الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
أنموذج إسقاط أنصاف الدول -- بداية مرحلة متقدمة لإعادة هندسة الشرق الأوسط --
علي بشار بكر اغوان
2014 / 11 / 23السياسة والعلاقات الدولية
عندما وعت القوى الكبرى على نفسها و أدركت ذاتيتها على ان اي صدام فيما بينها سيؤدي الى خسارة جميع الأطراف المشتركة في توازن القوى العالمي ، وقعت هذه القوى بحراجة كبيرة لاسيما فيما يخص قضايا استدامة الصراع و إدارته ، على ذلك نقب مفكرو و محترفو الإستراتيجية و الأمن القومي لإيجاد حالة جديدة من حالات الصدام ، لا تؤثر كثيراً على مصالح هذه القوى ، فنتج بعد الحرب العالمية الثانية فكرة الحرب بالنيابة ، التي لا تصطدم فيها مصالح القوى الكبرى بصورة مباشرة (على وفق طريقة المقامرة بمال الآخرين) ، بعدها تطور هذا المفهوم ليتسع كثيراً لاسيما عندما أدركت الدول او الأطراف التي هي (أداة في هذه الحرب) (اقصد هنا الدول الصغرى) و عرفت نفسها انها مجرد وقود لمصالح القوى الكبرى ، تم التفكير في خلق جماعات مسلحة كانت ذات إطار إقليمي في البداية (موزعة هنا و هناك) من ثم أصبحت ذات إطار عالمي بعد 11/ أيلول /2001 ، هذه الجماعات يمكن قيادتها و السيطرة عليها (نسبياً) من قبل القوى الكبرى و توجيهها في الاتجاهات التي تتفق مع مصالحها من ناحية و من ناحية ثانية تحافظ القوى الكبرى على مبادئ حقوق الإنسان و الديمقراطية الأخلاقية و القانون الدولي و المواثيق و المعاهدات الدولية التي تؤمن بها و تحاول تصديرها للعالم ، بيد ان هذه القوى الكبرى من تحت الطاولة هي التي تدعم و تمول هذه الجماعات المسلحة ذات الأبعاد العالمية و التي لا يمكن محاسبتها و لا حتى الاعتراض على أعمالها أمام المحاكم الدولية ولا يمكن تجريمها قانونيا او أخلاقياً . لكي تبدو لنا الصورة ان القوى الكبرى تحارب هذه الجماعات المسلحة باسم حقوق الإنسان و الديمقراطية و على وفق قواعد القانون الدولي و المبادئ الأخلاقية ، في حين بالأساس هي التي خلقت هذه الجماعات و هي التي وجدتها .و يجب ان يكون لهذه الجماعات المخلوقة من قبل هذه القوى (اطار و وسط أيديولوجي) و للأسف كان الإسلام هو هذا الغطاء .
على مر وجود الولايات المتحدة الأمريكية ، كان و لا يزال صانع القرار يبحث في ثنايا و بطون التاريخ لكي يجد لنفسه مخارج مسوغة لاتخاذه قرار ما او لبناء إستراتيجية بعيدة المدى تمكنه من الوصول الى غاياته ، و هذا ما فعله اغلب رؤساء الولايات المتحدة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية حتى الآن ، اذ كانت عملية بناء أنموذج استراتيجي يتسق مع أهدافها هي الطريقة التي سار عليها جميع الرؤساء الأمريكان .
