الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


للنزوح حكاية ألم

روكش محمد

2014 / 11 / 28
سيرة ذاتية


نولد, نحيا ,ونموت لنمد فلذات أكبادنا بقوانا ونزرع في نفوسهم ما لم نتمكن من بلوغها من أمنيات وأحلام وردية .لكن هذه القوى باتت خائرة الآن ,
موبوءة بظلم من يرتدي الدين رداءً يشف عن ضغينة وحقد استشرى في نفوسهم الضعيفة, وأهلك أرواحهم المريضة ,حتى صبوا نيران غضبهم ,
ووجهوا فوهات بنادقهم نحو قلوب طاهرة وأمنيات غضة لم ترى النور بعد. نحو أناس أبرياء جريرتهم الوحيدة أنهم تمنوا العيش الكريم وكسر حاجز
الخوف وقيود الاستبداد.
أوَ لسنا آدميين ممن خلقهم إله السموات ؟!!
أوَ لا يحق لنا أن نحيا كما نشتهي ..نتذكر ما نشتهي ..نحلم بما نشتهي ..نموت كما نشتهي
وفي المكان الذي نشتهي ..
أوَ لا يحق لنا التمرد على العقول المريضة والأفكار المتعفنة ...
طُلب منا الرحيل في غضون لحظاتٍ, وحمل ذكريات بعمر الزمن في حقيبة صغيرة وكيس
من البلاستيك...تجولت عيناي كثيراً في بيتي الصغير,وتنمرت روحي ,احترت فيما يلزم
وما يتوجب عليَ حمله ...كثيرة هي الزوايا والأشياء الصغيرة التي لها في قلبي محبةً وذكرى لاتقدر بثمن.
أنفاس عزيزي التي تسكن جميع الزوايا وتمتزج بروحي.. هذه الكتب والقطع الصغيرة ماذا أفعل بها ؟ !!
هذه الجدران ,وصورة والديَ التي تتوسط البيت ,ذكرياتي ,آمال صغاري وأحلامهم الغضة
لحظات الحب والدفء التي عشناها ...من المعيب أن أنساها الآن ,أو أتجاهل ولو لثوان ذاك الكم الهائل
من الشغف والوله في داخلي نحوها .
ترنحت في مكاني ,ولم أعد أميز شيئاً ,جمعت بعض الأشياء الصغيرة ولم أنسى ألبوم صوريفحكاية عمري من الألف إلى الياء مطوية بين صفحاتها ,
ثم خرجت وأطبقت أصابعي بكل ما أوتيت من قوة على مفتاح منزلي الصغير,وغادرت مسرعة خائفة ,هائمة على وجهي حاملة ما تبقى من روحي دون أن أحظى بلحظة وداع ...
الآن كلما تذكرت زهور النرجس ,والياسمين ,وشجيرة التين العزيزة علي ,تشتعل روحي غضباً وحنيناً وأغرق في خضم بحر من الحزن والأسى ,وأنا أتنفس الصعداء .
من الصعب جداً أن نحيا في فراق عما نحب ونشتهي ,وتصطبغ حياتنا بلون الشقاء والحزن ..
من الصعب أن تطوي الحياة أجمل لحظاتنا في كفن ,أن نمدَ أصابعنا فتعود خائبة ..
ومن الصعب أن تصرخ أفئدتنا فلا يُسمع لها غير الصدى ونبتسم في وجوه نجهل ملامحها وتجهلنا ..
والأصعب من كل ذلك أن نعانق الموت في الحياة ,ونضيع في وطنٍ ليس وطننا...
أنا التي لم أُحبذ يوماً أن يسترق أحدٌ النظر إلى بيتي الصغير ,يقتحم عليَ خلوتي وأحلامي ,
ويعري قلبي الصغير من مشاعره ,فإذا بأبغض خلق الله يجتاحونه ,يعبثون بأشيائي ,ويهدمون
عمراً من الذكريات هدهدتها طويلاً في ليالي الشتاء الباردة ,وتسامرت كثيراً برفقتها في
سهرات الصيف الحالمة .والآن أناجيها طويلاً في ليالي النزوح الحزينة التي تقضم ما تبقى من
رمق حياتنا المتهاوية .. .
لم يعد أمامنا الآن سوى الضياع والوجع وحرقة الفؤاد , فأمنياتنا وأحلامنا غدت أشلاءً مبعثرة
على شرفات وفوق أرصفة بلاد الشتات والنزوح. والأسوء من كل ذلك الخضوع لهذا الاستبداد النفسي والجسدي
والحياة في بلاد أوكسجينها لا يمتزج بأنفاسنا,و لايمت بأية صلة لرئتينا ,قمرها لايدرك شيئاً عن معاناتنا ,
لا تلفح حرارة شمسها وجوهنا المكفهرة ولاتخترق خيوطها شغاف قلوبنا الممزقة من الحنين والألم ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تغلق -الجزيرة- والقناة القطرية تندد بـ-فعل إجرامي- •


.. حسابات حماس ونتنياهو.. عقبة في طريق المفاوضات | #ملف_اليوم




.. حرب غزة.. مفاوضاتُ التهدئة في القاهرة تتواصل


.. وزير الاتصالات الإسرائيلي: الحكومة قررت بالإجماع إغلاق بوق ا




.. تضرر المباني والشوارع في مستوطنة كريات شمونة جراء استهدافها