الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ازمة هوية

كمال بالمقدم

2014 / 11 / 27
الارهاب, الحرب والسلام


مفـــــهوم الهوية المعتادة كرابـــــط يربط مجموعة من البشر من خلال مشتركات معينة لـــيس سيئا في حد ذاته رغم أنه يكون سيئا إذا لم يحتكم في نهاية المطاف لهوية أكبر سأتطرق لها لاحقا .! صحيح أن الهوية كمفهوم رابط لمجموعة من الناس ببعضهم البعض من خلال العرق أو اللغة أو الوطن يمكن أن ينحو إلى مسارات و أفكار تدميرية شريرة مبعثــــها الأساسي هو العصبية الدوغمائية لهذا الإنـــتماء لكن أيا من هذا لا يمكن أن يقترب في خطورته و تدمـــــيريته مما يمكن أن تسببه [ هويات التطرف الديني ] من ضرر فتاكـ و مدمر ... و هذا يعود لـ 2 من الأسباب الواضحة جدا ... التي يمكن أن ألخصها كالتالي .... السبب الأول :

الهوية الدينية المتطرفة تتجاوز فوارق العرق و اللغة و الوطن .! فبينما تبـــقى بقية الهويات الأخرى محصورة بعدد معين من الأفراد أصحاب خصائص مشتركة ... نجد أن الهويات الدينية المتطرفة لا حد لتوسعها و تضخمها بإستمـــرار و هذا يجعل منها هويات [ عالمية ] بشكل واضح جداً , و مــــرد هذا إلى أن أي انسان في العالم قادر على الإنضمام إليها متى ما أراد .!و كل ما عليه هو أن يقبلها كهوية له .!

لو أخذنا داعش كمثال على هذه الهويات المتــــطرفة فسنــجد أنها خليط من كل الأعراق و البلدان و اللغـــات و الخلفيات الثقافية و ما يجمعهم هو فقط الإيمان بأدبيات و معتقدات هذه الهوية المتــــطرفة التي تجمعهم و هذا ما هو خارج عن مقدرة بقية الهويات الأخرى :

فلا يـــمكن مثلا أن تكون صينيا إذا لم تكن كذلك .! و لا يمكن أن تدعي أن جذورك عربية في حين أنكـ مولود في النرويج .! و لا يمكن أن تدعي بأن موروثك الثقافي و اللغوي و الأدبي هو روسي إذا كنت استراليا .! إلخ .

و إذا كنا ذكرنا بأن هذه الهويات الطبيعية يمكن أن تسبب الكثير من الشر إذا ما اقترنت بالدوغمــــائية و التعصب و الكراهية .. فما بالكم إذن بهويات التطرف الديني و مقدرتها على التخريب و الدمار الكامنة أصلا في عين أدبياتها و المدعومة بمقدرتها على التمدد و التوسع و التكاثر بلا حد ؟

نأتي الآن إلى السبب الثاني :

كل هويات المنتمي تختفي و تذوب و لا يبقى لها أثر في حضرة هوية التطرف الديني و أخطرها هو ذوبان الهوية الانسانية .!

مثلا :

إن العراقي المنتمي لهويات التطرف الديني هذه لم تمنعه عراقيته من ذبح العراقي الآخر كما تذبح الخراف .! [ هوية الوطن ] . و لم تمنعه عربيته من قتل العربي الآخر المماثل له .! [ هوية العرق ] .! و لم تمنعه لغته من قتل الآخر المتحدث بلغته .! [ هوية الثقافة ] .! بل الحاصل أن هناك ترحيب بالأخرين من كل أنحاء العالم المشتركين معهم في هوية التطرف هذه لينظموا لحفل الذبح و قطع الرؤوس القائم على المماثلين لهم في الوطن و اللغة و الـــــــعرق .!

و إذا قلنا أن أخطر ذوبان لهوية يحصل هنا هو كما ذكرنا ذوبان الهوية الإنسانية .. فذلك لأن حقيقة أن الآخر انسان مساوي و مشابه [ و هي الحقيقة الخالدة و أساس الحقائق حول البشرية ] لم تمنعهم من قتله أو ذبحه .. و هذا يعني أن البشرية كلها عدو مشروع لهذه الهوية المتطرفة بإختلاف هويات هؤلاء البشر في العالم ... فقد وصل الحال بالمنتمين للهويات المتطرفة إلى التعامل مع الآخرين على أنهم لا يشتركون معهم في أي شيء و بالتالي لا يشتركون معهم في بشريتهم .!

و إذا كنا نعتبر أن الهوية الإنسانية هوية جامعة تندرج تحتها بقية الهويات الأخرى فإن هذا يختفي و ينتهي تماما و لا وجود له في ذهنية الهوية المتطرفة ... و هذا ما يجعل هويات التطرف أخطر الهويات على الأطلاق ... فبينما في بقية الهويات المعتادة يمكنك أن تفتخر بلغتك أو موروثك أو وطنك بدون أن تقلل من بقية اللغات و الموروثات و الأوطان و بدون أن تعاديها أو تقتل أصحابها ... إلخ .! [ إلا ما يحصل في حالات التعصب التي أشرنا إليها سابقا التي قد تتورط فيها هذه الهويات ] .!

نجد أنه في الهوية الدينية المتطرفة يحدث نفي تام للآخر و لانسانيته و لكل حقوقه المترتبة على هذه الانسانية ...فـ [ الآخر عدو أيا كان هذا الآخر] و يجب له أن يختفي من الوجود و المكان و أن لا مكان إلا لهذه الهوية المتطرفة و المنتمين إليها فقط ... و إن اعطوا مكانا لغيرهم فسيكون هامشياً و هدفه هو الإمعان في الاذلال لا أكثر .

إن أشد ما يجب أن تعمل عليه الإنسانية اليوم هو تعزيز الهوية الإنسانية المشتركة .. ولا يعني هذا محاربة الفروقات بين البشر و إلغاءها بل التأكيد دوماً أن البشر يجمعهم مايمكن أن نطلق عليه الهوية المشتركة و الواحدة و الأساسية ... و هي الهوية الانسانية ثم تأتي بقية الهويات الأخرى .!


إن محاربة أي هوية تقصي الهوية الإنسانية من ذهنيتها و لا تقيم وزنا لبقية البشر هو واجب العائلة الإنسانية بأكلمها ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حرب غزة..احتجاجات جامعات أميركية | #غرفة_الأخبار


.. مساعدات بمليار يورو.. هل تدفع أوروبا لتوطين السوريين في لبنا




.. طيران الاحتلال يقصف عددا من المنازل في رفح بقطاع غزة


.. مشاهد لفض الشرطة الأمريكية اعتصاما تضامنيا مع غزة في جامعة و




.. جامعة فوردهام تعلق دراسة طلاب مؤيدين لفلسطين في أمريكا