الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في التضامن مع سعدي يوسف

عديد نصار

2014 / 11 / 21
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لا شك أن المقطوعة التي أطلقها الشاعر سعدي يوسف مؤخرا تحت عنوان: "مصر العروبة .. عراق العجم"، تعبر عن صرخة، قد تتّسِم بالمبالغة، وقد لا يتمكن مِن فَهْم أبعادها الكثيرون مِمّن يدّعون الثقافة، لكنّها يُمكن أنْ تُسْتغلَّ إلى أبعد الحدود من الذين ينتظرون اللحظة المؤاتية للانقضاض، ليس فقط على تُراث الشاعر، بل على التراث العربي الجامع، ليس عِرقيا بلْ حضاريا، في العراق وفي غير العراق.
من هنا جاءتْ الدعواتُ المَوتورة التي تطلب إحراقَ كُتب سعدي يوسف في شارع المتنبي في بغداد، الشارع الذي يتنفسُ الثقافة والذي يتغذّى ممّا يُقدَّم في طيّات الكُتب. هذه الدعوات لا يمكن أن تكون ردةَ فعلٍ عَفْوية لِمَن أحسّ أن مقطوعة سعدي يوسف تمسَّه، عرقيا أو ثقافيا أو سياسيا، بل إنّ وراءَها تَقِفُ أيادٍ هي ذاتُ الأيادي التي تريد للعراق ولسواه من بلدان المشرق العربي، التفتّتَ والضّياع والاندثار ليكونَ مساحة خالية لجحافلها الظلامية التي تنشر القتل والدمار والتخلف والعنصرية، كمرتكزات أساسية لإدامة وتعزيز سيطرتها.
وهنا، لا يكفي إطلاقُ حملاتِ التضامن مع سعدي يوسف أو مع سواه من الشعراء والكتاب والمثقفين، الذين، وللمناسبة، منهم من لا يَحْسُب حسابا لنفسه في مثل هذه المواقف، فينتهزُ فرصة الإغارة ويُشارك بها ظنّا منه أنّه مُحصن حَيال أمثالِها في أية لحظة، خصوصا في ظل سيطرة القوى المافيوية المتآلفة تارة والمتصارعة، بِنا، أطوارا.
فَمَنْ يُحرّك الحُثالاتِ التي تهُمّ بإحراق كتب سعدي يوسف اليوم سيكون سعيدا جدا لإحراق أيّ تراث ثقافي لأيّ جهة أخرى غدا، لأن سيطرتَه ترتكز على تعميم الجهل والتخلف.
ومن يتابع ردود الأفعال الغاضبة على تلك المقطوعة، ومن يتابع التعليقات على الحملة التي أطلقها بعض المواقع الالكترونية للدفاع عن تراث سعدي يوسف، يدرك كم مِنَ "المثقفين" يرهنون أنفسهم وأقلامهم لهذه المافيا المحلية أو الاقليمية أو تلك، على اعتبار أنها لا تقهر، أو أنّها لن ترتدَّ عليه بسيف اتّجارها وصفقاتها غدا.
من هنا فإنّ حملات التضامن ليست كافية. بل المطلوب هو كَشفُ الحقائق المادية التي دفعت الشاعر أو الكاتب أو المثقف إلى قول ما استفز آخرين أو القوى التي تحرّضهم بشكل أو بآخر.
وسعدي يوسف، الشاعر المستَفز بطبْعِه، إذْ رأى ما رآه من سلوك الهيمنة الفارسية على بلاده وطغيان المليشيات التي يقودها مجرمون عنصريون يتحركون بناءً على ما تُمليه إرادة مافيا البازار-الملالي في طهران، وإذ رأى ما رآه من سلوك مافيا البرزاني في أربيل، لا يمكن أن يُلام في التعبير القاسي الذي أطلقه لتظهير المعاناة التي يعيشها العراق بتضخيمها بالشكل الذي رأيناه.
وإذا كنت لا أتفق غالبا مع طروحات هذا الشاعر الذي يعتبره العراقيون رُكنا من أركان التراث العراقي الحديث، سواء من حيث الشكل أو من حيث المضمون، فإن الدفاع عن حرية التعبير كركن اساسي من الحرية الفردية للمواطن لا يمكن أن تأتي ثمارَها ما لم نتحرك باتجاه فضح الأسُس المادية التي تدفع الى قمع الكتاب والشعراء وكم أفواههم بحجج قومية وثقافوية كاذبة.
ولا أشبه من هذه الحملة التي يتعرض لها الرجل ومحاولة إحراق إنتاجه الثقافي، الا ما تقوم به داعش من تدمير للتراث الحضاري حيثما حلّتْ.
إنّ إحراق مجموعات من الكتب لا يُلغي الفكرَ ولا يجتثّ الثقافة، ولكنّه تعبيرٌ همجي "داعشيّ" إلغائيّ يُراد مِنه تحقيقُ أهداف سياسية بعيدة المدى تقوم على التمييز والتحريض لرفع مزيد من الجدران بين أبناء الوطن الواحد ودفعهم الى مزيد من الكراهية والاقتتال.
وسنظل نتعرض للقهر والقمع والملاحقة طالما تمتّعت القوى المافيوية من كل لون بالسيطرة على السلطة والنفوذ وتقاسمَتهما وتنازعت فيهما في ظلّ ما تَتلقاه من دعم خارجي إقليمي ودولي من مراكز الهيمنة الراعية والمستفيدة والتي تُعيد إنتاج هيمنتِها من خلال إعادة إنتاج سيطرة المافيات المحلية التي تُغذي الجهل والتخلف والظلام أركانا أساسية لسيطرتها المحلية.
لن يكون سعدي يوسف آخر الشعراء والكتاب والمثقفين الذين يتعرضون لكم الأفواه، ولن نتحرّر من "داعشية" الفكر والثقافة إلا حين تتعرف هذه الشعوب الى طريق الحرية والخلاص والتي هي بالضبط الطريقُ التي تقودها الى انتزاع السلطة لنفسِها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عروبتكم أقردنا وأنتم مسؤلون عما تخرج من أفواه
HAMID SAYADI/Kirkuky ( 2014 / 11 / 22 - 11:11 )
لا أعتقد يا عزيزي كتبتم المقالة من أجل التضامن مع سعدي يوسف وإنما تخلية حقدك علينا نحن القرود والفرس المجوس, أفهم من أنهدام أحلام يوتوبيا العربوية الخافية لمملكت الرفيق, وماهي ضلم بارزاني في ذلك؟ لاحظ القسم العربي من العراق و ركز على ذلك نحن القرود لسنا في معادلتكم لأننا بصورة أو أخرى لسنا قسما من حلمكم اليوتوبي, نحن قرود وسوف نبني مملكة القرود نحن لسنا بمستوى عروبتكم ونعرتكم! دعونا وآلامنا ومحنتا مع داعشكم وآل عثمانكم وحتى ولاية الفقيه في بغداد. قل لعربانك وداعشك عدم حرق كتبه نحن الكورد أكثريتنا مايعرف عربي! حتى خريج الكلية في سليماني سألته هل تتكلم العربية؟ جاوبني آني ماكو عربي !!! لماذا تصرون أن نبقى معكم؟
إن أنكر الحلال عند العربي المسلم الطلاق ولذلك نحن نود الطلاق وشريعتكم الصحراوية تعطينا حق الطلاق.


