الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بن لادن يستحق الشكر!!!؟

سلمان بارودو

2005 / 8 / 31
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


بالرغم من وجود اتفاق منهجي واضح بين الأنظمة الشمولية وحركات الإسلام السياسي على مبادئ أساسية ليس من بينها حقوق الإنسان وكرامة المواطن ، فالأنظمة تتجمل بصندوق الانتخابات في رقصة تعبيرية لجمع التبرعات لمرشحيها ، بينما تكرس آلتها الإعلامية لخلق قمع داخلي ورقيب نفسي يكفر تلك الحقوق على أساس ديني ، وهو ما يلقي بالطبع الاستحسان والتقدير من حركات الإسلام السياسي التي تتفق والأنظمة على جانب وحيد من الديمقراطية هو صندوق الانتخابات كلعبة صراعية حول المساحات الممكنة من السلطة . ويتفقان أيضا على استبعاد أي مكون آخر في بنية الديمقراطية . وعبر إعلام الحكومات أمكن للإسلام السياسي ضخ مفاهيمه ومواقفه لتنميط الفعل الجماهيري بموجبها في اتفاق وتحالف معلن . وضمن تلك المفاهيم المنشورة المبثوثة قام خطاب الإسلام السياسي بخداع ورياء ونفاق بإعلانه الموافقة على الجانب السياسي للديمقراطية لكن مع تبديع وتكفير بقية جوانب الديمقراطية ، مع التأكيد بالاستخدام المستمر والمتكرر لمصطلح الديمقراطية كدال على معنى واحد هو الجانب السياسي . أما بقية جوانب الديمقراطية التي تندرج تحتها كل المعاني الحقوقية الليبرالية وهي الحريات التأسيسية للديمقراطية كي تكون ديمقراطية ، فقد استخدم لها مصطلح ( العلمانية ) ، مع تحميل مصطلح العلمانية كل المعاني السلبية الممكنة إزاء القواعد الإيمانية في الإسلام . حيث إن الحركات الإسلامية بطبيعة تكوينها تولي العنف لأن أصوليتها تعني أنها محكومة بنماذج الماضي التي تنفي مشروعية الحاضر وتراه فاسدا بالمقارنة مع ذلك الماضي ، ولذلك تهدف إلى تغيير الحاضر ليصبح ماضيا ، هذا مع خاصية الأصولي الذي يرى نفسه الحق كله ويسلك بحسبانه منوبا عن الله في أرضه لتنفيذ شريعته لذلك يزدري الجميع ولا تعنيه حقوق البشر بل حقوق الله ، فيصنف الناس بين مؤمن وكافر ... وساعتها لا بد أن يبدأ العنف والإرهاب ، رغم إن الإرهاب هو سلاح الضعيف وأن هذا الإرهاب له أسبابه وجذوره التي يجب أن تجتث شئنا أم أبينا ، وأن المعركة مع الإرهاب ليست معركة تقليدية تضرب فيها القنابل وتطلق فيها الصواريخ أينما أمكن تحديد مواضعه المفرخة ، ولكن أيضا بالتدخل العلني وبضغط القوة الصريح الواضح في ثقافات المسلمين ومناهجهم في التفكير والسلوك التي كانت المفرزة لهذا الإرهاب .
وأخيرا وبعد جهد جهيد أدركت الولايات المتحدة الأمريكية إن بن لادن وجماعاته الإرهابية السلفية المنتشرة حشريا في كثير من الدول ، لتجد نفسها في مواجهة خطر عظيم يصعب تحديده أو الإمساك به للقضاء عليه ، حيث تقف من ورائه أيديولوجيا عقيدية متكاملة ، تضمن لمقاتليها الخلود في جنات النعيم في كرامة لا ترقى إليها رتبة أخرى .
وهو الفارق الثقافي الهائل في فهم قيمة الفرد الإنسان في منظومة الغرب الليبرالية وفي منظومة المجاهدين المسلمين ، فارق يجعل أحدهما دوما غير مفهوم للآخر ولا حتى معقولا . واكتشفت الحرب الجديدة ضد الإرهاب بفضل مهندسها المشهور بن لادن قدس الله سره أنه ليس بآلة القتل وحدها يمكن محاربة الإرهاب ، إنما الحل الناجح هو تجفيف منابعه ، وأولها وأهمها المنابع الثقافية . و بذلك فان حل قضية الإرهاب يجب أن يكون شاملا لكافة مناحي الحياة السياسية و الاقتصادية و التربوية و الاجتماعية و الدينية أي العمل على سد كافة المنافذ التي من شأنها أن تؤدي إلى بروز الإرهابي وبكلمة فان التصدي للإرهاب يستوجب الشمولية و ليس الاقتصار على الجانب الأمني و القمعي و الردعي. لا تستطيع أي قوة أن تجفف منابع الإرهاب دون التقدم على طريق العدالة والديمقراطية في مجتمعاتها . لقد كان محقا عندما كتب في هذا الصدد الكاتب الكوردي والناشط في لجان إحياء المجتمع المدني مشعل التمو: (( وكل مرحلة جديدة تعتبر أكثر تطورا مما سبقها , بمعنى أن التاريخ له وجهة واحدة في الرؤية العلمانية , هي إلى الأمام , على عكس الأصوليات المختلفة التي تقيس هنا وتضيع هناك )) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تداعيات دعم مصر لجنوب إفريقيا ضد إسرائيل


.. طالبة بجامعة جنوب كاليفورنيا تحظى بترحيب في حفل لتوزيع جوائز




.. الاحتلال يهدم منازل قيد الإنشاء في النويعمة شمال أريحا بالضف


.. الجيش الإسرائيلي: قررنا العودة للعمل في جباليا وإجلاء السكان




.. حماس: موقف بايدن يؤكد الانحياز الأمريكي للسياسة الإجرامية ال