الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحملة الحالية ضد الفكر الإرهابي جاءت متأخرة

منعم زيدان صويص

2014 / 11 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


لاحظنا في الآونة الأخيرة في وسائل الإعلام بداية ما يُشبة الحملة المنظمة ضد الإرهاب والتطرف، فسقف المقالات والتقارير التي تبحث في خطورة الفكر الإرهابي والمتطرف إرتفع، كمّا ونوعا، والتلفزيونات الرسمية تقدم برامج خاصة عن التطرف وتصريحات ومقابلات مع شخصيات عامة ورجال دين بهدف إنتقاد المتطرفين وشرح مساوىء التعصب والإرهاب المبني على أفكارهم، وإدانة من يخدعهم ويطور لهم هذه الأفكار. وقد لاحظ المراقبون حديثا أن وسائل الإعلام العالمية مثل (BBC) و (CNN) ورويتر وغيرها بدأت تتوسع في تقاريرها عن الإرهاب والتطرف وتنتقد، بلا تردد، وعلى غير عادتها، حركات الإسلام السياسي في المنطقة.

والحقيقه أن حملة كهذه كان يمكن أن تكون أكثر نجاعة وفاعلية لو بدأت منذ التسعينات من القرن الماضي عندما ظهرت حركة طالبان في باكستان وأفغانستان، لأننا نعرف أن هذه الحركة الطلابية ( طالبان هي صيغة الجمع باللغة الأردية لكلمة طالب) بُنيت على مبادىء الإسلام السياسي التي طورها منظّرون إسلاميون من المنطقة العربية، بالإضافة إلى أفكار منظمة القاعدة المبنية على ما يؤمن به بن لادن والظواهري وغيرهما والمستمدة من تعاليم سيد قطب وأبو الأعلى المودودي. وسنكون عادلين إلى أبعد الحدود في حكمنا على بعض حركات الإسلام السياسي ونفترض أنها ربما لم تكن تتوقع أن نظرياتها وتعليماتها ستؤثر على الشباب بهذه السلبية التي أنتجت القاعدة وداعش والنصرة وبوكو حرام ومئات المنظمات الأخرى، التي تتوالد وتنقسم مثل الأميبا وتدمر الفكر السوي لدى الشباب، وحياتهم في نهاية الأمر.

نعرف كيف دعمت الولايات المتحدة في عهد ريغان الثورة الأفغانية ضد الحكومة الشيوعية والإحتلال السوفييتي لأفغانستان، ونتج عن ذلك أنْ خسر السوفيت الحرب، وفي النهاية خسروا المواجهة مع الغرب بانهيار الإتحاد السوفييتي. وكان دعم ريغان، الذي وصل بالنتيجة إلى أيدي المحاربين من الأفغان العرب، بالفعل دعما للإرهاب وأدى إلى الفوضى والإحتراب في أفغانستان، مما حدا ببعض المحللين العرب أن يستنتج أن القاعدة هي صنيعة الولايات المتحدة. وفي عام 1996 أسست طالبان الإمارة الإسلامية واعترفت بها باكستان وتلتها المملكة العربية السعودية، ولكن البلدين سحبا الإعتراف لاحقا بضغط أمريكي. وتقول بعض التقديرات أن السعودية صرفت على المنظمات الافغانية 19 مليار دولار خلال الحرب ضد السوفييت، وهو مبلغ هائل بحسابات تلك الفترة. والآن تشكل باكستان أكبر عدو لطالبان، وأضحت السعودية والدول الأخرى في الجزيرة العربية ومصر ألدّ أعداء جماعة الإخوان المسلمين والتي أصبحت، هي وتنظيمها الدولي، مطاردة في بلدان إسلامية وأجنبية عديدة.

