الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يوجد داعش؟

رجائى موسى

2014 / 11 / 26
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


هل يوجد داعش؟
عندما وقعت حرب الخليج الثانية فى عام 1991 كتب جان بودريار الفيلسوف الفرنسى ثلاث مقالات نشرت تباعا فى جريدة ليبراسيون. كانت الأولى بعنوان "حرب الخليج لن تقع" فى 4 يناير، والثانية "هل وقعت الآن حرب الخليج؟" فى 6 فبراير، وجاءت الثالثة بعنوان " حرب الخليج لم تقع" فى 29 مارس. وفى المقالات الثلاث يقول بودريار أن حرب الخليج لن تقع أبدا، إنما هى حرب ملفقة، وهم، ظاهرة خطابية، هى بديل عن الحرب، أو بديل عن حرب أخرى تقع فى مكان ما وتحت اسم آخر. هى تمثيل زائف ومتخيل لما هو حقيقى! وقتها إنهالت على بودريار كلمات التقريظ والاستهجان وظهر بودريار كفاقد القدرة على التواصل مع الواقع، وتم النظر إليه بوصفه مشعوذا، ومن تلمس له العذر فمنحه تفسير الصدمة، على أنه من الافراط فى الهمجية الدولية التى نقلتها وسائل الإعلام، أو احدثتها، لم يصدق الهجوم والقصف الذى مارسته الميديا. هو وحش خرج من أجهزة التلفاز وألعاب الفيديو. إننا لم نعرف الحرب إلا عن طريق التلفزيون، حتى القادة أنفسهم لا يملكون معلومات أكثر من المعلومات المتاحة لنا عبر وسائل الإعلام. ولكن هل كان بودريار واقعا فى أسر ميكانيزم الإنكار إلى هذا الحد أم أنه كان مستنبئا فى حقل ألغام. بعد كل هذه السنوات، والمياه الكثيرة التى جرت فى مسراب ما بعد الحداثة يمكن القول بأن حرب الخليج لم تنتهى بعد. إننا بإزاء حالة من مسخ مضاعف، وتكرار لا نهائى لحرب الخليج. لم نعد نتفرج على الالعاب النارية، الصواريخ التى تقصف بغداد، ولكن صرنا مشاركين فى الحرب، صارت الحرب نزوتنا المستمرة، نلتهم الصور التى تأتى عن "داعش"، ونكتب ملايين بل مليارات التعليقات واللايكات ونحن فى مخادعنا، مطاعمنا، وسائل المواصلات، ونحن نمارس الجنس، ونحن نيام أيضا. لقد دخلنا الحرب وسنخرج من هذه الفسحة/اللعبة كأننا كنا فى نزهة قصيرة مع مجموعة من السحرة الأشرار، أو فى عالم والت ديزنى، وربما نحتفل بنصرنا المؤقت على "داعش"، وإنتصار قيم الخير، التى هى قيمنا، ونحن تمثيل لها فى هذا العالم. لا أحد يمتلك معلومات مؤكدة حول داعش، لا من حيث العدد ولا من حيث التسلح. إن داعش تشبه شركة متعددة الجنسيات تعيد إنتاج وهم المسلمين التاريخى فى عودة عصرهم الذهبى، عصر الخلافة، ومع عودة الخلافة، هذا المكبوت التاريخ، الذى لن يعود إلا بكارثة، تعود كل أحلام وهلاوس السلطات المطلقة. إن مبدأ اللاواقع أو الواقع المفرط الذى قال به بودريار فى وصف حرب الخليج الثانية، يظهر هنا بإمتياز، فداعش تمثيلا لمبدأ اللاواقع، هذا المبدأ الذى يتسامى على الواقع ويتعالى على تفسيرات عقلانية ومنطقية. لقد وجهت المدن (يوم الخميس 11/9/2014) سؤال "من هى داعش؟" إلى مثقفين سوريين بوصفهم جزءً من الجغرافيا التى يتحرك على ساحتها تنظيم "داعش". فكانت الإجابات تستعين بالاستعارة؛ "داعش" غول، كائن مجنون(ياسين الحاج صالح) توسع ظاهرة "داعش" انحطاطاً ثقافياً(سلام الكواكبى) حتى يومنا هذا، لاتزال "داعش" فكرة مجرّدة. لاتزال كحفنة غبار يقال إنها تتسع وتتمدّد.(محرر المدن). لا أحد يعرف على وجه التحديد من داعش، ولن تتوفر لنا المعرفة، فنحن بإزاء اللاحدث بإمتياز.

