الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أبو الهول وحادثة العين

علي البهلول

2014 / 12 / 1
الادب والفن


في زمن من أيام القحط والجوع وفي زمن من أيام اللامعنى ولما كانت البغال تفكر في دلالة الحمق والبهامة لتضيفها الى حمقها الطبيعي كان أبو الهول يجلس متحسرا يدك الأرض دكا بمقلاعه ويحك لحيته التي نهشها القمل وضاجعها غبار الزمن .
كان يجلس بجانب هرم مقلوب يقرأ كتابا بعنوان "الحب زمن الكوليرا"لغا بريال غارسيا مركيز ,كان قد سمع بالكتاب في أحد حانات العاصمة لمّا كان يحتفل على نخب الحمق رفقة أصدقاء نسيّ اسمهم وهناك في ذلك البار تذكر كيف سمع صوت لم يألفه وهو يتمتم في أذن أحد الزبائن التي تدل عليهم ملامح أشباه المثقفين من خلال بنطلونهم الطويل وقبعتهم التشيغيفارية ومن خلال لحيتهم التي تستغيث وتحاول الهروب من مكانها,تقول له بهمس:"اتوحشتك صارلي برشا عليك واتوحشت ال.....معاك".وتذكر كيف ابتسم ذلك الشخص وانتفخ صدره وانتصب....بعدما طلب قارورة أخرى من البيرة ليطفئ شعلته المتقدة.
وتذكر أبو الهول كيف تعرف على تلك المرأة بعد أن أنساه فيها زمن الحمق وتذكر كيف خاطب أصدقائه بأنها تلك العاهرة العمياء وتذكر الحوار الذي دار بينه وبين أصدقائه:
-عمياء؟ أجابه صديقه
-لا لم أقصد عمياء,بل لها عين بعين أنها قصة طويلة.
-هل تعرفها وتعرف قضيتها ؟ عفوا أقصد قصتها.
-نعم سأقصها عليكم لاحقا
تنهد أبو الهول وأخذ غليونه وعوض أن يضع فيه شيء من الحشيش وضع فيه بقايا ما كان يتذكره ممزقا تاريخه اربا اربا ومن ثم أخذ نفسا طويلا ليسترجع قصة تلك العاهرة العمياء وقال لأصدقائه:"أعلموا أعزكم الله أن تلك العاهرة هي صاحبة البار انها سعاد كانت طالبة في أحدى الجامعات في الثمانينات وبسبب وفاة عائلتها انقطعت عن الدراسة وببعض المئات من الدنانير التي ورثتها فتحت بارا تونسيا وكان هذا البار في الأصل دكان أبيها العجوز الذي عمل فيه طيلة حياته الخمسين في حياكة المفروشات الصوفية ولقد كانت هذه الطالبة تعمل في النهار من خلال بيع الخمر وفي الليل تبيع الحاجيات الزوجية للمحرومين والمكبوتين,لقد تمرست في هذه المهنة حتى أنه تم تكريمها دوليا من أجل نجاحها في تكوين دفعة ممتازة من بائعي البغاء والهواء والجنس .كانت لا تكل ولا تمل حتى أنها في الليلة الواحدة كانت تستقبل أكثر من ثلاثين زبونا واذا استثنينا منهم بعض الحاوين والمفقرّين يصبح العدد الجملي عشرين.
-وما حكاية عينها التي لا ترى بها؟ قاطعه صديقه
-انها تبعث على الضحك والاشمئزاز ففيما كانت مرة تتضاجع مع أحد زبائنها المفضلين والذي لم يشأ أن يتركها الا بعد ان يشبعها مضاجعة ثلاثية الأبعاد وبعد أن يسقي أرضها التي تجعدت من كثرة العطش .
"وهنا انتبه الأصدقاء الى بعضهما البعض وبدأ الدم يتدفق بقوة في جميع أعضائهم وبدأت أياديهم تتلمس ذلك الشيء الذي تربى ولم يترعرع معهم مشيرين الى أبو الهول بإكمال القصة"
-حسنا ولما طالت مدة المضاجعة والمعاشرة أزاحت تلك العاهرة ذلك الحب من فوقها لتأخذ قارورة من البيرة محاولة تشكيل طريقة أخرى وهي التلذذ في نفس الوقت من فمها من خلال شربها للبيرة والتلذذ أيضا من الأسفل من خلال المضاجعة وهنا أصدقائي بيت القصيد وما لم يكن في الحسبان هو أن تخور قوى أسدها من كثرة الايلاج ويسقط على ركبتيه جاثما متحجرا وهي بدورها تسقط من فوقه وتنزلق على الأرض وتتكسر قاروة البيرة وتنغرس قطعة من "القزاز"في عينها اليمنى وهيّ على ذلك الحال منذ أكثر من-------- -------."
أقبضوا عليه أقبضوا عليه انه هناك جالس بجانب الهرم ,في تلك اللحظة انقطع أبو الهول من استرجاع ذكرياته لما سمع ذلك الصوت الخشن لم يتعرف على سبب تطويق المكان ولكنه سمع اسمه في ذلك الضجيج ,لم يدري ماذا يفعل هل يهرب أم يبقى انه يسمع من خلال الة تضخيم الصوت أن أبو الهول مطلوب لدى العدالة بتهمة افساد الشباب و بتهمة تهكمه على آلهة المعبد ولهروبه من مكانه ولتقمصه هيئة ادمي .
في تلك اللحظة استسلم أبو الهول ولم يقاوم وجعلهم يقبضون عليه وبعد أخذه الى مقر العدالة قاموا بتفتيشه فعثروا على كتاب الحب زمن الكوليرا وهو ما أثار سخط المسؤولين وحمّلوه قضية التحريض على النظام وحدد غدا على الساعة الثالثة مساء كموعد محاكمته أمام الجميع.
لم يجد أبو الهول أي تفسير لذلك وكل ما بقيّ يتذكره هو حادثة مقتل شيخ اليونان سقراط وحادثة مقتل الجعد ابن درهم وحادثة صلب الحلاج وخاصة حادثة اعدام صدام حسين.في تلك اللحظة ابتسم وقال بأن الأحرار يموتون أحرارا وتذكر البيت الشعري لعنترة لما قال
لا تسقيني مات الحياة بذله بل اسقيني بالعز كأس الحنظل
في تلك الليلة نام أبو الهول ولم يستيقظ الا غدا عند موعد المحاكمة لما سمع صوت الحارس يناديه.
اقتيد أبو الهول الى ساحة المحاكمة وكانت تموج بكل أصناف المشاهدين والمتفرجين والتي سيطرت على عقولهم دلالات الحمق والغباء حتى سعاد صاحبة البار والهة معبده كانت هناك رفقة المخنثين من رجالها تلوّك قطعة من عضو زبونها الذي مات منذ عشرة سنوات والتي تحاول في كل مرة مضغ قطعة منه لتسترجع حادثة فقدان العين لما يشتد بها الجوع والعطش.
وصاح حينها أحد الحراس بأنه ثبتت التهمة على أبو الهول وأنه سيصلب أمام الجميع وحينها قاطع أبو الهول الحارس وخاطبه:
-كما ترى سيدي ولكن قبل ذلك أريد أن أفعل شيئا قبل أن يتم صلبي
-حسنا عجل بفعلتك
أشعل أبو الهول غليونه الخشبي والذي كان قد رسم فيه عجائب البشرية وبعد أن أخذ نفسا طويلا أخرج من تحت بنطلونه عضوه وبعد أن نظر في وجوه المستبهمين المتحمقين تبول عليهم جميعا دون أن بنبس ببنت شفة وهذا ما أثار غضب السادة الحضور من الأعيان وأمروا برميه بالرصاص عوض صلبه وبدأ العد التنازلي 3-2-1 اقتله.
خرجت الرصاصة مدوية من فم المسدس وأصابت أبو الهول ولكن بعد أن تحجر وعاد تمثالا في الأصل يدك الأرض دكا بمقلاعه.
الكاتب علي البهلول
باحث واعلامي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عدت سنة على رحيله.. -مصطفى درويش- الفنان ابن البلد الجدع


.. فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي




.. الأسطى عزيز عجينة المخرج العبقري????


.. الفنانة الجميلة رانيا يوسف في لقاء حصري مع #ON_Set وأسرار لأ




.. الذكرى الأولى لرحيل الفنان مصطفى درويش