في عام 1998 هاجمت القاعدة السفارتين الامريكيتين في كينيا وتانزانيا وقتل في الهجوم 80 شخصا منهم ثمانية أمريكان، ولم تتخذ الدول العربية أي موقف من هذه الهجمات، وفي السنوات التي تلت بدأت القاعدة نشاطات تخريبية في اليمن والعراق والسعودية وشمال إفريقيا والصومال ومناطق أخرى من العالم ولكن الدول العربية لم تتخذ أية تدابير ناجعة، وعالجت الأمور بطريقة سطحية، وركزت على إستخدام العنف، ولم تعالج التفكير الإرهابي ككل التي تَبني عليه القاعدة سياساتها. ووصلت هجمات القاعدة قمتها في 2001، عندما نفذ عناصرها هجوما خطيرا على الولايات المتحدة. ولم تحرك الدول العربية ساكنا، معتبرة أن ذلك لا يعنيها، وبعض الكتاب والمحللون العرب أراحوا أنفسهم من المسؤوليه بالإدعاء أن المخابرات الأمريكية خططت للهجوم. ولم تتخذ أي من الأنظمة العربية أية خطوة للبدء بإصلاح التعليم وإبعاد طلاب المدارس والجيل الجديد عن هذه الأفكار. وكان الشباب الذين يشكلون حاليا غالبية الجيوش الإرهابية، أطفالا وبعضهم لم يكن ولد بعد عندما تسلم خبراء الأسلام السياسي مناهج التعليم وتربية النشء الجديد في الدول العربية، وهذا يعني أننا يجب أن ننتظر عقدين من الزمان حتى يكبر هؤلا الشباب ويدخلوا في سن الكهوله والحكمة ليكتشفوا هذه الأفكار على حقيقتها ويعرفوا أن الذين لقنوهم إياها إستغلوهم واستعملوهم لأهداف سياسية وأنانية.

ألم يكن من الأفضل والأجدى أن نبدء حربنا على الإرهاب منذ هجوم القاعدة على نيو يورك في 11 أيلول 2001 أو حتى قبل ذلك؟ ألم يكن من الأفضل والأجدى أن نبدأ بمواجهة الإرهاب عندما قامت طالبان بهدم تمثال بوذا الهائل في أفغانستان، وهو عمل موغل في التخلف والجهل؟ أما كان علينا أن نتوقع أن الآثار المصرية القديمة ربما تواجه نفس المصير؟ ألم ينادي بعض الإسلاميين في مصر بتدمير الآثار الفرعونية؟ ألم نرَ التدمير الذي أنزله المحاربون الإسلاميون بمعالم الحضارة والمدنية في العراق وسوريا، ومنها تراث إسلامي؟

قبل الغزو الأمريكي لأفغانستان في آذار 2001، كانت حكومة طالبان تهدد بتفجير التمثال الهائل لبوذا، وثار العالم المتمدن على هذا التهديد، فذهب الشيخ يوسف القرضاوي على رأس وفد من كبار علماء المسلمين ليحاول إقناع حكومة طالبان بالعدول عن عزمها تدمير التمثال. وتبين لاحقا أنه ذهب ليشد على أياديهم، فقد امتدح القرضاوي طالبان ولم يعارض تدمير التمثال، قائلا انه شرح لزعماء طالبان انه يتفق معهم على مبدأ الهدم "ولكنى قلت لهم أن الظرف غير مناسب."

ألم يكن من الأفضل والأجدى أن نبدأ حربنا على الإرهاب والفكر التكفيري عندما هاجم المتطرفون، الذي ولدوا للتو من رحم جماعة الإخوان المسلمين في مصر، سياحا ألمان في الأقصر في 17 تشرين الثاني 1997 وذبحوا بالسكاكين 62 سائحا؟ ألم يقتل الإرهابيون 88 سائحا في شرم الشيخ عام 2005؟ ألم يقتلوا 60 شخصا في هجماتهم على فنادق عمان قبل 9 سنوات؟ ألم يُدمر من وُصفوا بمسلحين إسلاميين جوامع وأضرحة لأولياء مسلمين في تمبكتو في شمال إفريقيا والتي أدرجتها اليونسكو على لائحتها للتراث العالمي المعرض للخطر؟

كل عمل من هذه الإعمال الإرهابية الفظيعة كان يصلح كنقطة بداية لمعالجة جدّية للإرهاب. كان علينا أن نبادر بمقاومة الفكر التكفيري ومحاربة الإرهاب قبل أن يهاجمنا في عقر دارنا. ألا يليق بنا أن نبدأ بإصلاح أنفسنا قبل أن نطلب من الآخرين أن يصلحونا؟ ألم يكن علينا أن نمارس النقد الذاتي قبل أن يبدأ العالم بانتقادنا؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أميركية جديدة على إيران تستهدف قطاع الطائرات المسيرة


.. ماكرون يدعو لبناء قدرات دفاعية أوروبية في المجالين العسكري و




.. البيت الأبيض: نرعب في رؤية تحقيق بشأن المقابر الجماعية في قط


.. متظاهرون يقتحمون معهد التكنلوجيا في نيويورك تضامنا مع جامعة




.. إصابة 11 جنديا إسرائيليا في معارك قطاع غزة خلال الـ24 ساعة ا