الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أستار الكعبة

زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)

2014 / 12 / 1
كتابات ساخرة


قبل عدة أيام كنت أشاهد التلفاز و مررت عرضاً على إحدى القنوات الدينية و التي كانت تبث مشاهد مباشرة من مدينة مكة المكرمة و تحديداً من المسجد الحرام..كانت الأمطار في ذلك المشهد تنهمر بغزارةٍ على ساحة الحرم المكي مما منح المشهد روحانيةً جميلة..و لكن للأسف الشديد تم إفساد جمال ذلك المشهد و اندماجي به بمشهدٍ يستنسخ أمام ناظريَّ أيام قبيلة قريش المجيدة!!.

فقد كان هناك جمعٌ من المعتمرين الذين يطوفون حول الكعبة المشرفة و الذين بدأوا بالتفرق راكضين بحثاً عما يقيهم بلل المطر عندما اشتدت غزارته..في ذات الوقت كان هناك من يبدو أنهم لا يبالون بالمطر بتاتاً ليس لإيمانهم بأن المطر لا يلوثنا بل يغسلنا فلا يستحق أن نفر منه هاربين كما تفعل الأغلبية بل لأنهم كانوا يتشبثون بأستار الكعبة بأيدٍ تحتضن تلك الأستار المبللة أطرافها بدموعهم كما بتلك القطرات المنهمرة بغزارة من السحاب الذي يعلوهم.

كان معظمهم يتشبث بها بطريقةٍ يائسة..البعض كان يفعلها و كأنه يبحث عمن يختبئ تحت ذلك الرداء الأسود ليجيبه عن حيرته كما عن تساؤلاته..و البعض كان يُقبِّل تلك الستارة التي تعتصرها أنامله و كأنه يقبل ملكاً ليستعطفه ليُبقي على حياته..و البعض الآخر كان يمسكها بأنامله الغاضبة و يصرخ و كأنه يعتقد بربه صمماً يجعله عاجزاً عن الإصغاء إليه لو تحدث إليه هامساً!!..شعرت بالحزن عندما شاهدت هذا المنظر خاصةً أن الموسيقى التصويرية التي كنت أصغي إليها في تلك اللحظة هي أغنية هبة القواس "أسرى بقلبي" فقط لتكتمل المؤثرات الحسية لهذا المشهد الحزين..لماذا حزين؟؟..لأنه يعكس حالة عجز إنساني ينوء تحت ثقلها الإنسان منذ بدأ الخليقة..حالة عجز عن التواصل مع الإله يشعر بها الشخص الذي يعتنق دين ما ربما أكثر من سواه الذي لا يفعل.

كنت أشاهد هذا المشهد و أتساءل هل يعتقد المسلم أن أستار الكعبة هي أطراف رداء الرب؟؟..هل يؤمن أنه عندما يتمسك به بتلك الطريقة و يشده ناحيته بكل يأس -كما بكل عنف- فإن الرب سيلتفت إليه منتبهاً و مدركاً لوجوده؟؟..هل نميل إلى ممارسة الوثنية كبشر؟؟..هل انقطاع تواصلنا الروحي بالرب يجبرنا على إيجاد تجسيدٍ مادي له لنشعر بقربنا منه؟؟..الأصنام التي كانت تُعبد في قبيلة قريش كانت تجسيد بسيط لذلك اليأس و العجز عن التواصل مع الخالق الافتراضي..مثلها مثل المقامات الدينية التي تنتشر في العالم الإسلامي بأكمله و التي تختلف المذاهب الإسلامية فيما بينها حول مدى شرعيتها الدينية من عدمها.

قد يعتقد البعض أن تلك الأصنام الحديثة -أي المزارات الدينية أو ما هو على شاكلتها- هي نتاج مذاهب دينية معينة كالمذاهب المتفرعة أو المنحدرة من شجرة المذهب الشيعي و لكن الواقع الملموس من حولنا يعكس غير ذلك..فنجد أن حتى المذهب السني و ما ينحدر منه من مذاهب متشددة تمارس جميعها ذات الوثنية..و لعلي الآن سأقابل من سيصرخ محتجاً على قولي هذا قائلاً بأن مذهب أهل السنة و الجماعة لا يؤيد هذه الممارسات..و حينها سأرد عليه قائلةً أن الصمت على أمرٍ ما يحدث بشكلٍ علني و بتكراريةٍ يومية مستمرة هو موافقة ضمنية على ذلك الأمر إن لم يكن تشجيعاً له..و لعل أصغر مؤشر على ذلك التشجيع و الموافقة الضمنية هو محاربة أي شخص يحاول مهاجمة صحة تلك الممارسات بحجة أنه يقوم بازدراء رمزٍ من رموز الدين الإسلامي!!.