و بقدر تعلق الأمر بما تمر به الآن بيئة الشرق الأوسط الإستراتيجية ، ان المتابع للإستراتيجية الأمريكية يجب ان يلاحظ في المرحلة الحالية (عام 2014) حدوث تغيير ملحوظ (تكتيكياً) في تعاملها مع المنطقة و أنظمتها و شعوبها ، و هذا الأمر بدأ منذ ان أصبح لسوريا جزئين ، جزء للنظام و جزء للتنظيمات المسلحة(أنموذج إسقاط أنصاف الدول) ، من ثم أصبحت ثلاثة أجزاء فيما بعد ، جزء للنظام و جزء لقوات الدولة الإسلامية و جزء لما تسميه الولايات المتحدة بالمعارضة المسلحة المعتدلة ، هنا أصبح صانع القرار الأمريكي يفكر بتعميم هذا الأنموذج و تصديره . و فعلا تم ذلك في العراق تحديداً منذ 10/6/2014 عندما سقط جزء منه و أصبح خارج نطاق كل شيء ، اي اصبح جزئين ، و لم يبقى الا الجزء الثالث الذي تحدث عنه الرئيس اوباما في خطابه يوم 11/9/2014 و الذي تضمن افكار لدعم أطراف معتدلة مسلحة - الجيش العراقي و قوات محلية خارج إطار وزارتي الدفاع و الداخلية العراقية مثل الحشد الشعبي و قوات الحرس الوطني- يمكن ان تقاتل تنظيم الدولة الإسلامية في العراق عبر تسليحها و تدريبها و تمويلها و دعمها بغطاء جوي ، كما استبعد الرئيس اوباما في خطابه إمكانية ارسال قوات برية في هذه الأيام ، لكن ما يمكن ان نثبته فيما يخص وضع العراق هو ان الأطراف التي ترغب بدعمها الولايات المتحدة هو الجيش العراقي الذي يجري الآن إعادة هيكلته و تنظيمه من جديد ، لكن هذا الامر جعل من العراق مرتعاً للميليشيات خارج اطار وزارة الدفاع و الداخلية التي بدأت تأخذ شرعيتها بعد انهيار الجيش و أصبح وجودها لدى البعض ضرورة ملحة لكي تقوم بما لم يستطع ان يقوم به الجيش .
أنموذج إسقاط أنصاف الدول و ليس جميعها كما حدث في تونس و مصر و ليبيا هو أسلوب جديد تطبقه الولايات المتحدة الآن في منطقة الشرق الأوسط و هي تسعى عبر هذا التكتيك الى جعل المنطقة تتداعى و تنهار إقليمياً و تتكون بعدها كيانات جديدة ذات أبعاد قومية و مذهبية و دينية جديدة ، هذا الأمر مكن الولايات المتحدة بأن تحقق العديد من الأهداف على نطاق الاقتصاد "النفط" و تسويقه ، إضافة الى إمكانية إحداث تدخل في المنطقة عسكرياً عبر توفير غطاء جوي و هذا الأمر ممكن ان يمهد لحرب شاملة تدخل فيه المنطقة بأكملها خصوصا بعد إعلان تحالف القوى الإقليمية و الدولية لمحاربة الدولة الإسلامية ، لكن ما يمكن تثبيته اقتصاديا، ان المصالح الأمريكية التي يروج لها البعض أنها في خطر ، واقع الحال يشير عكس ذلك ، اذ ان الولايات المتحدة كانت تشتري برميل النفط بــ 100 الى 110 دولار قبل سقوط الموصل و المحافظات الثانية من العراق ، اما الآن فهي تشتري نفس النفط من نفس البلد (بطريقة غير مباشرة و غير رسمية) بأقل من 40 دولار عبر تركيا أو عبرة سماسرة غير دوليين(ارهابيوا النفط) يشترون النفط بطريقة مباشرة و يقومون بتصديره عبر سفن عملاقة تابعة لشركات نفطية عالمية .
ان أنموذج انهيار أنصاف الدول و خلق و استدامة وجود خواصر رخوة فيها كما حدث في سوريا و العراق و ليبيا و اليمن و ربما حتى لبنان و مصر يجعلنا و بصورة ملحة الآن إعادة النظر ملياً و جدياً بنظريات الأمن القومي التقليدية و غير التقليدية ، من ثم الخروج بخلاصات فكرية جديدة ما وراء التقليدية لاسيما في المنطقة العربية ، لأن الأمن لم يعد مجرد مؤسسات و أجهزة و رجال و اقمار صناعية و كمبيوترات ، الأمن أصبح الآن امن المعرفة و اكتناز المعلومة الصحيحة و طلائها بالقرارات الناجعة التي تتناغم مع الإستراتيجية الشاملة العليا للدولة ، و هنا انا أتحدث عن (الدول كاملة الأهلية و القرار على ذاتها) و ليس عن العراق و اليمن و ليبيا و سوريا .
الأمن عملية تراكمية
الأمن عملية فكرية نظرية قبل ان يكون عملية تطبيقية
الأمن عملية إنسانية تتعلق بكيانه
الأمن معلومة دقيقة
الأمن قرار صحيح في وقت صحيح
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار
.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل
.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال
.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني
.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -