الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تيار أو تيارات......... الجميع أمام محكمة الجماهير!

محمد أبو مهادي

2005 / 8 / 30
القضية الفلسطينية


بعض الصحف الفلسطينية نشرت أخبار لقاءات واجتماعات بين قوي وشخصيات باحثة عن تشكيل تيار ديمقراطي، ولم توضح هذه الصحف إذا ما كان هناك اتفاق سياسي بين المجتمعين وما هو الاتفاق السياسي الذي يجمعهم، واكتفت بالحديث عن مقدمات أو مؤخرات القوائم الانتخابية، وأن هناك قوائم لتيارات ثالثة وليس تيار ثالث واحد ستخوض الانتخابات التشريعية الفلسطينية، ويفهم من وراء تناقل هذه الأخبار كأن المنافسة علي اسم التيار أو من يسبق إلي تبنيه والإعلان عنه، هو الهدف الأساسي وراء هذه التحركات!.
رغم محاولات البعض تجاهل التحولات التي حصلت علي صعيد الخارطة السياسية الفلسطينية في تجربة الانتخابات الرئاسية وما تلاها في انتخابات المرحلة الثانية للمجالس المحلية، إضافة إلي استطلاعات الرأي التي تصدر عن مؤسسات مهنية، وأشارت جميعها إلي وجود قوة ثالثة علي الساحة السياسية الفلسطينية، قوة كبيرة وذات تأثير بعدما حصدت علي قرابة العشرين في المئة من الأصوات في معركة 9/1/2005 "انتخابات الرئاسة" وتمثلت انتخابياً في عضوية أكثر من عشرين مجلس محلي في الضفة الغربية، يترافق ذلك مع حركة كفاحية نشطة وعالية بذلت خلال سنوات الانتفاضة الحالية علي مستويات مقاومة بناء جدار الفصل العنصري، وبناء حركة تضامن دولية هي الأوسع لصالح الشعب الفلسطيني، والنماذج الرائعة التي قدمت في العمل الشعبي الكفاحي المنظم، إضافة إلي وقوفها إلي جانب وإسناد تحركات قطاعات واسعة من أبناء الشعب الفلسطيني تعاني نتائج سوء إدارة السلطة الوطنية الفلسطينية لموارد البلد الاقتصادية "مثل المعلمين، العمال، الأطباء وغيرهم" كما اتسمت هذه القوة الثالثة بتميز في طرح موقفها السياسي والاجتماعي بعيدا عن خطابي التقاطب السائدين في الساحة السياسية الفلسطينية بما لهما وما عليهما من ملاحظات.
ترافق البروز القوي لهذا التيار مع بداية الإعلان عن المبادرة الوطنية الفلسطينية والتطور المهم والتاريخي خلال الانتخابات الرئاسية عندما تحالفت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مع المبادرة الوطنية واللجان العمالية المستقلة إضافة إلي الدكتور عبد الستار قاسم الذي سحب ترشيحه للرئاسة لصالح مرشح هذا التيار ليزداد زخم هذا التيار وتتسع مكوناته.
يبدو أن قوة التيار الوطني الديمقراطي ومؤشرات تطوره الحالية أخافت بعض القوي والشخوص ممن كانوا شركاء فعليين لأجهزة الحكم، شركاء عملاً وصمتاً عن كل ممارسات هذا الحكم خلال السنوات الماضية، ولا زالوا جزء رئيسي من مكونات الحكم حتى يومنا هذا، ولا يوجد لديهم نوايا للخروج الصريح والواضح من مجلس وزراء السلطة الوطنية الفلسطينية لينضموا إلي قوي المعرضة الديمقراطية المشار إليها أعلاه، حتى بعض القوي التي لم تشارك بالوزارات لا زالت تلعب دور "المعارضة المدللة" والتي تراهن علي حصة في البرلمان القادم من خلال تحالف لقوي منظمة التحرير، أو نصيب في وزارة من خلال حكومة وحدة وطنية بدأت تدخل هذه اللعبة طامعة إلي تحسين مواقعها في أي سيناريو محتمل وتقحم نفسها في لعبة الكبار دون أن تختط لنفسها رؤية واضحة ومكان محدد تمارس سياستها من خلاله وتبقي الباب مفتوحاً أمام الدلال وهي الآن تمارس "الشطارة"!.
هناك الكثير من القوي والشخوص الذين استهوتهم فكرة التيار الثالث يلهثون جرياً وراء هذا المغنم السياسي مراهنين علي نسيان الجماهير الفلسطينية الناخبة لمواقفهم وأدوارهم، عندما ارتضوا لأنفسهم البقاء في دور المتفرج والمثقف الناعم، أو الشخصية المدنية المتأففة عن العمل السياسي والناقدة لقوي وحركات التحرر الوطني بمختلف أطيافها، ولم تسهم أو تشارك في تطوير و بناء النموذج المناسب أو"البديل" الذي يعبر عن غاياتهم وتطلعاتهم، وراقبوا عن بعد كل ما حل بالشعب الفلسطيني من كوارث بفعل نهجي المغامرة و التفريط، بل ساهم جزء منهم بنشاطات العبث القضية الوطنية علي المستوي السياسي ليمهروا تواقيعهم علي وثائق الحلول المنقوصة التي طالما رفضتها جماهير الشعب الفلسطيني، وعندما نطقوا فقد نطقوا غزلاً بالسلطان وعن حسن الإدارة الرشيدة لشئون الرعية والبلاد.
أصبح واضحا للعيان بان هناك محاولات تجري لتفكيك التيار الديمقراطي من خلال بعض الأعضاء الجدد عليه، وقد برزت تجليات هذا الوضوح خلال الانتخابات الرئاسية مع وجود أكثر من مرشح للرئاسة يتنافس علي موقع الرئاسة، ولا ادري إذا ما كانت المنافسة علي موقع الرئاسة أم علي موقع منافس الرئاسة؟ وكان رفض تنازل اثنين منهم لصالح المرشح الأكثر حظاً وحضوراً بين الجماهير مؤشرا علي ذلك، بعد إن أغلقا الطريق والفرصة لانجاح الحوار وتجاهل عملية البحث في أهمية مصلحة التيار الديمقراطي في وجود أكثر من مرشح في هذه المعركة الحاسمة ، ومدي انعكاس ذلك علي مستقبل استكمال بناء وتطوير التيار الديمقراطي.
إذا كان هناك حرصاً وتحدي أمام استكمال بناء هذا التيار الوطني الديمقراطي وزيادة قوته الانتخابية وتأثيراته السياسية، فانه من الضروري قبل بدء البحث عن مقدمات ومؤخرات القوائم الانتخابية التركيز علي القضايا التالية:
أولاً: برنامج هذا التيار الديمقراطي السياسي والاجتماعي الذي سيقدم للجمهور الفلسطيني، وإذا ما كان تيارا يتمسك بالثوابت الوطنية ويسعى لصد أي محاولات للتفريط بها مهما كلف الثمن لذلك، وإذا ما كان هذا التيار يستطيع أن يحمل رؤية وحلول للقضايا الاجتماعية كقضايا الفقر والبطالة، والعمل الجاد من اجل ترسيخ قيم العدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد والفوضى واعتبار أن سيادة القانون معركة لا تقل أهمية عن مواجهة الاحتلال الإسرائيلي أم لا؟
ثانياً: إذا ما كان هذا التيار يستطيع تجاوز قضية المحاصصة وتقاسم المواقع بواسطة طريق ديمقراطية والاتفاق علي آليات واضحة تستند إلي بعد جماهيري كاستطلاعات الرأي مثلاً واعتبار أن العمليات الانتخابية هي معركة عد أصوات وكسب ثقة جمهور الناخبين.
ثالثاً: قدرة هذا التيار علي تقديم شخصيات تتسم بالأخلاق والوطنية ونظافة اليد، وتستطيع أن تضيف إسهاماً نوعياً في الحياة البرلمانية الفلسطينية، ولديها الاستعداد للالتزام ببرنامج ورؤية التيار الوطني الديمقراطي التي سيخوض الانتخابات التشريعية علي أساسها، وامتلاك آليات واضحة لمراقبة ومحاسبة ممثلي هذا التيار داخل البرلمان.
رابعاً: إدراك الجميع بان الانتخابات التشريعية القادمة هي محطة وليس كل المحطات، ومن هنا التفكير في مرحلة ما بعد الانتخابات، مع ضرورة إجراء تقييم موضوعي للعمليات الانتخابية السابقة واستخلاص العبر منها.

