الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البعد القومي لثورة آذار 2011 السورية

محمد أحمد الزعبي

2014 / 11 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


23.12.2014
البعد القومي لثورة آذار 2011 السورية
د. محمد أحمد الزعبي
1. لفت نظري في الأيام والأسابيع الأخيرة ، فيض الكتابات والكتاب ، حول ثورة آذار 2011 السورية ، من حيث قرب توصل الدول الكبرى ، ولاسيما أمريكا وروسيا ، إلى حل متفق ومتوافق عليه بين طرفي الصراع ، أي بين النظام السوري (ببشار أو بدونه) والمعارضة السورية ( ممثلة ببعض الشخصيات من داخل الائتلاف وخارجه ).مايلفت النظر في ذلك الفيض من الكتابات ، هو مسألة " القصور النظري والأيديولوجي " عن رؤية اشكالية الثورة السورية من جميع جوانبها ، ومن مختلف أبعادها وزواياها . فالثورة السورية هي ثورة شعب أعزل ، لخصت الثورة مطالبه المشروعة ( باعتراف بشار الأسد نفسه ) بكلمتين اثنتين هما : الحرية والكرامة ، ذلك أن حكم عائلة الأسدين الطائفي، قد احتكر لنفسه أعمدة القوة الثلاثة المعروفة : السلاح والمال والإعلام ، انتظاراً لمقدم هذه الثورة ،التي ـ وبسبب وضعه غيرالشرعي ـ كان يدرك هو وعائلته وأتباعه أنها قادمة ذات يوم لامحالة . وفي إطار استخدامه لسلاح الإعلام ، لجأ النظام ومنظريه ، لتبرير وضعهم غير الشرعي ، إضافة إلى الكذب والتزوير والتضليل ، إلى الهروب من المأزق ، تارة إلى الأمام ، وتارة إلى الوراء ، تارة إلى اليمين وتارة إلى الشمال ، تارة إلى الغرب وتارة إلى الشرق ، وقد كانت نتيجة هذا الهروب المدروس والمتفق عليه ، نصف قرن من " مكانك راوح " ، ومن التداول الوراثي للسلطة .
2.إن ماينبغي قوله في هذا المقام ، أن بعضاً من أجنحة المعارضة ، قد وقعت في فخ أيديولوجية النظام ، وإن بصورة مختلفة ، من حيث أن التيار الإسلامي عامة ، وجماعة الإخوان المسلمين خاصة ، كانوا واقعياً هم الأعداء رقم واحد للنظام ، وما زالت ترن في أذني جملة بشار الأسد التي قالها قبل حوالي العامين : لقد حاربناهم طوال خمسين عاماً (يقصد الإخوان ) وسنبقى نحاربهم.
ولكن الإخوان بدورهم قد أداروا ظهرهم للتيارالقومي العربي ، ولا سيما المجموعات التي شردها وقمعها وسجنها حافظ الأسد ، سواء قبل استيلائه على السلطة عام 1970أو بعده ، وذلك بحجة علمانيتهم أو بعثيتهم أو ناصريتهم . إن بعض المحاولات العابرة من قبل الإخوان ، لتعاملهم الإيجابي مع بعض رموز هذا التيار لايغير من حقيقة موقفهم السلبي من مجمل هذا التيار شيئاً . إننا لاننكر هنا أيضاً أن قسماً كبيراً من التيار القومي ( البعثيون والناصريون بصورة أساسية ) ، قد اختزن في شعوره ولاشعوره موقفاً سلبياً لامبرر موضوعي له من التيار الإسلامي ، الأمر الذي وجد انعكاسه في موقف الطرفين ( القومي والإسلامي ) السلبي المؤسف من بعضهما بعضاً ، سواء في إطار ثورة آذار 2011 ، أو خارجها .
أما التيار اليساري ( الأممي )، فقد كان معارضاً لكل من النظام والإخوان المسلمين والتيار القومي العربي على حد سواء ، وبطبيعة الحال ، فإن موقف المعارضة القومية والإسلامية من هذه المجموعات اليسارية ، لم يكن بأفضل من موقف هذه المجموعات من هذه المعارضة . ولقد استغلت كل من روسيا وأمريكا هذا الوضع ووظفته في إطار مشاريعها لشق صفوف المعارضة ، بداية بتشكيل الإئتلاف كبديل للمجلس الوطني ، ونهاية بشق الائتلاف نفسه إلى" متطرفين و معتدلين " ! ، ( كما هي الحال اليوم ) وذلك على أساس القرب أو البعد من المبادرات القديمة والمتجددة والجديدة ، التي يجري طبخها في الكواليس بين كافة الأطراف المعادية لثورة الحرية والكرامة ، بل ولثورات الربيع العربي بصورة عامة ، وذلك على المستويات الدولي والإقليمي والعربي .
3. إن دور بعض مثقفي السلطان ( بمن فيهم بعض رجال الدينين الإسلامي والمسيحي ) في محاولة تشويه الثورة السورية ، وإبعادها عن حقيقة كونها ثورة شعبية تهدف إلى الحرية والكرامة ، وبالتالي



إلى إعادة سوريا إلى دورها القومي الإيجابي المعروف ، وإظهارها في صورة مؤامرة عصابات مسلحة (حدد بشار في آذار 2011 عددها بـ 64000 إرهابي ، ثم رفع العدد لاحقاً إلى المليون / هي مليون ولكننا نقول ملايين !! ثم جاءت داعش لتزيد في الطنبور نغماً ) ، إنما هو دورمدروس ، وربما مدفوع الأجر بالبترودولارأوباليورو أو بهما معاً ، من أجل عرقلة ومن ثم وقف وقف وتشويه ثورات الربيع العربي ولاسيما في مصر والعراق وسورية .
4.إن ترويج البعض ولاسيما "محبكجية " نظام الأسد لشعار" سورية وبس! " أو" أنا سوري ويانيالي !" ، إنما يصب عملياً في طاحونة سايكس ـ بيكو، أي عملياً طاحونة " سورية الأسد " !! (على حد وصف البعض ) ، ولقد وصل هذا الترويج المشبوه ، إلى أن بعض أطراف المعارضة قد ارتأى ـ وهذا مع الأسف الشديد ـ أن تحذف كلمة "العربية" من إسم" الجمهورية العربية السورية " ، إرضاء لبعض الأقليات السورية غير العربية . وأقول من جهتي كمواطن عربي سوري لهؤلاء الإخوة من غير العرب : إن من لايقبل أن يكون مواطناً في جمهورية تحمل اسم الجمهورية العربية السورية فليسمح لي أن أقول له : إننا سنظلّ جميعاً وبالرغم من ذلك إخوة في الإنسانية وشركاء في الوطن والمواطنة ، وستظل لكل منا رؤيته الخاصة ، التي من حقه أن يدافع عنها .
5. يفرق السوسيولوجيون (علماء الاجتماع )عادة بين مفهوم " الفرد" ومفهوم " الشخص " من حيث أن الأول مفهوم إحصائي رقمي ، في حين أن الثاني مفهوم إجتماعي تكويني ، يظل هذا الشخص بموجبه عرضة للتطوروالتغير اللذين تفرضهما عوامل الزمان والمكان مادام هذا الشخص على قيد الحياة . إن ماينطبق على الأشخاص هنا ، إنما ينطبق أيضاً على المجتمعات ، حيث عبر عن ذلك احد الفلاسفة بقوله ، إن المجتمع يشبه شخصاً في حالة نمو وتطور دائمين . وإذا كان علم النفس يطلب منا في دراستنا لسلوك الأفراد / الأشخاص ، ان ندرس ماضيهم ( مرحلة تكونهم في رحم أمهاتهم ، ومن ثم مرحلة طفولتهم ، فشبابهم ، الخ ) لكي نفهم حاضرهم ومستقبلهم ، فإن علم الإجتماع ومعه الفلسفة إنما يطلبان منا بدورهما ، أن ندرس ماضي هذه المجتمعات ، لكي نفهم حاضرها ، وأن ندرس حاضرها لكي نستطيع التكهن بمستقبلها . إن الماضي والحاضر والمستقبل إنما تمثل مقولة جدلية واحدة ، أو بتعبير هندسي ، تمثل مثلثاً ( متساوي أو مختلف الأضلاع ) قاعدته الحاضر وضلعاه الآخران الماضي والمستقبل . حقاً إن العنصر الأساس في أي مثلث هو قاعدته (الحاضر)، ولكن التضحية بأي من أضلاع هذا المثلث ، إنما هي تضحية بالمثلث كله ، أي بأضلاعه الثلاثة . وغني عن الإشارة إلى أن مثل هذا التصور البيولوجي ـ الهندسي ، لايجمعه جامع لامع نظريات الدورات الحضارية ، ولا مع علم الإجتماع الميكانيكي ، إنه منهج جدلي علمي أقرب إلى هيغل وماركس منه إلى أي منهج سوسيولوجي آخر .
6. تمثل العروبة والإسلام ، من وجهة نظرنا ، وجه الميدالية وظهرها ، وإذا ماخطر للبعض أنه يمكنه أن يمسح أحد وجهيها دون الإضرار بقيمتها المادية والروحية ، فليسمح لي أن أستخدم حيال تصوره الخاطئ هذا حق " الفيتو " ، ذلك أن قيمة أية ميدالية ذهبية ، إنما هي بما هو مرسوم ومكتوب على وجهيها معاً، وبالتالي فإن التضحية بأحد الوجهين إنما هو تضحية أيضاً بالميدالية كلها ، وخروجها بالتالي من عالم التداول الاجتماعي والمجتمعي ، إلى عالم المتاحف الأثرية ،
إن الإشكالية النظرية والعملية التي تطرحها العلاقة الجدلية بين العروبة والإسلام ( تبادل التأثّر والتأثير أفقياً وعموديّاً )، إنما تتماهى واقعياً مع جدلية " التراث والمعاصرة " وهوماينبغي أن يصب في طاحونة الحاضر، وبالتالي في طاحونة الحداثة والتنمية ، والخروج من حلقة " التخلف" الشيطانية المفرغة إلى عالم الحرية والكرامة وحقوق الإنسان . إن التفاعل الإيجابي بين العروبة والإسلام إنما يصب في مصلحة الطرفين ، وإن على من يرفع شعار " الشعب يريد إسقاط النظام " رعاية وتشجيع هذا التفاعل ، قبل فوات الأوان .












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المكسيك: 100 مليون ناخب يختارون أول رئيسة في تاريخ البلاد


.. فاجأت العروس ونقر أحدها ضيفًا.. طيور بطريق تقتحم حفل زفاف أم




.. إليكم ما نعلمه عن ردود حماس وإسرائيل على الاتفاق المطروح لوق


.. عقبات قد تعترض مسار المقترح الذي أعلن عنه بايدن لوقف الحرب ف




.. حملات الدفاع عن ترامب تتزايد بعد إدانته في قضية شراء الصمت