الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سعدي يوسف بين مصر العرب وعراق العجم: لا مكان لنا من يحكمون هنا فرس وكرد

سامان نوح

2014 / 11 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


أقِم اينما شئت وامدح من شئت.. لكن ليس لك أن تقرر من له الحق في ان يعيش ويحكم هنا
هذا الرجل شاعر كبير، لا خلاف على ذلك، لكن مواقفه ومنذ سنوات طويلة، مثيرة للدهشة حينا والسخرية حينا آخر، فهي مخزية سياسيا، وصادمة انسانيا، ومربكة ثقافيا، وتنم معرفيا عن جهل كبير بالوقائع على الأرض، وعن طائفية عدائية في بلد الطوائف.
بالتأكيد الرد على سعدي يوسف لا يتم عن طريق حرق كتبه، فهذا امر معيب وفعل غير حضاري.. وحتى نقده فكريا او ادبيا لا معنى له، فالرجل تجاوز مسألة الاتزان بمراحل ولم يعد ما يكتبه محل نقد ثقافي او رد علمي، ولا حتى محل عتب انساني، افضل ما يمكن فعله هو تجاهل مايكتبه.
الرجل يدافع عن "مصر العروبة" اليوم وهذا من حقه، يدافع عن مصر الانقلاب العسكري، مصر التي لا يجرؤ فيها صحفي اليوم على انتقاد ليس رأس الحكومة او الدولة بل غفير في محطة بعزبة نائية، مصر التي تأن من مصادرة الحريات وعلى رأسها حرية التعبير حتى صارت افواه الاعلاميين تكمم بقرارات رسمية ونقابية وصارت الكتب تصادر والصحف تسحب من المطابع بينما "الكتاب" يصفقون، مصر التي لا تتحمل اليوم برنامجا فكاهيا طالما كان منبرا لمهاجمة المسؤولين في زمن مرسي، مصر التي وصفها بالامس (17-11) الأديب المصري يوسف زيدان بالقول انها "مصر المنكوبة" معلنا اعتزاله للكتابة الأدبية والمشاركة الثقافية في أي فعاليات ثقافية مصرية أو عربية احتجاجا على تعيينات في مواقع ثقافية تثير الصدمة والدهشة.
فيما يصف سعدي العراق بانه "عراق العجم"، وانه عراق "الفرس والكرد" الذي لا مكان له فيه، العراق الذي وصلت سقوف الحرية فيه الى حد شتم رئيس الحكومة صباح مساء، العراق الذي يحتاج الى كل اصوات ابنائه من اجل انقاذه من دوامة العنف وهجمات الارهاب المتوالية، والى ثقافة البناء والمراجعة والتصحيح في مواجهة ثقافة القتل والهدم والاتهام والرحيل.
العراق الذي لم يعد هناك فيه شيء ممنوع، الا ما تمنعه طبعا سلطة المليشيات الخارجة عن يد الدولة، العراق الذي تتسابق الفضائيات فيه كما المواقع الألكترونية بفضح قياداته ونوابه ان أخطأوا وينصبون لهم المشانق حتى قبل ان يحاكموا.
العراق الذي تؤسس فيه الصحف والنقابات والمنظمات والمؤسسات دون حتى انتظار رأي السلطة، العراق الذي يؤمن للجميع على الأقل دستوريا حق الشراكة في الحكم والراي والرفض والقبول. العراق الذي رغم حجم الويلات فيه بفعل الاموال والأجساد المفخخة القادمة من وراء الحدود، يشهد انتخابات منظمة وعملية تبادل للسلطة وبرلمان حي رغم ضعفه لكن وجوده نادر وسط طوفان الدكتاتوريات الاقليمية العروبية والقومية... العراق الذي فيه مؤسسات قابلة للتطوير وقضاء يمكن تقويته، اذا وقف المثقفون والمواطنون موقف التصويب والتعديل والتقويم وليس موقف النسف والتدمير الذي يريدنا السعدي وغيره العمل به.
العراق بلد الانفتاح والاجتهاد حتى في خضم الأزمات، هو ليس لمذهب واحد ولا لدين واحد، وهو بلد الأعراق فهو ليس للعربي وحده، بل هو للآخرين جميعا وفق عقد الشراكة الانسانية وعقد الحقوق المكتسبة وعقد التفاهمات الوطنية، وعقود التعايش الحضارية.
