الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف نعالج مشكلة الفقر؟

فهمي الكتوت

2014 / 11 / 23
الادارة و الاقتصاد


يحتفل العالم في 17 أكتوبر من كل عام باليوم العالمي للقضاء على الفقر. التزامًا بقرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة رقم (47/196) لعام 1993، وتقول الأمم المتحدة إنّ الهدف من هذا اليوم، تعزيز الوعي بشأن الحاجة إلى مكافحة الفقر والفقر المدقع في كافة البلدان. على الرغم من المساعدات التي تقدمها المنظمات الدولية لمعالجة قضايا الفقر إلا أن هذه المساعدات المتواضعة لم تحل مشكلة الفقر، فقد اتسعت مساحات الفقر في السنوات الأخيرة وخاصة بعد الأزمة المالية والاقتصادية التي شهدها العالم في عام 2008.
الاحتفالات البروتوكولية السنوية التي تحييها الأمم المتحدة لا تقدم حلولا سحرية للفقراء، فإنّ محاربة الفقر تحتاج لإجراءات محددة وملموسة، تتطلب وجود حكومات ديمقراطية منتخبة تعبر عن إرادة الشعوب المقهورة، وتتمتع بالإرادة السياسية التي تمكنها من استئصال "شأفة الفقر" وتحقيق العدالة الاجتماعية، وذلك بتحقيق برنامج تنموي اقتصادي اجتماعي، وإصدار القوانين والأنظمة الدستورية التي تعتبر "العمل والرعاية الصحية والتعليم والسكن حقا للجميع"، وتسخر موارد الدولة لتحقيقها.
لقد ارتفعت نسبة الذين يعانون من الفقر المدقع على المستوى العالمي في البلدان الأقل نموا من 13.9% عام 1990 إلى 21.6% عام 2012، وازداد عدد الفقراء الذين يعيشون تحت خط الفقر ليصل عددهم 2.2 مليار إنسان، ووفق القانون الرأسمالي كلما ازداد عدد الفقراء ازدادت ثروة الأغنياء، ففي 31 ديسمبر 2013 ازدادت ثروة أغنى المليارديرات في العالم بمقدار 524 مليار دولار، لتصل القيمة الإجمالية لثروات 300 من أغنى أغنياء العالم إلى 3.7 تريليون دولار، وفقاً لما أوردته وكالة بلومبيرغ. أي ثلاثة أضعاف الناتج المحلي للهند التي يبلغ عدد سكانها 1.244 مليار نسمة.
يقول الاقتصادي الفرنسي توماس بيكتي في كتابه الجديد (رأس المال في القرن الحادي والعشرين) إن نظم الضرائب المطبقة في العالم تزيد الأغنياء غنى. مطالبا بتعديل جذري في نظم الضرائب وفرض ضريبة عالمية تتخطى الحدود على الثروات.. ويتنبأ الاقتصادي الفرنسي بثورة عالمية بسبب عدم المساواة مبعثها اتساع الفجوة بين الدخول، وهي الفجوة التي يرى أنها تزداد حدة لعدة أسباب بينها نظام الضرائب المختل وتعاظم الثروات الناتجة عن المضاربات المالية وظهور ما يسمى بالاقتصاد الجديد الذي أتاح دخولا هائلة للعاملين والمتنفذين في شركات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
إن غالبية فقراء العالم من الدول النامية وفي عدادها البلدان العربية، ويعاني حوالي ربع سكان الوطن العربي من الفقر، وفقاً للتقرير العربي للأهداف الإنمائية للألفية لعام 2013 الذي أعدّته الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، فإن معدل الفقر في المنطقة العربية ارتفع إلى 23.4% في عام 2013 وقد سجلت المنطقة العربية أقل المناطق تقدما في تخفيض نسبة الفقر المدقع بين عامي 1990-2010 مقارنة مع الدول النامية. فإحصائيات البنك الدولي تشير إلى أن 11 مليون شخص يعيش في العالم العربي على أقل من دولار واحد في اليوم وهو ما تصنفه الأمم المتحدة باعتباره "فقرًا مدقعاً". ويشير الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد) إلى أن الفقر في اليمن يؤثر على نحو 42 بالمائة من سكان البلاد، وتزيد نسبة الفقر في مصر أكبر البلدان العربية عن 25 بالمائة، وإن ثلثي السكان في صعيد مصر يعانون من الفقر، وفي لبنان تصل النسبة إلى 28.6 بالمائة. وحتى في بلد نفطي مثل العراق تبلغ نسبة الفقر 18.9 بالمائة، وتفيد أرقام دائرة الإحصاءات الأردنية أن 44% من الأسر الأردنية يقل دخلها عن 500 دينار شهريا وهو الرقم الذي يلامس خط الفقر في الأردن.
ما زالت معظم الدول النامية تعاني من تداعيات حقبة الهيمنة الاستعمارية المباشرة، وما خلفته من اقتصادات ضعيفة مشوهة، ونظم بوليسية طاغية غارقة بالفساد والاستبداد، حكمت شعوبها بالقمع والإرهاب، فالبلدان العربية التي حصلت على "استقلالها السياسي" من وجهة النظر الرسمية، بمعنى أن لها حكومات وتمثيلا دبلوماسيا مع دول العالم، وحق التصويت في الأمم المتحدة، ما زالت شعوبها تعيش في ظل اقتصادات ريعية كما خلفها الاستعمار القديم، وبقية اقتصاداتها خاضعة للتبعية، ولم تستثمر مواردها الضخمة بإنشاء اقتصادات إنتاجية، توفر فرص عمل للمواطنين بدلا من استحداث وظائف حكومية ثانوية وخلق بطالة مقنعة برواتب لا توفر الحد الأدنى للعيش، أو تقديم المعونات الاجتماعية التي لا تسد الرمق، هذه السياسات التي رسمتها الدوائر الاستعمارية ونفذتها الحكومات المحلية شكلت عبئا على موازنات هذه الدول، فهي لم تحل مشكلة البطالة، وأغرقت البلدان الفقيرة بالمديونية. وأصبح الفقر أكثر بؤسا وإيلاما، بعد الخضوع لإملاءات صندوق النقد والبنك الدوليين.
من هنا يمكن التعرف على الأسباب الحقيقية للثورات الشعبية التي شهدها الوطن العربي، والتي تتلخص في الفقر والبطالة والفساد والاستبداد. والأسباب الكامنة وراء إجهاضها في الإبقاء على المنطقة العربية تابعة لنفوذ المراكز الرأسمالية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أميركا رأس الإمبريالية
ماجد الفحام ( 2014 / 11 / 23 - 05:04 )
أميركا رأس الإمبريالية تخلت عن حسني مبارك بعد أن قتل 800 مصرياً
ولم تتخلى عن بشار الأسد قائد مقاومة الإمبريالية وربيبتها الصهيونية قبل قتله 80000 سورياً

