الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملك هافانا وواقعية كوبية قذرة

ملك مصطفى

2014 / 11 / 27
الادب والفن


الروائي خوان غوتيريث
ملك هافانا وواقعية كوبية قذرة

في غير مرة تناولنا الآداب الأمريكيلاتينية المعاصرة، وبالأخص الرواية. وكانت الإشارة إلى الفرق ما بين الأدبين في الجزيرة وخارجها، وتعرضنا لأهم ظواهرها وما تنطوي عليه من قيمة تميزها داخل أدب القارة وتنفرد عنها بطبيعة تناولها والبيئة التي إنطلقت منها. والعام الماضي شاءت إحدى دور النشر الإسبانية أن تجمع نماذج من قصة قارة أميركا اللاتينية في ثلاث مجلدات ، ضمت فيها، آخر الموجات القصصية ،بدءاً من أواخر الستينات، وقد عنت وبإهتمام خاص بالجانب الكوبي حيث نشرت قصصاً متميزة للقاص رينالدو آريناس إلى أن تصل إلى آخر الأصوات المعروفة خارج كوبا وهي الشاعرة والروائية المقيمة في مدريد ، ثو بالديس ، وقد أطلقت عليها آنذاك:ثلاثية هافانا القذرة،التي مهدت لفهم أكبر لإشكالية الإنسان الكوبي المعاصر في عالم قاس من ألفه إلى يائه.
في نفس المضمار يجرنا الحديث وصولاً إلىالإصدار الأخير للقاص الكوبي بيدرو خوان غوتيرث الذي أصدر روايته الأخيرة ملك هافانا هنا في العاصمة الإسبانية عن دار نشر آنغراما. وإذا كانت الإنتولوجيا السابقة عن القصة الكوبية المعاصرة قد غطت جزءا بسيطا من مساحة القص الكوبي اليوم،إلا إنها هنا عبر رواية ملك هافانا، تمنح الفرصة للظهور بشكل أكبر، طالما إن عمل غوتيرث الروائي الأخير هذا ، يعد الأهم في الساحة الأدبية، وقد حظي بطبعات في دول لاتينية قبل أن تتعهده دار نشر كبرى مثل آنغراما. ويعترف الروائي بأن قصصه التي ضمتها أنتولوجيا القصة الكوبية السابقة كانت قد أقصت نتاجه الأهم، ومنحت الفرصة لقصص قديمة تتشح بالواقعية المباشرة المطعمة بنفس الواقعية السحرية التي تعلق بها الجميع مع بدء مسيرتهم الأدبية. أحد النقاد أشار إلى أن أعمال غوتيريث الأخيرة تعد مدهشة في مجالها وأكثر قسوة وتشهيراً للواقع الإنساني ،من أي عمل كوبي آخر نشر في الفترة الأخيرة.
في روايته (ملك هافانا)،يحاول الروائي الكوبي غوتيريث الإنتصار لمدرسة الواقعية القذرة متمثلاً بنماذج معروفة، لعل إسم كوفسكي،في تتبعه لشخصية الفرد الإستثنائي،المهمش ،وأغلب الأحيان العاطل أو المتشرد، بالبحث عن الأماكن النائية والمدمرة أو السجون ومراكز الإقامة واللجوء المؤقت ،كل ذلك الأثر وغيره يكون قد إستفاد منه الروائي الكوبي لجعل محيط عمله أقرب للنمط الذي إرتأه في التعليق والتركيز كبؤرة سرد ممكنة. ولكنه في روايته ، يعود كذلك إلى عناصر أولى في قصصه،مع بعض الإضافات التي تمسح من ثقل أثر الواقعية السحرية فيها ،حيث إنه في هذه الرواية يعرض لنا بإسلوب أكثر تهكمية وخرقاً في نمط الأدب اللاتيني المعاصر،فهو يعامل المادة بطريقة مغرية عادة: الإيروتيكية وإحتمالاتها المتعددة والجاهزة في أماكن غريبة ومواقع بعيدة عن الذهن ، خاصة بظرفها.
الروائي يتخذ من رجل متشرد بطلاً للرواية،و يطلق عليه الناس إسم ملك هافانا، وهو يتلاعب بالإسم، ويضيف له ما يجعله غامضاً وطريفاً أو محتقراً حسب نفسيته. هذا البطل الهامشي قادر على فعل أي شيء، حتى إن فرص الإبتكار في الرواية قياسا قليلة هنا.فهو شخصية قاسية، قادرة على القتل والسرقة، وجل إنشغاله اليومي بعد ذلك ، هو في البحث عن متع جنسية هنا وهناك. هنا نرى بإن الإيروتيكية قد جاءت مكملاً تعبيرياً على هوس ملك هافانا، شارحة تفاصيل قد لاتوجد في أكثر الكتب إنتشاراً نماذج من نوعيتها، ولكنها في الوقت نفسه لم تكن إعتباطية أو غرائبية عن نوعية البطل، بل شرح ممكن لحالته ومشاعره. ونعرف تماماً بأن الروائي في نموذجه قد أراد تسليط الضوء على نموذج التسلط الذكوري في وضع المأساة المجتمعية.
تدور معظم أحداث الرواية، وتنتج عنها مظاهر تسلط ملك هافانا على الشارع في ظل أجواء سياسية مهزومة كما يصورها البطل نفسه، وخلفيتها هنا كما في قصص سابقة تدور في هافانا اليوم، وهو في تجسيده لطبعه المتمكن هذا إنما يحاول المقارنة ما بين حالة السلطة القاتلة سواء جاءت من شكل مؤسساتي أو من فرد لايحتكم إلى غاية أوإلى شروط حياتية. عبر مشاهد الرواية التي تتبع تحركات البطل، ندرك على لسانه أو من خلال الوصف بأن الحياة التي تدور ليست سوى رياح لاقيمة لها.هذا الواقع العبثي،القذر،والحضور القدير لسلطة العنف والإستبداد تتحول بالتدريج إلى عامل تقدير وإرتفاع بدلاً من العكس، وهو ما يجعل البطل يرى ذلك مع الخوف الظاهر على الآخرين ومن مناداتهم له بالملك. في لحظات نرى علامات ضئيلة من حب ترافق الحياة سواء للملك أو للشخصيات الأخرى المنتشرة عند الزوايا والشوارع، إلا إن الخطاب سرعان ما يصبح مقتضباً وينطفئ تلقائياً، فالحل يبتعد والوضع يتغير بإستمرار.
إن بطل رواية الكوبي خوان غوتيريث ليس الدكتور جيكل أو الماركيز دى صاد أو وحش غويا في لوحته الشهيرة، بل إن نموذجه قريب للواقع تماماً، العالم الخلفي، الشاسع أيضاً، والذي تخفيه الحقيقة أحياناً وأحياناً أخرى النوايا المغلفة، ولكنه قائم سواء تم تسميته بالملك أو بصفته الحقيرة ذاتها، " إنه واقعنا بوضع صحيح،لأننا مقلوبون تماماً"كما يذكر الروائي في الرواية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لما تعزم الكراش على سينما الصبح ??


.. موسيقى وأجواء بهجة في أول أيام العام الدراسى بجامعة القاهرة




.. بتكلفة 22 مليون جنيه.. قصر ثقافة الزعيم جمال عبد الناصر يخلد


.. الكلب رامبو بقى نجم سينمائي بس عايز ينام ?? في استوديو #معكم




.. الحب بين أبطال فيلم السيد رامبو -الصحاب- ?