الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فشل -الربيع العربي-

محمد سيد رصاص

2014 / 11 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


بين يومي 17كانون أولديسمبر2010و18آذارمارس2011انفجرت خمسة مجتمعات عربية ذات طابع رئاسي جمهوري بدءاً بتونس وانتهاء بسورية:بعد مايقارب الأربع سنوات على تلك التجربة العربية،نجد عودة ،بهذا الشكل أوذاك،للنظام القديم في تونس ومصر واليمن،ونصف عودة في ليبيا عبر ظاهرة اللواء خليفة حفتر والقوى المتحالفة والمساندة له،فيمااستطاع النظام السوري تسجيل أنه الوحيد بين الأنظمة الخمسة الذي لم يسقط لاكبنية ولاكرأس ولوأنه تزعزع ولم يستطع تكرار انتصاره الأمني- العسكري في أحداث1979-1982.
لم يكن هذا فقط بسبب كون القوى الجديدة التي صعدت إلى سطح السلطة في البلدان الأربعة فاشلة في الإدارة وفي الحكم،وهي كلها من قوى(الاسلام السياسي)في طبعته الاخوانية مع تحالفات مع قوى أخرى من قبلها،كانت في مصر من السلفية وفي ليبيا من السلفية الجهادية وفي تونس قوى ليبرالية فيماكانت في اليمن من قوى عسكرية انشقت في اللحظة الأخيرة عن النظام السابق مثل اللواء محسن الأحمر أوانزاحت عنه مثل نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي،وإنما أيضاً بسبب انزياح الغطاء الدولي الأميركي عن (الاخوان المسلمين)بين خريف2012وربيع2013 ،فيماأثبتت قوى النظام القديم أوالقائم قدرتها على رد الموجة المضادة ثم التغلب عليها ليس فقط من خلال العمل الأمني- العسكري،كماجرى في اليمن بأيلولسبتمبر2014عبر تحالف القوى العسكرية النظامية الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح مع الحوثيين،وإنما أيضاً عبر استناد العمل الأمني- العسكري على قاعدة جماهيرية،كماجرى من قبل انقلاب 3يوليو2013 للفريق عبد الفتاح السيسي في مصر على الرئيس محمد مرسي الذي استند إلى حراك جماهيري ضخم في يوم30يونيو أومن قبل الحراك العسكري للواء حفتر في ليبيا الذي من الواضح أنه يتمتع بتأييد اجتماعي كبير يمتد إلى الليبراليين وقاعدة النظام السابق ضد الاسلاميين،فيمافي تونس كان فوز (حركة نداء تونس)،وهي امتداد بهذا الشكل أوذاك لحزب الرئيس السابق بن علي ،في الانتخابات البرلمانية الأخيرة تعبيراً عن تآكل قوى الثورة التونسية.
ليس كل الحراكات الاجتماعية التي حصلت في البلدان الخمسة بثورات،ماعدا تونس ومصر حيث مثًل الحراك أكثر من نصف البالغين في المجتمع قلباً ولساناً ويداً،وليس فشل الثورات والحراكات سابقة عربية،حيث فشلت الثورة الانكليزية للبرلمان ضد الملك بين عامي1642-1649عندما عاد ابن الملك المقتول واستعاد العرش في عام1660قبل أن تقوم الثورة الدستورية على الحكم الملكي 1688-1689وتنتصر وتقوم بتثبيت الملكية الدستورية:الملك يملك ولايحكم والحكم للبرلمان،كماأن ثورة1789الفرنسية ضد آل بوربون قد فشلت في عام1815عندما عاد النظام القديم والأسرة الملكية القديمة قبل أن تزيحهم ثورة تموز1830،ثم فشلت ثورة شباط1848الفرنسية لماانتهت بحكم ديكتاتور فرد أعلن نفسه امبراطوراً كمافعل لوي بونابرت في 2كانون أولديسمبر1851.