فكيف تفسر ذلك أخي فهمي ؟؟


2 - رد على السيد ماجد
فهمي الكتوت ( 2014 / 11 / 23 - 07:40 )
من المعروف ان المؤسسة العسكرية تتمتع بسلطات واسعة في البلدان النامية في ظل
غياب المؤسسات الديمقراطية. وان بنية المؤسسة العسكرية وولاءاتها تختلف من بلد لاخر، كما ان الامبريالية لا تتمسك عادة في حليف خاسر كما جرى في مصر، فهي تتظاهر بأنها لا تقف في وجه المطالب الشعبية. املا منها في الحفاظ على مصالحها. اما في سوريا فهي غير معنية بوقف المجازر وتدمير الدولة السورية، على العكس من ذلك انها تدفع سوريا نحو الانهيار، دون خسائر في صفوفها او
صفوف العدو الصهيوني.

اخر الافلام

.. الأسبوع وما بعد | قرار لبوتين يشير إلى تحول حرب أوكرانيا لصر


.. بنحو 50%.. تراجع حجم التبادل التجاري بين تركيا وإسرائيل




.. العربية ويكند الحلقة الكاملة | الاقتصاد مابين ترمب وبايدن..و


.. قناطير مقنطرة من الذهب والفضة على ضريح السيدة زينب




.. العربية ويكند | 58% من الأميركيين يعارضون سياسة بايدن الاقتص