اقم ايها السعدي اينما شئت وقل ما شئت، لكن ليس مسموحا لك ولا لغيرك ان يقرر من له الحق في ان يعيش هنا ومن له الحق ان يحكم هنا، فهذا ليس بلد الشعب الواحد ولا بلد الحزب القائد، هنا الجموع والشعوب تتشابك وكثيرا ما تتمازج، هنا الاقوام والأديان والمذاهب تتحاور وتتجاذب وتتصارع، هنا الكرد والعرب والترك وان شئت حتى الفرس فوجودهم على هذه الأرض ليس وليد اليوم او الامس القريب، هنا العراق بشقيه عراق العرب والآخرين.
تنويه: كتب سعدي يوسف، تحت عنوان "مصر العروبة وعراق العجم" مقاطع من النثر المكثف، يقول فيها ان مصر اليوم بمثقفيها وحاكميها هي للعرب والعروبة،وان العراق انتهى لحاكمين من الفرس والكرد، وان "الأغلبية العربية نفيت في أرضها التاريخية"، متسائلا "مامعنى أن تُستقدَم جيوشٌ من أقاصي الأرض لتقتلَ عرباً عراقيّين؟".
تنويه: ردا على قصيدة السعدي، دعا كتاب عراقيون الى حرق كتب السعدي ودواوينه في حملة ستُنظم يوم الجمعة المقبل بشارع الثقافة الاول في العراق وربما المنطقة، شارع المتنبي، فيما رفض آخرون ذلك الفعل مؤكدين وجوب نقد ما يكتبه السعدي وليس حرقه.
-----------------------------------
مصرُ العروبةِ... وعراقُ العجَم !
سعدي يوسف
من مصر تأتيني الحقائقُ ملموسةً. أصدقائي من أهل الثقافةِ الحقّ، يأخذون مكانَهم ومكانتَهم:
محمد بدوي، في " فصول ".
محمد شُعَير، في " عالَم الكتُب ".
سعد القرش، في " الهلال ".
إبراهيم داود، في " الأهرام ".
رفعت سلام، في دائرة الترجمة بالهيأة المصرية العامة للكتاب.
أحمد مجاهد، يدير الهيأة المصرية العامة للكتاب...
جمال الغيطاني، يتفضّلُ على " الأخبار " بفيضٍ منه.
أحمدعبد المعطي حجازي يغرِّدُ طليقاً !
(لستُ مؤرِّخاً لأحصي ! )
لكنّ عليّ القول إني ابتهجتُ بجابر عصفور وزيراً للثقافة في جمهورية مصر العربية.
*
كلما دخلتُ مصرَ أحسسْتُ بالعروبة، دافقةً...
ليس في الأفكار.
العروبةُ في المسْلكِ اليوميّ.
أنت في مصرَ، عربيٌّ... هكذا، أنت في مصر عربيٌّ، لأن مصر عربيةٌ. ولأنّ أي سؤالٍ عن هذا غير واردٍ.
الأمرُ مختلفٌ في أراضٍ أخرى.
السؤالُ يَرِدُ في بلدانٍ مثل الجزائر والمملكة المغربية وموريتانيا، والسودان، ولبنان أيضاً، على اختلافٍ في المستوى.
لكن هذا السؤال، في هذه البلدان، ذو مستوىً ثقافيّ أركيولوجيّ. هو سؤالُ هويّةٍ وتاريخٍ.
في العراق اختلفَ الأمرُ.
وربّتما كان مختلفاً منذ دهرِ الدهاريرِ.
هل العراق عربيٌّ ؟
يرِدُ تعبير "شيخ العراقَين" عن فقهاء أجمعَ الناسُ عليهم.
يعنون: عراق العرب
وعراق العجم.
*
الدولة الحديثة، بتأسيسِها الأوربي، الاستعماري، ليست دولة الفقيه.
هي دولة ٌ لإدارة كيانٍ جغرافيّ ( قد يكون متعددَ الإثنيّات، وقد لايكون ).
لكن العراق ليس مستحدَثاً.
اسمُ العراق آتٍ من أوروك !
إذاً...
مامعنى السؤال الآن عن أحقيّة العراقِ في دولةٍ جامعةٍ ؟
مامعنى أن يتولّى التحكُّمَ في البلدِ، أكرادٌ و فُرْسٌ ؟
مامعنى أن تُنْفى الأغلبية العربية عن الفاعلية في أرضها التاريخية ؟
مامعنى أن تُستقدَم جيوشٌ من أقاصي الكوكبِ لتقتلَ عرباً عراقيّين ؟
ما معنى أن تكون اللغة العربية ممنوعةً في إمارة قردستان عيراق البارزانية بأربيل ؟
*
إذاً: نحن في عراق العجم !
*
سأسكن في مصر العربية !
لندن 15 / 11 / 2014








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس الأوكراني: الغرب يخشى هزيمة روسيا


.. قوات الاحتلال تقتحم قرية دير أبو مشعل غرب رام الله بالضفة




.. استشهاد 10 أشخاص على الأقل في غارة جوية إسرائيلية على مخيم ج


.. صحيفة فرنسية: إدخال المساعدات إلى غزة عبر الميناء العائم ذر




.. انقسامات في مجلس الحرب الإسرائيلي بسبب مستقبل غزة