الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إنطباعات حول ديوان الشاعرة العراقية سحر سامي الجنابي (على جناحي زاجل )

سلام كاظم فرج

2014 / 11 / 28
الادب والفن


إنطباعات حول ديوان الشاعرة العراقية سحر سامي الجنابي
(على جناحي زاجل )

سلام كاظم فرج
ثمة مقولة يتداولها شعراء قصيدة النثر ويحتكمون اليها.. إتبع خطوات عاطفتك وشعورك وفكرتك ولا تتبع خطوات الوزن والقافية.. فمتطلبات القافية والوزن قد تستهلك الكثير من دفقات الشعر في النص.. وقد تحيد عن الفكرة التي انبثقت ابتداء في الوجدان. هذه المقولة قد يفندها من لا يرى الشعر الا من خلال مقومات ثابتة وأساسات متفق عليها كالثبات على وزن معترف به ضمن بحور الشعر المثبتة المعروفة وفق تصنيف الخليل بن احمد الفراهيدي والقافية الواحدة ...
هذه الفكرة راودتني مقترنة بفكرة تسامي النصوص الى درجة الاستعلاء على الجمهور ومخاطبته بلغة الانبياء والقديسين.. او تساميها الى درجة الانخراط بمعطياته (الجمهور) كما هي والتعايش معه ومع ثقافته السائدة بكل ما فيها من بساطة والتعاطي مع خموله وتخلفه ( الجمهور ايضا) لا من اجل ديمومة ذلك التخلف. او ذلك الخمول بل من اجل إنهاضه من رقدته والارتقاء به لاحقا.. من اجل ذلك اعتبرت التعاطي مع الجمهور وفق معطياته سموا او تساميا ايضا.. فليس بالحداثة وحدها تبنى الثقافات ولا بما بعد الحداثة ينتج الرقي.. دائما.. ربما العكس هو الصحيح..
هذه الانطباعات اقترنت بذائقتي وأنا أقرأ قصائد الشاعرة سحر سامي في ديوانها الجديد ( على جناحي زاجل ) الصادر عام 2014 من منشورات المركز الثقافي للطباعة والنشر في بابل.. فقد وجدت الشاعرة وهي المتمكنة من ترويض القوافي والاوزان ان ثمة مساحة ممكنة للحداثة في قصيدة النثر او القصيدة الحرة .. لذلك رأت في الشعر حمام زاجل وعلى جناحيه يمكن ان تحلق قصائد العمود ( قصائدها).. وقصائد النثر ايضا.. لذلك وجدتها تضع عنوانا مبكرا للجزء الاول من الديوان( الجناح الاول..) ضم كل القصائد العمودية.. وعلى الجناح الثاني حلقت قصائدها الأخرى التي توزعت بين الشعر الحر وشعر النثر..
في ديوانها هذا خطت الشاعرة خطوات واسعة تقدمت فيها كثيرا عن مجموعتها الاولى ( ضفاف ملونة )..بإرادة صلبة تلخص شجاعة المرأة العراقية وقدرتها على التجاوز رغم إهمال النقد وكسله وعدم تعاطيه مع الاعمال الواعدة الا بعد الاطمئنان الى استقرارها وتركزها في المشهد الادبي..
ان قلة النقود التي تناولت مجموعتها الاولى لم تحبط الشاعرة.. وها هي تصدر مجموعتها الثانية.. ولأنها تعشق العراق كان الإهداء الى العراق ..( أحاول أن أطلق الروح من ناقوسها الى فضاءات شاسعة لأحرر شرنقة من شرنقات السعادة التي طال سباتها وارسم الوان جناحيها في تجليات من ايحاءات انسانية مكبوتة فبدأت بكتابة حكاية نهايتها تقتفي آثار أحلام مستفزة..
أهديه أليك ياعراق على جناحي زاجل / إلى عوالم ( الشعر والنثر). إلى مملكة الحقيقة الممكنة للأدب..)..
في الجناح الاول ثلاثون قصيدة عمودية تشتغل موضوعاتها على الهم الوطني والفكر والوجدان والعاطفة. والرثاء..
تقترب بعض قصائد الجناح شكلا واسلوبا من انماط الموشح الاندلسي .. فتلزم الشطر بقافية واحدة .وتلزم العجز بقافية ثانية.. كما في قصيدتها ( إهتزاز نبض )
فتقول:
حين مل البحر إيهام النجوم بإستراق السمع عن سر السماء
أغمضت عينيه آماق الهموم وابتلى الاعماق حب في الخفاء
ويحه الفلاح إن ذم السموم يقبل الاعصار فورا للنداء

