الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فيدرالية.. ومن بعدي الشيطان!!

فخر الدين فياض
كاتب وصحفي سوري

(Fayad Fakheraldeen)

2005 / 8 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


تاريخياً طرحت الفيدرالية كحل حضاري لإشكاليات استعصت على الأمم المجزأة إلى أقاليم لا تعرف سبيلاً إلى التوحد بسبب اختلافات عرقية أو دينية أو مذهبية.. فأتت الفيدرالية نظاماً يوحّد هذه الأقاليم مركزياً مع بقاء هامش أشبه بالحكم الذاتي لكل إقليم على حدة.. لكنها لم تطرح تاريخياً في العالم أجمع كحل لبلاد موحدة يتم تجزئتها وتحويلها إلى فيدراليات.. إلا في العراق!!.
العالم برمته يتجه نحو التوحد وتشكيل كتل سياسية واقتصادية كبيرة.. والعراق يسير نحو تجزيء التجزئة، وتفريخ طوائف من الطائفة الواحدة.. وتقسيم الثروة إلى ثروات صغيرة.. والأهم، السير نحو ضرب الثقل الإقليمي للعراق في المنطقة والعالم.
يروجون للفيدرالية بوصفها حلاً سحرياً لمشكلة الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان والاقتصاد الليبرالي الحر.. والتوزيع العادل للثروة. وكأنهم يتحدثون خارج المكان والزمان العالميين.
قبل الفيدرالية هناك (المواطنة) والانتماء والأمن والسلم الأهلي وتحرير الأرض والسيادة العراقية والبرلمان الوطني.
قبل الفيدرالية هناك عودة الطالب إلى مدرسته والموظف إلى وظيفته والفلاح إلى أرضه وصاحب الحق إلى حقه.
حين تطرح الفيدرالية بوصفها (فرصة تاريخية) تثير العجب، أية فرصة تاريخية لبلاد يجتاحها الاحتلال والدمار والذبح اليومي؟!
وهل هي فرصة تاريخية للشعب العراقي.. أم هي فرصة تاريخية لقيادات لا ترى إلا مصالحها وأرصدتها (البنكية) وامتدادها العشائري والقبلي والمذهبي والعرقي.. وليكن بعدي الطوفان؟!
في أميركا وبعض الدول الإسكندنافية وجزء من أوروبا الغربية أنظمة فيدرالية.. ولكل نظام بناؤه الخاص المتعلق بالجغرافيا السياسية، إلا أن المواطن هناك يعيش انتماءه الأكبر للأمة أولاً ثم للفيدرالية التي يعيش ضمنها.
في العراق ندخل اليوم في المجهول، بدايات صراع أهلي، انقسامات يذكي نارها زعماء طوائف وعرقيات ارتبطوا عضوياً بالاحتلال..
ومشاريع تمت هندستها ورسمها وإخراجها بدمغة أميركية اليد والقلب واللسان.
الجميع يعرف أن المواطن في فيدرالية شيعية أو كوردية أو سنية عربية لن يكون انتماؤه للعراق أولاً.. سيصبح العراق آخر انتماءاته، بعد سلسلة من الانتماءات المذهبية والدينية والإقليمية.. فضلاً عن الانتماء (الأميركي) كفعل سياسي وتوجه نحو (الحماية والرعاية) الدوليين.
حقاً إنها (فرصة تاريخية) إذا كانت حالة الخراب والانهيار وضرب عمق الوطن فرصة تاريخية!!
إلا أن العملة الجيدة دائماً وأبداً تطرد العملة الرديئة... وبمجرد النهوض من دوامة العنف ضمن صحوة وطنية حقيقية سوف تسقط كل هذه المشاريع (الغريبة) التي تلامس خيانة تاريخ العراق ومستقبله.. آنذاك لن يبقى فرص تاريخية إلا لوطن موحد وديمقراطي يحقق كرامة أبنائه وسيادتهم الحقيقية على أرضهم..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نزوح مستمر بعد التصعيد العسكري في رفح: أين نذهب الآن؟


.. مخاوف من تصعيد كبير في رفح وسط تعثر مفاوضات الهدنة | #غرفة_ا




.. تصعيد كبير بين حزب الله وإسرائيل في جنوب لبنان | #غرفة_الأخب


.. إسرائيل تقول إن أنقرة رفعت العديد من القيود التجارية وتركيا




.. الصين وهنغاريا تقرران الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مستوى