصوصا جمعيات و أحزاب يا إما بإسم اللغة أو بإسم الدين أو الإنتماء الإثني أو القبيلة تحت مسميات مخادعة تزيد من التفرقة و التشتيت والتقوقع على الذات و الطائفية والتعبير عن تنامي الكراهية والنزعة العنصرية و إقصاء الآخر وبكل وقاحة تتغنى بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان في تناقض تام مع مبادئه الأساسية و لاهم يحزنون.
لاندري من سمى الربيع العربي و المحتمل جدا أن يكون من أعداء المنطقة من السياسيين الأجانب . ثم يأتي من يتحدثون عن الربيع الأمازيغي أو غيره وكأنهم نقلوا دون تفكيرفي الإمتحان مع بعض التغييرحتى ليُخيل للمرء أنهم هكذا يفعلون حتى مع أحداث التاريخ ، فيوقظوا الكراهية و الحقد الدفين وبالتالي بذورالصراع والفتنة .هذا شيء غير منطقي.إذ إذا كنت تدعي محاربة العنصرية فهل هذا يعطيك الحق أن تكون عنصريا أنت أيضا تجاه الآخر وتجعل من الإنتماء للغة أو غيرها قضية موجهة ضد الآخر؟ .متى تنتهي العنصرية إذن ؟
لايمكن التدليل على الأصل البشري البعيد جدا بعد كل هذا الزمان من ملايين السنين و إختلاط الناس بالتزاوج و التربية في بيئات مختلفة و حتى باللغة .و الإدعاء بالإنتماء لعرق ما قد يكون خاطئا من الناحية العلمية. لكن قد تكون له دوافع سياسية أو فقر أو حماية من الأعداء أوغير ذلك .وهذا مفهوم .لكن الأكيد أن جميع البشر خرجوا من إفريقيا حسب آخر نظرية لأصل الإنسان المستدل على صحتها سنة 2007.
غير مقبول على الإطلاق ولا منطقي أن يأتي أحدهم بلغة أو إنتماء ديني أو طائفي ليتصدر المشهد والفضاء العام بخطابه العنصري وكأنه وحده في هذا الكون و لا يحترم وجود الأخرين .لأنه طالما نوجد جماعة فلا يمكن العمل و العيش إلا جماعة والتفكير جماعة دون إقصاء لأحد.هذا هو المنطق و التاريخ المستقبلي للتقدم والسلام .
المطلوب هو حركات سياسية و نهضة فكرية تتخذ من إنشاء شمال إفريقيا جديدة كهوية ، بعيدا عن التعالي الفارغ بالإنتماء اللغوي أو الإثني أو غيرذلك ، غدا هدفا بعيدا يتحقق بالتخطيط والعلم الحديث و ليس بالأماني و الأحلام .
حين طرحت مقترح الهوية الشمال إفريقية لسكان شمال إفريقيا الأعزة و الغاليين فليس ذلك من باب اللهو أو التسلية أو المزاح و إنما مقارنة مع أوروبا القريبة وتاريخها المتميزمن أجل زوال هذه العنصرية بالذات بين مواطني المنطقة ولزوال الصراع و التوتر والحروب على أساس طائفي أو ديني أو لغوي و من أجل مصالحة تاريخية بين المختلفين اليوم لبناء الغد المشرق للأجيال القادمة في دول ديموقراطية مدنية متقدمة ..ربما يقولون أني أحلم أو أراهن على خيول خاسرة .لكن الرهان على الخاسرين المحتمل أن يستيقظوا يوما ما في نظري أفضل من عدم فعل شيء على الإطلاق .
السؤال هو هل نخبة مثقفي و مفكري شمال إفريقيا لن يكونوا في موعدهم مع التاريخ ؟أو هل هم أقل شجاعة و إبداع وبعد نظر من نظرائهم الأوروبيين حتى يفسحوا المجال أمام سكان شمال إفريقيا للتنقل الحر بين هذه البلدان بالهوية الشمال إفريقية ويقظوا على الطائفية و التفرقة العنصرية ؟
أنا لا أعتقد ذلك.
وتحياتي للجميع .
للتواصل مع الكاتب : [email protected]










