الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مخلوقات فوق العادة

جمال الدين العارف

2005 / 8 / 30
حقوق الانسان




لاهاي جمال الدين العارف

أول ما أثار انتباهي عندما دخلت الاراضي الهولندية كان العز الذي يتربى فيه السادة الكلاب المحترمون والحقوق التي يتمتعون بها ،عكس مخلوقات آدمية تمشي على اثنين،حاولت ان اضع مقارنة للجنسين ففشلت ولا يمكن لاحد عاش مثلما عاش اغلب الشعب المغربي الا ان تثيره حياة هذا المخلوق المحظوظ الذي يغار منه انسان العالم الثالث في هذا البلد أتذكر مرة سألتني المدرسة في القسم بأن أذكر شيئا مهما استرعى انتباهي في هولندا فأجبتها ( حقوق الكلاب في هولندا أفضل بكثير من حقوق الانسان في العالم الثالث ) سرت المدرسة بهذا التعليق، في الوقت الذي كنت أسخر فيه أنا من هذا الزمن الذي كرم الكلب وأهان الانسان تحت مبررات واهية ، وأعتقد أنه من الضروري على كل عربي أو قادم من العالم الفقير، أن يتلقن الوصية الاولى التي تلقيتها عندما بدأت أندمج في هذا البلد قال أقربائي ( أياك ثم أياك أن تضرب كلبا في الشارع ان أقبل نحوك يجري أو تسبه أو تحاول حتى الفرار منه ) فهذا يودي بك الى الوقوف أمام القاضي ، وفي حالة نفورك منه ستسيىء الى أصحابه وتثير فيهم نعرة العنصرية ) وهكذا لم يحذروني من المخالفات القانونية أو ما هو حق لي وما هو علي بل بدأوا لي من هذه الفئة السعيدة التي توفرت لها كل شروط الحياة الكريمة. يقول خبير علم الاديان السيد أحمد حسين في كتابه الاسلام والايمان مبتدأ بتفسير الديانات القديمة وصولا الى الاسلام : أن سبب الاهتمام الشديد والرعاية والحب التي تحضى بها الكلاب في هولندا يعود الى قرون خلت عندما عبد أجدادهم هذه الشريحة الحيوانية وظل حب الكلاب في نفوسهم عالقا من معتقدهم ذلك ) هذا راي العالم المصري و مع احترامي له فانني أختلف معه في الرأي ، فأنا أرى أنه عندما فاضت حقوق الانسان على هذا الاخير استفادت منها الحيوانات وخصوصا الكلاب، هذا رأيي لكن الهولنديين لهم راي آخر فانهم يرون الكلب خير أنيس والوحيد الذي يغار ويدافع على صاحبه والوحيد من بين بني آدم الذي لا يخون أو يغدر ) ولهم الحق في ذلك فأبناء الهولنديين ذكورا واناثا يغادرون بيوت والديهم مع بلوغ سن الثامنة عشر ، وقد يرونهم بعد ذلك أو قد لا الى حين وفاتهم ، وعندما يمرضون فان كانوا من المحضوضين فسيزورونهم مرة ثم يغيبون وعندما يهرمون ويشيخون يدفعون بهم الى دور العجزة . أما زوجاتهم أو عشيقاتهم لأن الزواج بينهم لم يعد موجودا مثل السابق ويلجأون اليه الى أن تنتهي فترة الشباب اذ استبدلواه ( بالعيش معا رسميا) فأنهن قد يخن أزواجهن مع أي شخص أو قد يغادرون أزواجهن بالعبارة التالية ( اعذرني فان الحب الذي كان بيننا قد انتهى وقد وجدت من هو أفضل منك وداعا ) هذا هو الانسان الاروبي المتحرر من جميع القيود ويحب أن يعيش هكذا دون قيد لكن الكلب لا يفعل هذا أبدا مهما كانت الضروف لذا فالاعتناء به وتكريمه غاية الاكرام تأتي كمقابل على وفائه وحبه الشديد لصاحبه وترى مع كل رجل أو امرأة هولندية كلب أو اثنان أوثلاثة في بيت واحد كلاب جميلة من مختلف الالوان والاشكال صغيرة الحجم ومتوسطة وكبيرة مثل الاسد بعضها برؤوس جميلة وبعضها الآخر رؤوسها تشبه رؤوس الخنازير، لكن الشيء الجامع بينها جميعا هو الالفة والسلم ،لا يعرفون للاعتداء أو الهجوم أو العض معنى ، عكس الكلاب عندنا فهي عدوانية ومخيفة ، وتشير الاحصائيات مثلا في المغرب آلافا من الناس سنويا يصابون وبعضم يموتون جراء عضة كلب مسعور، هذا النوع لا وجود له هنا, ولا مجال للمقارنة فذاك يعيش متسكعا ومتشردا ويقتات على فضلات الانسان ،أما الكلب الهولندي فيتمتع بحق التطبيب وسيارة اسعاف خاصة بالحيوانات وأطباء أكفاء وعيادات خاصة ويتوفر على الجنسية الهولندية وجواز السفر ويحمل اسما وحقوقا مصونة عكس العديد من الالاف من المواطنين المسلمين والاجانب الذين يفتقرون الى وثائق اقامة أو الى حقوق موازية مع حقوق الكلاب وللتذكير فهذا المخلوق المكرم لا يقتات على فضلات الهولنديين سعادته يتناول اللحم الصافي ومأكولات عصرية مخصصة له في المتاجر الكبرى تجد مكانا خاصا بالكلاب فيه العديد من أنواع المأكولات التي يتناولها سيادته وأنواع الحلوى الخاصة به والمشروبات بالاضافة الى وسائل النضافة وتنضيف الاسنان وغيره ، كل شيء متوفر له بل الادهى من هذا أنه يحل لسياته ما لايحل للضيف أو الزائر من أفراد العائلة، فهو ينام في فراش صاحبه ويجلس على كرسيه ويستعمل جميع أدواته بالاضافة الى أنه ان تخلص من فضلاته في الشارع العام فان صاحبه سينحني سواء كانت امرأة جميلة أو رجلا ثم يجمع فضلات سيادته دون حياء أوخجل هذه أمور طبيعية في بلاد تعيش فيها الكلاب سواسية في الحقوق مع الانسان بل أكثر وعندما يموت أو ينتهي أجله فان صاحبه يشيعه في جنازة مهيبة ويبكي عليه بكاء لا يبكيه في أبنائه ويتلقى العزاء على الفقيد العزيز فيا ترى كيف نال هذا المخلوق كل هذا العز وأي زمن هذا الذي يكرم فيه الكلاب ويهان ويستفز فيه المسلمون والعرب والاجانب وشعوب العالم الفقير حقا أنه زمن الكلاب .
[email protected]










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نقاش | اليمن يصعد عملياته للمرحلة الرابعة إسناداً لغزة ... و


.. لحظة اعتقال قوات الاحتلال حارس القنصل اليوناني داخل كنيسة ال




.. حملة أمنية تسفر عن اعتقال 600 متهم من عصابات الجريمة المنظمة


.. لبنان وأزمة اللاجئين السوريين.. -رشوة- أوروبية أم حلول ناقصة




.. وقفة لرفض اعتقال ناشط سياسي دعا لا?سقاط التطبيع مع الاحتلال