يصنع العشاق حبلا للنجوم من نبات الصبر او زهر الوفاء
وهكذا....
لكنها في قصيدتها مابين الشعر والشعور تحلق عاليا في تنويع قافية الشطر فنراها تكتب ::
تشتهيك الروح كالخمر المعتق في أماسيها حبيبي فترفق
تشتهيك الروح كالشهد المصفى سائغا في الريق كالماء تدفق
نهلك الرقراق لم يطفئ شراري بل سرى كالزيت في قلبي فأحرق
ومن القصائد الحافلة برقة الشعور مخاطبتها لصديقتها الشاعرة السورية فاتن الحلاق. وقد انتابتها مشاعر القلق عليها بسبب الاحداث في سوريا وانقطاعها عن التواصل//
فاتن الحلاق عودي وانشديني.. قد وعدت // زهرتي // لن تتركيني
ومن قصائد الرثاء المؤثرة قصيدة وضعتها على لسان أحد الجرحى من ابناء مدينة المسيب التي طالتها يد الغدر فأودت بحياة نخبة من خيرة شبابها.. تقول الشاعرة في قصيدتها (صوت أحد الجرحى )..
ورضيت حتى باليسير فنالني يوما من الايام حقد عاري
والنار تلتهم الجميع كأنهم ورق الخريف وذابل الازهار
لما أتتني واكتفت بنصيبها ساقي وعيني.. هل لها من ثار
ياليت أحزاني بهذا تنتهي وبقيت ارجو لفتة الاقدار..

في الجناح الثاني تطالعنا قصائد النثر.. لترينا روح الشاعرة المتحررة من نير التزمت والتعصب والانغلاق.. فهي لاتتحيز الى نمط شعري واحد وتنغلق عليه كما يفعل بعض شعراء العصر الحديث.. فيرمون مخالفيهم بالخيانة والمروق عن جادة الشعر..
في قصيدتها( نوبة )
تكتب
تنتابني نوبة إلهام
كصعقة برق
وتهرب مني
فأعدو وراءها
لاهثة
وفي الضباب
تفلت من يدي
فأندب فرصتي الضائعة...
وفي نصها غمز العيد تكتب :
لبائعة الورد
وبائع الآيس كريم
خطف الاولاد بهما
الى زاوية مضيئة
من هذا العالم
لم يصل اليها الكبار
!!
الكلمات هنا تحتفل بالبراءة وتعبر ببراعة عن غبطتها للصغار وهم يعيشون عالما قد يفهمه الكبار ولكن لا يمكنهم الوصول اليه..
هذه الانطباعات غيض من فيض لغة الالم والقلق والعشق الصوفي التي حفل فيها ديوان سحر الجنابي وهو يؤسس لبناء جملة شعرية تغامر في البحث عن الذات تارة والبحث عن الشكل الشعري الجديد تارة أخرى..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -مستنقع- و-ظالم-.. ماذا قال ممثلون سوريون عن الوسط الفني؟ -


.. المخرج حسام سليمان: انتهينا من العمل على «عصابة الماكس» قبل




.. -من يتخلى عن الفن خائن-.. أسباب عدم اعتزال الفنان عبد الوهاب


.. سر شعبية أغنية مرسول الحب.. الفنان المغربي يوضح




.. -10 من 10-.. خبيرة المظهر منال بدوي تحكم على الفنان #محمد_ال