الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خرافة مطمئنة

كمال بالمقدم

2014 / 11 / 27
كتابات ساخرة



[ من الأفضل أن تتبنى حقيقة قاسية .. على أن تعتنق خرافة مطمئنة ] كارل ساجان


إلى أي حد من الممكن يكون الشخص سجـــينا بإرادته لعالمه الضيق الصغير الذي لا يريد لجدرانه أن تتحطم أو على الأقل أن تتوســـع ؟
إلى أي حد من الممكن أن يكون الإنسان منقادا لنمطيته و [ روتينه ] الذي لا يريد أن يلحق به أي تغيير أو تبديل ؟
إلى أي حد من الممكن أن يكون الإنسان عبدا تـــحت يد رغباته النفسية بدون أدنى إعتبار إلى أين تقوده تلك الرغبات و مدى تأثيرها عليه ؟


الجواب لكل الأسئلة هو : لا يوجد حدود .!


لكنه ليس جوابا ينطبق على كل المجتمعات أو البشر ... هو ينطبق بشكل أكبر و أدق على المجتمعات المنغلقة و التقـــليدية .! تلكـ النوعية من المجتمعات الجامدة .. التي تملك كل الإجابات و التي تستميت لتبقى على ما هي عليه ... و على إنسان تلك المجتمعات الذي فُرض عليه أن يرى الوجود من زاوية معينة لا غير ... ذلك الإنسان الذي سبقت ماهيته وجـــوده ... إنسان تلك المجتمعات الذي اراه يتجسد أمامي في طفولة [ سنكلير ] بطل رواية هرمان هسه [دميان] .!

ذلك الطفل الذي لم يرد أن يغادر نعيم جنته العائلية ... الامان و الدفء الذي منحته إياه عائلته الصغيرة و والديه ... هو يريد لذلك أن يستمر .. لكنه يُصدم بالعالم المغاير في الخارج .. هو لا يملك الأداة لمواجهة هذا العالم المختلف عن جنته الصغيرة ...
لذلك هو يختار و يفضل دوما أن يعود لنعيم عائلته بدلا من مواجهة واقعه و عالمه ..

الطفولة العقــلية .!

اختيار الحل المريح بدلا من الحل الصحيح ... كيف و لماذا يفتن [ سنكلير ] بـ [ دميان ] ...؟ دميان هو ذلك الانسان المغاير الذي يبدو أن العالم لا يخيفه و هو يخوض غماره بشجاعة و ثقة ... هو الإنسان الغير مقيد ... الإنسان الغير خائف ... الإنسان المفكر ...يفتن به لأنه يرى فيه الإنسان الذي يريد أن يكونه ... فـجنته العائلة الصغيرة في نهاية الأمر لم تجعله قادر على التعامل مع العالم الحقيقي كما يفعل [ دميان ] .!

العالم الحقيقي يتطلب أدوات و مهارات لا تستطيع جنته التي تبعث الطمأنينة في قلبه أن توفرها أو تعلمها له ... قد يبدو شعور ترك سنكلير لجنته العائلية الصغيرة خطوة مؤلمة .. لكنها ضرورية ليستطيع أن يعيش في ذلك العالم ... جنته تلك لن تقدم له أي شيء حقيقي في العالم الحقيقي .. حتى و لو أشعرته بالأمان و بثت الطمأنينة في جوانب نفسه .!

إن لم يتوافق العالم مع جنتنا ... فلنغير جنتنا ... لأننا كأساس نتعامل في كل يوم و في كل لحظة مع العالم الحقيقي إن أثرت جنتنا على مدى تفوقنا و فاعليتنا في تعاملنا مع هذا الواقع ... فنحن مخيرون إما بين جنتنا المريحة أو عالمنا الواقعي و متطلباته .! هناك من أقصوا جنتهم من أجل خاطر واقعهم فكانت النتيجة أن أتتهم الجنة بنفسها طائعة و هي تمسك بيد الواقع و تقول : هيت لكم هاهنا و في هذه الأرض ... و هناك من فضل أن يبقى في جنته التي تعطيه الأمان فكان أن أصبح واقعهم جحيما ينهشهم بلا رحمة تاركا لهم الحلم في جنة ما ورائية بعيدة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟


.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا




.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط