الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ليتني كنت أصم

بيتر إسحق إبراهيم

2014 / 11 / 30
الادب والفن


تسألني دوماً يا صديقي لماذا لا أكف عن ترديد "ليتني كنت أصم", حسناً أعتقد بأني سأخبرك اليوم أخيراً, في الحقيقة أنا لا أعرف على وجه اليقين هل هي مشكلتي الشخصية كوني لا أتحمل الضوضاء أم أن الضوضاء من حولي لم تعد محتملة, لكني في أغلب الأحيان أرجح كفة الاحتمال الأول حيث أرى الحياة من حولي تسير سيرها المعتاد دون شكوى أو تذمر من أحد, فقط يزداد الضوضاء والضجيج يوماً بعد يوم, وإني لأتعجب ممن حولي أيما عجب, كيف يتعايشون مع مثل هذا الوضع الصعب؟, لماذا لا يشتكي أحد؟.

مع الوقت يا صديقي تجد الضوضاء سبيلها إلى نفسك, تتغلغل بداخلك, تخترق أعماقك فتفقدك سلامك الداخلي, حتى تصبح الضوضاء جزء منك, لكن هذا ليس بالشيء الخطير بالمقارنة بما يحدث بعد ذلك, أن تصبح الضوضاء جزء منك ليس بالأمر الخطير حقاً, على الأقل مازلت تحتفظ ب"منك", تحتفظ بكينونتك أو جزء منها وإن كانت تعمها الفوضى, المأساة حقاً يا صديقي تظهر عندنا تصبح أنت جزء من الضوضاء, تتماهي كينونتك مع الضوضاء حتى تتلاشى, هذه هي المأساة الحقة, نقطة اللا عودة, ربما لهذا السبب توقف الناس عن الشكوى, أصبح الضوضاء هو مادة تكوينهم وهم مادة تكوينه, فكيف لهم أن يشتكوا منه؟!, كيف لهم أن يستشعروه بالأساس؟!.

مازلت أذكر قصة كانت تروى لي على عهدي بالكنيسة, ذلك القديس الذي يدعى سمعان الذي فقأ عينه حين رأى ساق إحدى الفتيات اللاتي جئن إليه لتصليح حذائها, دائماً ما كان يشار إلى أنه ما فعل هذا إلا تنفيذاً لوصية الرب "فإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ الْيُمْنَى تُعْثِرُكَ فَاقْلَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ، لأَنَّهُ خَيْرٌ لَكَأَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ أَعْضَائِكَ وَلاَ يُلْقَى جَسَدُكَ كُلُّهُ فِي جَهَنَّمَ.",لكني دائماً ما كنت أتساءل أي إنسان عاقل قد يقدم على مثل هذا الفعل؟, وإلى وقت قريب كنت أستنكر هذه القصة وهذا الفعل, ربما يرجع هذا إلى الاسلوب والطريقة التي قصت بها علينا, محاربة الخطيئة وإماتة الشهوات ومحبة الرب وما إلى ذلك من العبارات الرنانة التي لم أستسيغها يوماً, لكني الآن أشعر بأنني أفهم سمعان على نحو أعمق, فالأمر يتعدى مجرد نظرة إلى ساق عار لفتاة جميلة, فتلك النظرة لن ترمي به إلى جهنم على أي حال وإلا كان الله ظالماً, لكنه شعر بالتهديد, هنالك شيء يحوم حول كينونته ويهددها, شيء يهدد سلام نفسه, هذا الشيء يحاول التسلل إلى داخله عبر عينيه, وإن نجح في التسلل هذه المرة ربما يتكرر الأمر في مرات أخرى حتى يتماهى مع ذلك العالم الذي يكره, لذا فقد قطع الطريق على هذه الأشياء التي تهدده, وفقأ عينه, هكذا ببساطة.

ربما الأن يمكنك فهم لما قد قصصت عليك قصة سمعان, ولما أحمل في يدي مسدس, فلكل شيء سبب, أو هكذا نأمل, وإن لم تفهم فدعني أخبرك بإني قد قررت أن أحذو حذو سمعان, وأنا وإن كانت مشكلتي في أذني فقد قررت أن أقضي عليهما, وعليك الآن أن تساعدني في هذا الأمر, لقد أصبحت الضوضاء جزء من نفسي لكني لن أسمح بأن أصير جزء منها, هذه فرصتي الأخيرة للنجاة فأرجو أن تساعدني, خذ المسدس وصوب الآن داخل فتحة أذني, ستنطلق الطلقة لتثقب أذني وتخرج من الأخرى بعد أن تثقبها أيضاً, لا لن أموت بالتأكيد.. لا تقلق.. فقط ساعدني.. هيا.. الآن.. اطلق............................................................................................................

انتهى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي