الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصر والعالم والغذاء

محمود حافظ

2014 / 11 / 26
الصناعة والزراعة


منذ بدء الخليقة وهناك جدلية الإنسان والطبيعة هذه الجدلية التى إتسمت بصراع الإنسان مع الكون الطبيعى هذاالصراع الذى نشأ أساساً من الحاجة إلى سد الرمق وهى الحاجة إلى إستمرارية الإنسان فى الحياة فمن مرحلة الصيد والقنص وجمع الأعشاب البرية من الطبيعة إلى التطور الذى لحق بالإنسان من ترويد الحيوانات التى تبقيه حياً وتدجين الطيور وتماهى هذا التطور بإكتشاف الزراعة وربما كانت مصر النهرية هى الأولى فى إكتشاف الزراعة وترويد الحيوان وتدجين الطيور .
إذاً فرحلة الإنسان فى الكون بدأت بصراعه مع هذا الكون ومايشمله من إحتياجات العنصر البشرى ولما كانت الحضارة الإنسانية بدأت فى التكون والتطور فى البلدان النهرية ولما كانت مصر هبة النيل هى الأولى فى المجتمعات النهرية فكانت هناك حضارات تقاطعت مع الحضارة المصرية القديمة فى الصين والهند إضافة إلى الحضارة التى تكونت على ضفاف نهرى دجلة والفرات .
وتاريخياً كانت مصر تعرف فى الحقبة الرومانية أنها سلة الغلال لأوربا والآن مصر لاتستطيع توفير وإنتاج رغيف خبز من أرضها حيث أن إنتاجها من القمح لايسمح إلا بالمساهمة فى ثلث رغيف الخبز وهنا نطرح هذا السؤال الأزلى أى تدهور حدث لبلد مازال نمط إنتاجها يصنف بأنه نمط إنتاج زراعى , وعندما نتحدث عن نمط الإنتاج الزراعى تبقى المسألة شاملة فليس إنتاج القمح فقط ماحدث فيه التدهور ولكن كل المزروعات المصرية التى تميزت بها مصر كدولة زراعية وأهم منتج زراعى كاد أن يختفى بعدما كان بمثابة معدن الذهب حتى أنه سمى بالذهب الأبيض هو التدهور الذى لحق بالقطن المصرى وربما الحديث ياخذنا إلى كل ماتميزت به مصر من منتجات زراعية وأصبحت سمات لدى الشعب المصرى كالفول والعدس .
إذاًمن أين بدأت المشكلة فجدلية صراع الإنسان مع الطبيعة مع التقدم الحضارى أضيفت لها جدلية اخرى وهى صراع الأنسان مع الإنسان فكما كان الإنسان صاحب اليد الطولى فى صراعه مع الطبيعة أصبحت الإحتياجات الإنسانية وتوفرها فى مناطق بعينها تجذب الإنسان فى المناطق التى لاتتوفر فيها هذه المنتجات وهنا دخل الإنسان فى صراع مع الإنسان وفى بوتقة الحضارة وتكوين حضارات وإضمحلال حضارات بدأ صراع الإنسان مع الإنسان يأخذ طابعه الحضارى فأصبح صراع الحضارات القديمة والتى تضمحل مع الحضارات الجديدة الناشئة .
وفى نقلة حضارية فى ظل الهيمنة العالمية للحضارة الرأسمالية فكان من أولى إهتمام هذه الحضارة أن تحتكر سلة الغذاء العالمى لتكون هة المركز الذى يتحكم فى غذاء البشرية وأن تعمل هذه الحضارة على تفكيك البنية الزراعية فى البلدان التاريخية صاحبة الحضارة الزراعية وكانت مصر هى من أولى البلاد التى عمل الإستعمار الرأسمالى إلى تفكيك منظومة الغذاء المصرى للشعب المصرى وقد ساعد فى ذلك دخول مصر السبعينيات فى نطاق التبعية الإمبريالية فأصيحت تنفذ ما يملى عليها فى منظومة الزراعة .
ربما كان أول من دق جرس الإنذار بالنسبة للهيمنة الإمبريالية على سلة غذاء البشرية بما يعرف بدول المركز هو المفكر العالمى المصرى الدكتور سمير أمين حيث أصبحت مشكلة الغذاء هى إحدى أولوياته كاشفاً كافة الأخطار التى ستواجه العالم فى المستقبل القريب ومدى التحكم الإمبريالى فى مصادر إنتاج الغذاء ,
ولما كانت مصر قديماً هى سلة أوربا للقمح الآن أصبحت مصر الحديثة هى سلة اوربا فى الخضر والفاكهة فمصر تنتج كافة الخضر وكافة الفاكهة طبقاً لمناخها حتى يتم تصدير هذه المحاصيل الزراعة إلى أوربا وأصبحت التوسعات فى الأرض الزراعية تنتهج هذه النهج طبقاً لخريطة الإحتياجات العالمية لدول المركز الإمبريالى .
إذاً أصبحت هناك منتجات زراعية تنتج من التربة المصرية خاصة المسطصلحة حديثاً حتى تكون أرضها خالية من متبقيات المبيدات لتكون صالحة تماماً للمواطن الأوربى صاحب الحضارة وتبقى المنتجات من الأرض القديمة بما تحمله من متبقيات للمبيدات هى حصة الشعب المصرى وكأنه تقسيم جديد للإنتاج الزراعى على غرار تقسيم العمل الدولى .
فى مصر قامت ثورتين فى سنتين وكان دوماً شعار الثورة هو العيش بمعنى أن هناك حرمان لدى المواطن المصرى حتى فى عيشه أو خبزه كما كان الشعار الثانى الكرامة وهو الشعار الذى يعبر عن مدى إزلال المواطن العربى نتيجة تبعيته لغيره حتى أصبح قراره يملى عليه كما كانت الحرية والديموقراطية هى الشعر الثالث والذى جمع مع شعار العدالة الإجتماعية الذى أحس المواطن المصرى بفقدانها تماماً بعد إن كانت هى نتاج ثورته على الإقطاع وسيطرة رأس المال فى عام 1952 م .
ولكن بعد ثورتين مازالت مصر تعانى من منظومة سياسات التبعية خاصة فى قطاع الزراعة حتى فوجئ الشعب المصرى بالأمس القريب برئيس وزرائه يقول وبالفم الملآن أن الفساد للركب فى وزارة الزراعة المصرية وان مصر بعد ثورتين لاتملك سياسة تنمية زراعية وعندما يتحدث المسؤول الأول عن رسم السياسة المصرية وتطبيقها بسرد هذه الحقائق إذاًما الذى يجب أن يقال بعد ذلك ,
لقد طالعنا الإعلام المصرى بتركيزه على التجاوزات فى قطاع الزراعة المصرية من فساد فى العاملين أو كبار العاملين فى قطاع الزراعة وبالشللية فى هذا القطاع وتنحى الخبرات والكفاءات وتولى من هم ليس اهلاً ولا خبرة ولا كفاءة لتيسير هذا القطاع فهل تأمل مصر خيراً بعد ثورتين فى تحقيق العيش والكرامة الإنسانية والعدالة الإجتماعية أم أن الشعب المصرى مازال أسيراً لدى أصحاب القرار فى التحكم فى الغذاء العالمى وهذا ما يعنى أننا مازلنا فى المنظومة الإقتصادية وخاصة الزراعية أسرى للتبعية والهيمنة العالمية .
هل هذا الأمر الجاد وعلى مستوى كبير من الجدية يحتاج إلى تدخل الرئيس صاحب قرار إستقلال القرار المصرى ؟
أعتقد ذلك .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مشهد مرعب يظهر ما حدث لشاحنة حاولت عبور نهر جارف في كينيا


.. شبح كورونا.. -أسترازينيكا- تعترف بآثار جانبية للقاحها | #الظ




.. تسبب الحريق في مقتله.. مسن مخمور يشعل النار في قاعة رقص في #


.. شاهد| كاميرا أمنية توثق عملية الطعن التي نفذها السائح التركي




.. الموت يهدد مرضى الفشل الكلوي بعد تدمير الاحتلال بمنى غسيل ال