الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تركيا وسط النار

فوزي بن يونس بن حديد

2014 / 11 / 26
كتابات ساخرة


بات التدخل الأجنبي في سوريا وشيكا بعد الإشارات الواضحة التي أرساها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونائب الرئيس الأمريكي جون بايدن، رغم اتهام الأخير تركيا أنها تساعد المقاتلين على العبور من أراضيها للأراضي السورية وأنها دولة تدعم الإرهاب، شأنها في ذلك شأن دولة قطر التي ذهبت على استحياء إلى السعودية طلبا للمّ شمل دول مجلس التعاون قبل القمة الخليجية المرتقبة في شهر ديسمبر المقبل.
فكل المؤشرات تدل على أن أمريكا وحليفتها تركيا تستعدان فعلا لإقامة منطقة عازلة ومنها تنطلقان لاحتلال سوريا والإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد، رصدتا كل الإمكانيات لذلك من تعبئة للجنود الذين زعمتا أنهم يمثلون المعارضة المعتدلة لا يتجاوز عددهم في المرحلة الأولى الألفي جندي وهو رقم يدعو للسخرية في ظل حرب شرسة تدور رحاها منذ أربع سنوات تقريبا، فأمريكا يبدو أنه غير جدية في الأمر وأنها تريد إقحام تركيا في الحرب الدائرة بين التحالف وداعش، وإجبارها على الدخول في المعركة في عين العرب كوباني، ويبدو أنها نجحت نسبيا في ترويض المارد التركي من خلال عقد اتفاقية تعاون بينهما وتدريب عدد من الجنود وتسليحهم وزجّهم في النهاية في حرب لا تعرف نتائجها مسبقا، وقد يؤدي هذا الأمر إلى ما لا تشتهي تركيا نفسها، إلى صراع طويل الأمد تختلط فيه الأوراق وإن كانت قد بدأت فعلا واشتبكت فيه دول المنطقة وقد يمتد الصراع إلى تركيا نفسها من حيث لا تعلم.
ما زالت تركيا على موقفها بل ومصرّة إصرارا عجيبا على الإطاحة بالرئيس بشار الأسد، رغم سعي أمريكا المتواصل إلى دغدغة مشاعر تركيا، مرّة بإحراجها وأخرى بإغرائها، ولكن تصلّب الموقف التركي عموما، وعناد الرئيس رجب طيب أردوغان قد يفقدان تركيا توازنها ويغيّر الاتحاد الأوروبي موقفه منها بتجميد الحوار معها لأنها في الأساس أظهرت أنها لا تتعاون مع المجتمع الدولي في محاربة الإرهاب، وهي أيضا في الوقت نفسه متوجّسة خيفة من التعاون الأمريكي الكردي في عين العرب كوباني لأن الأكراد يمثلون العدوّ اللّدود لها على مرّ التاريخ وما سمحت تركيا للبشمرجة العبور من أراضيها إلا على مضض، وفسحةً لإعادة النظر في علاقتها القديمة مع أمريكا.
تركيا اليوم تعيش متناقضات في الحياة السياسية عموما وفي هذه القضية خصوصا، فهي تقيم علاقات عسكرية مع اليهود الذين يسبّهم أردوغان على الملأ بينما يتعاون معهم في الخفاء، وبينما ينتقد سياسة أمريكا الخجولة مع نظام الرئيس بشار الأسد في حين يسعى لإرضائها من جهة أخرى من خلال السماح لأعدائها بالعبور من أراضيها لأراضي المعركة، وبينما كان الصديق للدكتور بشار الأسد في وقت ما وصل حدّ الاتفاق على التعاون بمختلف مجالاته في حين اليوم ينادي برحيله لأنه يقتل شعبه حسب زعمه، كل هذه التناقضات التي تعيشها تركيا ليست في صالحها وإن بدت ظاهرا أنها تخدم نفسها بنفسها، فالعالم يتغير بين لحظة وأخرى وتمتد يد التحول لتصل كل دول العالم بما فيها تركيا نفسها، فلا تظن تركيا أنها ستظل على هذه الحال، فالخطر محدق بها من جميع الاتجاهات ولنرَ كيف سيتصرف أردوغان في هذه القضايا الحساسة مع أن المعارضة بدأت تنمو شيئا فشيئا وتتكاثر وتتقوى يوما بعد يوم ولكل رجل حكاية وحكاية أردوغان كيف ستنتهي؟
نأمل أن لا يسير الأمر إلى التدخل الأجنبي في سوريا بدعوى محاربة الإرهاب أو بدعوى الإطاحة ببشار الأسد، لأن الأمر أبعد من ذلك بكثير، معاناة كبيرة يعيشها المواطن السوري اليوم في أرضه، سيُقتل الأبرياء، وستُدَمّر سوريا عن آخرها وستُصبح دولة أشباح، ولن يجلب التدخل الأجنبي الحرية والكرامة بل سيجلب الخزي والعار، يبدو أن أردوغان لم يتعلم من درس الأرمن!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خلال مشهد من -نيللى وشريهان-.. ظهور خاص للفنانة هند صبرى واب


.. حزن على مواقع التواصل بعد رحيل الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحس




.. بحضور شيوخ الأزهر والفنانين.. احتفال الكنيسة الإنجيليّة بعيد


.. مهندس الكلمة.. محطات في حياة الأمير الشاعر الراحل بدر بن عبد




.. كيف نجح الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن طوال نصف قرن في تخليد