الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نصف مجتمعنا تحت خط الفقر من يُطنّش لمن؟

رجا زعاترة

2005 / 8 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


ليست ولم تكن يوما مشكلة جباية الضرائب سببا أساسيا أو من الأسباب الهامة للأزمة المالية التي تعاني منها السلطات المحلية العربية. والأرقام تؤكد انه حتى لو جبت هذه السلطات نسبة 100% فلن يخرجها هذا من العجز المالي الجاري الذي يُـقدر بحوالي المليار ونصف المليار والذي يزج بها بخطوات سريعة نحو الإنهيار والشلل المطلقين. كلنا نعرف السبب الأول والأخير وهو سياسة الحكومة.
ولكن هل يجعلنا هذا في حلّ من التعامل مع "تطنيش" جزء كبير من مجتمعنا على دفع أثمان المياه؟
صحيح أن نصف مجتمعنا وحوالي ثلثي أطفالنا يعيشون تحت خط الفقر؛ لكن نفس هذا المجتمع يبذّر مئات الملايين سنويا على صناعة الأعراس والمفرقعات النارية وفنطازيات أخرى. لا شك في أن نصف المجتمع على الأقل قادر على دفع ثمن المياه التي يشربها ويطبخ ويستحم بها، ولا منطق يقبل أن تقتطع السلطات المحلية من الخدمات المحدودة والشحيحة أصلا لتموّل أثمان المياه "المُطنش" عليها.
صحيح أيضا أن ظواهر الإدارة غير السليمة والفساد والفئوية مستشرية بدرجات متفاوتة في جزء كبير جدا من السلطات المحلية العربية، وأن جزء من رؤساء السلطات المحلية له مواقف سياسية مخزية مستوحاة من زمن الحكم العسكري وأسيرة عقليته؛ وليس هذا بجديد و"التطنيش" لا يشكل حلا لأن الحل الجذري لهذا هو بأن يكون لدى الناس بديل سياسي للاصطفافات القبلية ولمخترة القرن الحادي والعشرين، وحتى لو انتخب آخرون يجب أن تبقى أثمان المياه خارج اللعبة السياسية.
قد يقال وبحق إن "التطنيش" ليس منزوعا عن التشوّه في مفهوم العام والخاص لدينا، مجتمعا وأفراد، وهذا التشوه ليس بدوره منزوعا عن واقعنا السياسي في هذه الدولة؛ هذا الإدعاء صحيح نظريا لكنه محاولة توظيفه كإجابة على مشكلة (عدم) دفع أثمان المياه يجعل منه تنظيرا في غير محله.
الحكومة (وزارة الداخلية تحديدا) تستغل هذه المسألة لتساوم السلطات المحلية العربية على الموارد الحكومية المستحقة، والربط بين الأمرين مرفوض من حيث المبدأ ومن حيث مؤداه، حيث تحصل السلطات المحلية الغنية بضرائب المناطق الصناعية والمصالح التجارية على موارد تحرم منها السلطات المحلية الفقيرة التي يعجز نصف سكانها عن الدفع و"يطنش" النصف الآخر. والنتيجة "تنطيش" حكومي على مطالبنا العادلة. ولكن هل الرد المناسب على سياسة "التطنيش" الحكومي هو مواصلة "التطنيش" الذاتي، هذه المرة تحت راية "وطنية"؟
الكف عن "التطنيش" على أثمان المياه لن يحل أزمة السلطات المحلية العربية، ولكنه يسلب الحكومة ذريعتها شبه الوحيدة في سياسة "التطنيش" على حقوقنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر مصرية: وفد حركة حماس سيعود للقاهرة الثلاثاء لاستكمال ا


.. جامعة إدنبرة في اسكتلندا تنضم إلى قائمة الجامعات البريطانية




.. نتنياهو: لا يمكن لأي ضغط دولي أن يمنع إسرائيل من الدفاع عن ن


.. مسيرة في إسطنبول للمطالبة بإيقاف الحرب الإسرائيلية على غزة و




.. أخبار الساعة | حماس تؤكد عدم التنازل عن انسحاب إسرائيل الكام