الكعبة المشرفة رمزٌ إسلامي يُحترم -كأي رمزٍ ديني آخر- و لكنها مع الوقت تحولت في حقيقتها من نتاج قصةٍ دينية كانت تريد أن توصل إلى المسلمين -كما إلى سواهم من المُتلقين لها- مغزى معين إلى رمزٍ وثني آخر..رمزٌ يتم ترسيخ قدسيته عن طريق عشرات القصص الدينية التي تم -و يتم- تلقينها لأجيالٍ بأكملها..قصصٌ تروي لنا كيف تحققت غايات مستحيلة لأي إنسان فقط لأنه تقرب من الكعبة بضع سنتيمتراتٍ إضافية أو قبَّل حجر يقبع في ركنها بحماسٍ عاطفي أو حتى تمسك بأستارها بعنفٍ تفوق فيه على من هم حوله.

مطر..بكاء..أيدٍ متشبثة بأطراف ثوبٍ يُعتقد أن الرب يرتديه و هو جالس متوارٍ عن أعيننا فوق عرشه..كلها معالم لوثنيةٍ جاء الدين الإسلامي ليبطلها -ظاهرياً- فقط ليقوم أتباعه بممارستها تحت ستاره هو و دون غيره من الأديان أو المعتقدات الروحية الأخرى التي يعتبرها ذلك الدين باطلة..و لا أعلم حقاً ما كانت غاية النبي الكريم محمد من تحطيم الأصنام المتعددة قديماً إن كان المسلمون سيصنعون صنمهم الخاص بهم حديثاً؟؟..فهل حقاً كانت الغاية من تحطيم الأصنام هي عبادة رب واحد أم أنها كانت ليكون هناك صنمٌ واحد فقط يتم التوجه نحوه من قبل المسلمين أجمعين؟؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 12 / 1 - 10:09 )
- قال تعالى : {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعي إذا دعان} .
- قال تعالى {وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} .
- قال تعالى : {هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم} .


2 - ديانة وثنية مقنعة
لطفي قاسم ( 2014 / 12 / 1 - 18:07 )
سيدي الكريم : لقد تحدثت عن تعلق المسلمين بستار الكعبة باعتباره يحيلك على ممارسة وثنية , و لكن لم تنتبه إلى أن الحج كله طقوس وثنية ,, فما معنى أن يطوف الناس بحجارة بنوها بأنفسهم هم خلقوا حولها الأساطير حتى تبدو كرمز ديني مقدس ؟ فهل يحتاج لله إلى بيت كرمز له ؟ و إذا أراد الله أن يكون له رمز فهل لم يجد ما يرمزبه إليه إلا بيت من حجارة ؟؟ ثم كيف يقذف المسلمون الحجارة بالحجارة و يعتقدون أنهم يرجمون الشيطان ؟؟ هنا تتساوى الرموز بين الله و الشيطان فكل منهما له صورة و رمز في الحجارة , هي في الحقيقة من صنع الانسان و رموزه الثقافية


3 - قال تعالى
ضرغام ( 2014 / 12 / 1 - 19:06 )
قال تعالي، رد وقال له لأ مش جاي


4 - هل الكعبة تحتاج الى ستر
شاكر شكور ( 2014 / 12 / 1 - 19:18 )
ورد في سورة البقرة ( 158 ) ( إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه ) ، يلاحظ ان هذه الآية ذكرت عبارة (لا جناح عليه) وهذا يعني الأقرار والمصادقة على عادات اهالي قريش حيث كانوا يهرولون للحج بين جبلي الصفا والمروة حيث هذين الجبلين كانا موضع لصنمي قريش آساف ونائلة وبعد احتجاج اهل قريش بعد فتح مكة اتى محمد بالآية المذكورة لغرض ترضيتهم وكسب ولائهم بأرجاع عاداتهم الوثنية هذا وأن محمد عندما كسّر اصنام قريش جاء بصنم آخر مركب اسمه (الله ورسوله) ، تحياتي لكاتبة المقال المحترمة


5 - المسيحية مذهب هندوسي
عبد الله خلف ( 2014 / 12 / 4 - 09:48 )
المسيحية هي مذهب هندوسي وثني , راجع :
https://www.youtube.com/watch?v=Sq1I-RAeNHM
و
https://www.youtube.com/watch?v=_a_8j_kSmxc
و
https://www.youtube.com/watch?v=cwsghhmabpM&list=PL7909B6450F6EB7EE

اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي