الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هكذا كان جوعنا

كفاح طافش

2014 / 11 / 25
أوراق كتبت في وعن السجن


هكذا كان جوعنا....

عبث اللغة يقف حاجزاً وراء السماء هناك ليرفع له مكانة كانت ضائعة بين الحروف بتناثرها المريع، وأحدها ينظر من خلف الوجع ويمضي مطأطئا رأسه، وبين بين يأتي أحداها بتلك المغامرة كطفل ينزع المستحيل من أمامه ويقرر اللهو قليلاً عله يمتع عبثه مفتتاً بعض الضجر، وسواها يستسلم للحلم ليعالج بتر واقع أرهقه حد الصراخ بالأصوات فيأخذ على عاتقه صمت مميز ويحنو ماض برماديته فيعيش الحياة مرتين، إذا هي هكذا حروف اللغة الحائرة فيا مرآة الماضي هلمي نلملم الوجع وننظر لصورة حاضرة.
صورة تفاصيلها ممدة حولك وكأنك في حديقة الألم الأخير، وكم معنى لك في ثنايا سلوكك الإرادي هذا؟ حين تقرر ترك الطعام لتعالج نقص الكرامة الحاد الذي تعانيه بقرار سجانك، فيأتيك الموت من هناك البعيد ليستقر بجانبك وفي كل دقيقة تمر عليك يشعرك بحضوره فآلامك لا تعدها ما دمت قد قررت المضي في لعبة التحدي، حين تعود لذاكرتك تكتشف كم لك من قدرة على التحمل والصبر، فيغدو الإنسان كائناً مركب التفاصيل يربط بينها منطق الإرادة، فكم إرادة تتوفر لدى الإنسان الذي يقرر الإضراب عن الطعام؟
الحياة إرادة الإرادات، معنى يتجلى في وعيك وكأنك لأول مرة تتلمس تفاصيله، ففي وضح الجوع تلثم ذاتك التي لم تعد كما كانت قبل، تفهمها لحد الرجوع إلى الإمام، هناك في ظلال اللوز حيث تعريك الأبدي، تجمع الوجع وتذهب للشمس متحديا صراخها الدائم أنا ما زلت هنا، هل تعقلون؟.
الأمل. «لا حياة دون أمل» وهو بمعناه الأخر حياة، يأتيك دون اكتراث بحالتك النفسية، مع كل يوم يمضي في صراع الجوع تعلم أن الكثير الكثير ما كنت تنجزه من دونه، وأيضاً ذلك الخيط الرفيع الواصل بين المستحيل وواقعك، يشد الأخير بوتيرة ما كنت تعتقدها وفي دروب الألم يتمظهر السؤال هل عرفت؟.
الكرامة. بيت القصيد بصدره وعجزه وان كانت متن نص يبدأ بتفعيلة فريدة وفي نهايته تلك النغمة الصامتة تتراقص أمامك بين الحروف لتأتيك ممدة على فراشك مقدمة جسدها فخراً بك بعد كل ما عنيت، تداعبك ترسلك حدود الهذيان، فكيف عليك تجاوز حضورها، يا أنت ليس لي غير عرفان أهديك كل نصر فيالك من حروف تجمعت لتقدم للإنسان معناه.. فمن يعيش بدونك؟
الصبر.. ثلاثية التكوين، بحروفها وجع وآه، وعلى حوافها علق السؤال الدائم كيف يكون المستقبل؟ جواب سؤالك باستقرار ذاتك أنها تستطيع، تناغم الأيام في مضيها حيث خيالك يستكين، فقد تكون قد قررت ولكن، بين كل ضمائر اللغة لا تجد غير واحد يتشكل ببعد آخر وبغير منطق أنت تعرفه، فروح انتظارك هي وكيان ذاتك هي، صمت كلامك هي، وحروف لغتك كذلك.. فأي انتصار من دونها؟؟.
مازال هناك الكثير مما يجعل من جسدك مطواعا، تحدد سلوكه لا يحددك، يأتيك حيث تشاء ومعه تتيقن المازوشيه بحق، فأهلاً بهذا السلوك حين تقفز عن «الكرامة كشعور برجوازي» لتقتنع فعلاً «إن كان هناك ما يمكن التضحية فيه فهي الحياة وليس الشرف» بلغة قوتك ولترسخ مقولة علي ابن أبي طالب «لا تستوحشوا طريق الحق لقلة السائرين فيه» وتحيك الجدل القائم بين كل معنى وضده، وتنشده عبر كل سائر طريق.
فطوبى لكم يا من قررتم الجوع صونا لوعدكم وامتثالاً لنبل أخلاقكم التي أضافت لهذه الحياة قيمة جديدة لا يفهمها إلا من استطاع أن يمارس «جوع الوفاء».. مرة أخرى مازال علينا الكثير ولكن قبل كل ذلك لا بد من تقبيل جبين كل واحد فيكم، قبلة تحفر الصخر لتعرف الأجيال القادمة أن هناك حفنة يقبضون على الجمر في زمن الردة وقرروا الموت دون شرفهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحكم بالإعدام على الناشطة الإيرانية شريفة محمدي بتهمة الخيا


.. طفل يخترق الحكومة التركية ويسرب وثائق وجوازات سفر ملايين الس




.. أمهات الأسرى الإسرائيليين تنظم احتجاجات ضد حكومة نتنياهو في


.. الفيضانات تغرق خيام اللاجئين في بنجلاديش إثر الأمطار الغزيرة




.. كارثة وبائية تهدد النازحين وسط قطاع غزة