2 - إن لم تستحِ
آكو كركوكي ( 2014 / 11 / 22 - 14:54 )
إن لم تستحِ صف قوماً بإنهم قروداً....
وإن أردت أن تتمادى في الوقاحة تضامن مع سعدي يوسف وقل عنه قامة ثقافية
هل هو هذا كل الثقافة التي وصل لها هذه القامة!

الفيلسوف سعدي يوسف يقول العراق جاء من أوروك ولكنه لايكمل الآية ليقول من سكن أوروك هل كانوا عرباً. وأين كانت حدود أوروك هل كان من زاخو الى الفاو.

ياسيد سعدي لاتسكن مصر فهي ليست من العروبة بشئ بل أرجع الى موطنك الأصلي في صحراء النجد والحجاز أو الأفضل أذهب الى بلاد يمن التعيسة فهي موطن العروبة ياسيدي. أم إن أحداً لم يبلغك هذه الحقيقية ياقامة ثقافية جاهلة بأبسط دروس التأريخ والأخلاق والتسامح!


3 - لن أرد على الألفاظ العنصرية
عديد نصار ( 2014 / 11 / 23 - 10:47 )
لن أرد على ألفاظ عنصرية موتورة .. ولكن، مع اختلافي مع سعدي يوسف، وتعارضي مع توصيفاته، لكنني لم افهم من نصه أبدا أنه وصّف شعبا بالقردة. ولكن ما فهمته هو توصيف لمافيا البرزاني. فمن يحاول الصاق الوصف بالكورد فهو إما جاهل أو يتعمد الخلط بين شعب مناضل له تاريخه العظيم في الصبر والكفاح وبين مافيا تحكمه وتحكمها أطماع واعتبارات لا علاقة لها، بل على النقيض من مصالح ذلك الشعب.

اخر الافلام

.. اعترافات صادمة لكريستي نويم المرشحة الأوفر حظاً كنائب للرئي


.. تأجيل محاكمة ترمب في -الوثائق السرية- لأجل غير مسمى




.. تفاعلكم | أسترازينيكا تسحب لقاحها من الأسواق ??ومنتقدو اللقا


.. المتحدث باسم الخارجية الأميركية لـ-العربية-: سننظر في تقارير




.. المسبار الصيني العملاق تشانغ آه- 6 ينجح في دخول المدار القمر