هنا،من الملفت للنظر قوة قاعدة النظام القائم في الأنظمة العربية الثلاثة التي سقط رأسها(تونس- مصر- اليمن)أو سقطت بنيتها(ليبيا)أوالتي صمدت كنظام رأساً وبنية(سورية)،وهشاشة وضعف القوى المضادة المتحركة أوالثائرة على الأنظمة القائمة ولوأن حالات كتونس17ديسمبر2010-14جانفي2011ومصر25يناير-11فبراير2011كانت تعبيراً عن قوة شارعية مثلت الأكثرية عبر حالة فورانية ثورية،حيث سرعان مافقدت القوى الثائرة زخمها عندما وصلت للسلطة،ثم انقسمت ،وبعد هذا وعبر تجربتها السلطوية تقلصت وتلاشت قاعدتها الاجتماعية كمافي مصر وتونس واليمن،وفي ليبيا دفع الاسلاميون الكثير من القوى الاجتماعية التي كانت معهم أووراءهم أومحايدة للثورة عليهم بسبب الحكم الميليشيوي، ولدفعها نحو وضع من المساندة الاجتماعية لليبراليين وللقوى الجهوية على حساب الاسلاميين كمابان في انتخابات يونيو2014البرلمانية أولمساندة تحرك اللواء حفتر ضد الاسلاميين وهو المدعوم من بنية الجيش القديم زمن القذافي أومن قوى نظامه أومن القوى الاجتماعية المحايدة أمام حراك17فبراير2011.في اليمن عام2011كان الحراك المضاد لنظام علي عبدالله صالح أضعف من تونس ومصر وليبيا،وفي سورية مابعد درعا18آذارمارس2011كان الحراك السوري أضعف البلدان الخمسة من حيث قوة القاعدة الاجتماعية وفي ذروة قوته خلال عام2011 لم يستطع تجاوز ثلث المجتمع فيماكان الثلثان الآخران في الموالاة والتردد ثم بدأت القاعدة الاجتماعية للحراك السوري المعارض بالتآكل التدريجي منذ عام2012.
لم يكن صمود النظام القديم وعودته في البلدان التي جرى فيها "الربيع العربي" العلامة الوحيدة على فشل هذا "الربيع"وإنما أيضاً ماأدى إليه هذا "الربيع"من كونه كان قوة دافعة نحو اظهار هشاشة البنية الداخلية للمجتمعات العربية الخمسة، وليس لتمتينها كمافي الثورتين الانكليزية والفرنسية ثم الروسية في شباط وأوكتوبر1917،حيث كان "الربيع"مصعداً للقوى النابذة للوحدة في هذه المجتمعات:الطائفية،الإثنية،الجهوية،القبلية،العشائرية،كماكان كاشفاً لمدى ضعف البنية الوطنية القطرية الحديثة في هذه المجتمعات العربية الخمسة،هذا إذا تركنا العروبة جانباً.كان التفكك البنيوي للمجتمع في لحظة الانفجار سبباً وآلية لاستدعاء الخارج وللاتكاء عليه في الصراع الداخلي ضد المواطن الآخر في المجتمع،وبالتالي لكي يصبح الخارج،سواء كان قوى دولية أواقليمية،هو المتحكم بالصراع المحلي.أيضاً كان التفكك الداخلي في لحظة الصراع هو السبب في نمو قوى التطرف،مثل داعش في (العراق و) سورية أوتنظيم القاعدة في اليمن أوالسلفية الجهادية في ليبيا فيمايلاحظ أن نمو التطرف في مصر متعلق بحركة استبدالية عند الاسلاميين بعد هزيمة3يوليو2013للنزعة الاخوانية الأصولية بالسلفية الجهادية فيمايبقى المجتمع المصري الأقوى تماسكاً من حيث البنية الداخلية هو والتونسي وهذا مايجعل التطرف الاسلامي في البلدين حركة أيديولوجية انزياحية ذات قاعدة اجتماعية ضعيفة ،ولوأن سورية أثبتت تماسكاً أقوى أمام الاحتراب الطائفي في أعوام2011-2014بالقياس للبنان1975-1990وعراق2003-2014إلاأنها كانت ذات خاصرات رخوة في محافظة ادلب وأرياف حلب والرقة وديرالزور والحسكة حيث رأى تنظيم داعش بنية خصبة للزرع أكثر أوتوازي ماكان في العراق.
أمام كل ماسبق:هل هذا ربيعاً أم صقيعاً؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التلفزيون الإيراني: تنظيم الانتخابات الرئاسية في 28 يونيو


.. مقتطفات من لقاء سابق أجرته الجزيرة مع الرئيس الإيراني الراحل




.. لحظة دخول مساعدات لشمال قطاع غزة


.. بعد اتهامات طهران لها بتدبير الحادث.. واشنطن تؤكد أن لا علاق




.. بايدن وترامب والملف الإيراني | #أميركا_اليوم