ماما هل ستصل الى هنا داعش؟
كتبت جوديت ويليامسون فى الاسبوع الثالث لحرب الخيلج الثانية:"إنه اللاواقع خارج الويات المتحدة الأمريكية فى عيون مواطنيها، هى التى يجب أن ترهب أى غريب، ومثل طفل يترتب عليه لاحقا أن يتعلم ثمة مراكز أخرى للذات خارج ذاته، هذه الثقافة تنظر إلى الآخرين كعلف لأحلامها وكوابيسها...القلق الشديد على مخاوف أطفال أمريكا(ماما، هل سيقتلنى صدام؟) يبدو فاحشا عندما نعلم أن القنابل الأمريكية تقصف وتقتل فى هذه اللحظة الأطفال العراقيين".
لن تصل داعش إلى أمريكا والغرب ولكنها ستحوم حوله. صور داعش ستملأ كل وسائل المواصلات وحوائط النوم وألعاب ودمى الأطفال والمؤسسات الرأسمالية العملاقة، سوف يقوم الغرب وأمريكا بإستثمار مطلق لداعش. ستعمل داعش على تثبيت صورة الغرب كتثبيت قضيبى، ها هو الغرب يظهر بوصفه فالوسا عظيما. إن داعش تظهر أيضا بوصفها اختراعا توراتيا فهى تمثل إله الأمم الأجنبية، الغريبة، الشريرة، هى تمثيل يهوه الضد، الذى لولاه ما تبدت قوة يهوه التدميرية من أجل إعادة الحياة من جديد، من أجل التوازن المستعاد وأيضا من أجل الايمان المتجدد. ويظهر الاسلام مجددا بوصفه تهديدا للحياة الانسانية والمسلمين بوصفهم مجموعة من الارهابيين، فها هو الاسلام كما يظهر فى صورته الأولى على يد داعش، من لم يعش البدء يمكن أن يدركه الآن.هكذا كانت البداية، القتل باسم الفتح، الارهاب باسم الخلافة. وعلى الجانب الآخر يظهر الأزهر وهو مؤسسة رجعية كمؤسسة للوسطية وللدين الاسلامى الحنيف، وتظهر الدولة الوهابية بوصفها حارسة للإسلام. هل بعد داعش يمكن أن ننتظر ثورة من هذا الجانب المظلم والخرافى، فالثورة فى مصر تأتى بالعسكر والإخوان، والثورة فى اليمن تنجب الحوثيين، وفى سوريا تنتج جبهة النصرة وداعش، وفى ليبيا ميلشيات إسلامية سلفية جهادية. هذا العالم، غير الغربى، يجب أن يترك لكى يدمر نفسه بنفسه.
من أين يجىء الرعب؟
خرج وزير خارجية بريطانيا، فيليب هاموند، ليهدد باستخدام قوانين تعود للقرون الوسطى لمحاكمة المواطنين المشاركين في أعمال القتال الدائرة في سوريا والعراق في صفوف تنظيم «داعش» أو من أعلنوا ولاءهم له. وقال هاموند: "إن أي بريطاني متهم بذلك يمكن اعتباره مجرمًا بموجب قانون الخيانة لعام 1351 الذي صدر في عهد الملك إدوارد الثالث".
إن الرعب يأتى من الماضى لا المستقبل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب العمال يكسب الانتخابات المحلية في بريطانيا ويخسر أصوات ا


.. موريتانيا.. الشرطة تعترض مسيرة احتجاجية نظمها 6 مترشحين للري




.. الشرطة الأمريكية تعتدي على متظاهرين وصحفيين بمخيم داعم لغزة


.. كلمة عضو المكتب السياسي للحركة مشعان البراق في الحلقة النقاش




.. كلمة عضو المكتب السياسي للحركة مشعان البراق في الحلقة النقاش