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تابع
ميس اومازيغ ( 2014 / 11 / 21 - 18:18 )
لا يعني ان اسلافهم لم يكونوا ملونين بل كانوه وان تاثير البيئة الجديدة وطول زمن الأقامة اثر في هذا اللون انضر مثلا بعض احفاد زنوج امريكا واروبا حاليا.
سيدي لقد صمت الأمازيغ طويلا وتركوا امر كتابة تاريخهم لغيرهم ولم يابهوا بما كتب انها من فلسفتهم في الحياة لا يعيرون اهتماما لأمر هم يعلمون انه لا يتظمن الحقيقة فالأمازيغي ان قام بامر ما لا يتباهى به بل ينصت الى ما يقوله الغير بشانه فقط ليراجعه ان انتقد .انه يقدر العقل.ولقد ترك اسلافنا الكتاب اللذي لن نظل بغده ابدا انه الفكر الجمعي انه الأمازيغي اللذي بداخلك وبداخلي رغم كل المحاولات التي اعتمدت لأبادتنا من مثل قولك باختلاط الأمازيغ والفينيقيين بدون تحديد مصدرك بشان وجود هؤلاء الأخيرين وعددهم او قول البعض اليوم بالعرب بالرغم من ان المهاجرين من هؤلاء لم يكن ابدا ليؤثر عددهم قي ابناء الأرض حتى ان العاميات المنسوبة للعربية بشمال افريقيا عامة ليست سوى انتاج عبقرية ابناء الأرض من امازيغ في ثامزعا اوالأقباط والأمازيغ في مصر بدافع اظهار المعتقد العربي نفاقا لتفادي جز الرؤوس ,سبي النسااء,نهب الثروات.لذلك ارى ان ارادك مصطلح العنصرية بذكر الأمازيغ


2 - تابع
ميس اومازيغ ( 2014 / 11 / 21 - 18:37 )
انما هو باطل اريد به حق وهو مصطلح لم يسبق ان اثير عندما جهر التعريبيون بهذه الأقطار بابادة اللهجات التي ليست سوى الأمازيغية فلم لم نسمع احدهم يصرخ انها عنصرية عروبية؟لأن البرامج التعليمية المعتمدة والميديا قد قامتا بعملية غسل الأدمغة واستميل المتكلم بالأمازيغية ممن اريد به خدمة
التعريبي ليحصل على نصيب من متاع الدنيا استبلادا واستغفالا له ولغيره ممن سينصت الى دعواته
فما رايك في النص الدستوري التونسي (تجذير اللغة العربية والأسلام)وعدم قابليته للمراجعة ولو بدستور آخر؟ هل تونس مستعمرة عربية؟ ان كان الأمر كذلك فما كان مصير ابناء الأرض الأمازيغ؟
سيدي الفاظل ان الفوظى الخلاقة التي تفتق عنها ذهن الحكيمين الأسرائلي والغربي جائت لهدف تصحيح التاريخ لوظع العرب في اطارهم الجغرافي الحقيقي وتبيان احقية اسرائيل في الوجود لأن فظح التاريخ المزور ابتداءا من غزوات محمد هو اللذي سيحقق الأمن والسلم العالميين. ان الأمازيغية كما كانت واحدة بالأمس ستصبح كذلك قريبا انضر العبرية اليوم.
سيقتتل الشمال افريقيون وهم في البداية حتى تفظح المحمدية الدموية اداة التسلط ويكفر بها جهرا وتنبذ العربية لأنها لغة ميتة.


3 - الى هيئة الحوار المتمدن
ميس اومازيغ ( 2014 / 11 / 21 - 19:15 )
غريب امر القائم على تقييم التعليقات لقد حجب مداخلتي 1,2,3 لينشر4 ثم يتراجع وينشر3 ويبقي على حجب 1بالرغم من انه اعادة امينة لفقرة كاملة من مقال الكاتب وملاحظة جد هامة تفيد التنبيه الى اعتبار الدقة في المراد تبليغه وهي ملاحظة مبررة بما يكفي من براهين ومن خلال الفقرة المذكورة فالتنبيه ليس عيبا ولا مسا بشخص الكاتب المحترم.فما الفائدة بعد هذا في نشر مداخلتي رغم تعريضها للمقص؟الايحمل هذا الفعل السيد الكاتب على الأعتقاد في سوء نيتي وانا بريء من ذلك؟الم استهل مداخلتي بالترحيب بالكاتب للحوار؟

رجاءا تخلصوا من التعالي العربي المرضي وانصتوا الى صوت العقل ان ميس اومازيغ ليس بجديد على الموقع وليس في حاجة لدروس في الأخلاق.

اخر الافلام

.. بودكاست تك كاست | شريحة دماغ NeuroPace تفوق نيورالينك و Sync


.. عبر الخريطة التفاعلية.. كتائب القسام تنفذ عملا عسكريا مركبا




.. القناة الـ14 الإسرائيلية: الهجمات الصاروخية على بئر السبع تع


.. برلمانية بريطانية تعارض تسليح بلادها إسرائيل




.. سقوط صواريخ على مستوطنة كريات شمونة أطلقت من جنوب لبنان