بقي أن أشير إلي وان الإنجاز الذي حققه التيار الوطني الديمقراطي يوم 9/1/2005 بتحالف المبادرة والجبهة الشعبية واللجان العمالية و بجهود الآلاف من المناضلين يعتبر إنجازاً مهماً لصالح الشعب الفلسطيني ولصالح التعددية السياسية، وينبغي تظافر كل الجهود المخلصة من اجل تطويره والاستمرار فيه، سعياً وراء تجنيبه أخطار كثيرة علي المستوي الديمقراطي والبناء الداخلي، وعلي المستوي السياسي والتمسك بالحقوق والكفاح المستمر من اجلها، فالشعب الفلسطيني الذي عاني كثيراً من مختلف أشكال النفاق السياسي، بحاجة إلي قوي تعيد له الثقة بالزعامات السياسية، وتسير معه نحو مجتمع العدالة الاجتماعية وسيادة القانون وتلبية الحريات والحقوق الاجتماعية والاقتصادية، وتجدد له الأمل في إمكانية بناء دولته الفلسطينية المستقلة، وهو ينظر إلي صندوق الاقتراع باعتباره المحكمة التي يلجأ لها بعد سنوات من الفوضى وغياب المحاسبة والقانون، هذا الشعب اثبت بأنه علي مستوي عالي من النضج والوعي بحيث يستطيع التمييز ما بين الغث والسمين، فسواء كان تياراً ديمقراطياً أم تيارات فان الجميع سيمثل أمام محكمة الجماهير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ناشطون في كورك الأيرلندية ينظمون فعاليات دعما لفلسطين


.. كاميرا الجزيرة توثق استهداف الاحتلال سيارات الإسعاف في حي تل




.. الجيش الإسرائيلي يدمر منزلاً على ساكنيه في مخيم البريج


.. اليمين المتشدد في صعود لافت في بريطانيا قبل انتخابات يوليو ا




.. مرشح الإصلاحيين في إيران يتعهد بحذر بوقف دوريات الأخلاق