الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأحزاب التي ولدت بشاربين

لزرق الحاج علي

2014 / 12 / 1
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية


الأحزاب التي ولدت بشاربين

- خلال المسار المسمى زورا بالديمقراطي في الجزائر، تونس و مصر نجد تشابها كبيرا بين هته التجارب و هي تعبير عن حالة تنظيمية مرضية داخل الدول العربية و طبعا هته مجرد أمثلة و ما خفي أم لم يقل لأعظم و خصوصا في جزئية محددة لم نرى في العالم لها مثيلا متمثلة في نشوء أحزاب بين ليلة و ضحاها و هنا نقصد التجمع الوطني الديمقراطي في الجزائر، حزب نداء تونس و حزب العدالة و التنمية في مصر التي هي ذلك النوع من الأحزاب التي ولدت من العدم و صعدت صعودا جنونيا محطمة كل أبجديات العملي السياسي الحزبي، و ما هو مدعاة للاستغراب أكثر هو كيف اكتسبت هته الأحزاب القوة و النفوذ بهته السرعة فقد يبرر أحدهم هذا بسبب قياداتها و لكن في علم التنظيم السياسي الأحزاب لا تبدأ من القمة بل تبدأ من القاعدة و قوة هته الأخيرة هي قوة للحزب و ليس العكس، إلا أنه ما هو أكيد أن هته الأحزاب مجرد غطاء لوجود سياسي مسبق و منظم و لم ينشأ الحزب إلا لضرورة قانونية لا إيديولوجية و سياسية أي هي تعبير عن جماعة ضاغطة موجودة بقوة و لكن بصورة غير قانونية أو كانت داخل تنظيم آخر لم يسمح لها بالتعبير القوي عن وجودها، كما هو واضح في حزب التجمع الوطني الديمقراطي الذي كان الوجهة المفضلة للمقصيين و الساخطين على حزب جبهة التحرير و ممن لم يجدوا مكانهم في ضل الصراع المحموم على القيادة داخله فاستولوا على حزب النقابي الكبير عبد الحق بن حمودة بعد اغتياله بغض النظر عمن كان ضالعا في هذا، فكان استغلال الانفتاح السياسي المزعوم للجم تحرك الشارع في أكتوبر 1988 فبدأت الأحزاب تنمو كالطفيليات و كأنه على غرار كل الديمقراطيات في العالم يحتاج إنشاء حزب لمجرد أوراق ملف و مجموعة من الأشخاص ضاربين بعرض الحائط البرنامج السياسي و التوجه الحزبي، فكانت مجموعة من الأحزاب التي عجز حتى القانون على لجمها في إطار احترام القانون و احترام التنوع الفكري للمجتمع و بهذا نشأت الأحزاب على أساس ديني و أخرى على أساس عرقي مهددة كيان المجتمع ككل و لكن ما كان يهم السلطة هو قرارات اعتباطية المهم أن تمتص غضب الشارع دون المراعاة لما قد تحدثه في المستقبل و هو ما رأيناه بأم أعيننا من فلتان أمني و صراع دموي عانت منه الجزائر لسنوات نتيجة للترخيص لأحزاب ذات طابع ديني بالإضافة لما خلفته الأحزاب و الحركات ذات الطابع العرقي، أما في الجانب المقابل نجد حزب نداء تونس الذي وجد لكي يكون مرتعا للتجمعيين بعد حل حزبهم و لكي يظهروا بحلة جديدة عنوانها الديمقراطية و باطنها عودة الديكتاتورية و أزلامها مما يؤكد أن هته الأحزاب ليست إلا حلة جديدة لأشخاص قدماء عهد عليهم الشعب ما يشينهم في أحزابهم السابقة، كما نأتي لحالة حزب العدالة و التنمية في مصر الذي كان تعبيرا صريحا و بدون حرج لجماعة الإخوان المسلمين و مر أمام أعين الجميع، بأن هذا حزبنا نحن الإخوان المسلمين و كلنا سوف ننظم له بدون أي حرج لانتهاك الممارسة الديموقراطية و أبجديات النضال الحزبي و كيفية تأصيل الممارسة الحزبية بفعل الزمن حتى ظهر لنا أن هذا الحزب مجرد كوب يسكب فيه مسار 80 سنة من وجود الجماعة، بناءا على كل ما سبق يظهر لأي متابع بأن الديمقراطية في العالم العربي زي و ما يجب أن تكون عليه زي آخر لا علاقة له بالمظهر الحقيقي.
- إن أي محاولة لفهم و دراسة هته الأحزاب التي ولدت بشوارب كاستعارة على أنها لم تمر بالمراحل الطبيعية لنشأة الأحزاب و قوتها، لن تمر دون معرفة للمراحل التاريخية التي نشأت بها و التي هي مختلفة بالنسبة لحزب النداء عن ما هي عليه بالنسبة للتجمع الوطني الديموقراطي و كما هي عليه بالنسبة لحزب العدالة و التنمية كم أنها التجارب الأكثر وضوحا حول هته الظاهرة بحيث نجد أن المثال الأول قام بعد ثورة الياسمين بسنتين تقريبا، لما حل حزب التجمع و لم يجد منتسبوه من مكان وسط حالة من الفوضى سوى أن ينشأوا حزب يلم شملهم، محاولين تبييض صورتهم بأنهم بورقيبيين و كأن المخلوع بن علي بدأ كل شيء من الصفر و ليس إستمرارا لسياسات بورقيبة القمعية ضد كل المعارضين، و بتالي مستغلين الضرف التونسي الحالي الذي يميزه سيطرة حركة النهضة و كيف عاثت في البلاد فسادا ليطرحوا أنفسهم بمقولة: يا أحنا يا طوفان و زادت حدة هذا الأمر بعد أن وصل المرزوقي المرشح النهضوي و الباجي قايد السبسي للدور الثاني، لكي يقولوا للشعب اختار بيننا و بين حركة النهضة متناسين أن الشعب ثار لكي يخرج نفسه من معادلة يا إما السيء يا إما الأسوأ متطلعا لأن يختار بين الجيد و أجود، بل إن المتتبع لخطابات زعيم حزب النداء و المرشح النهضاوي الحر المنصف المرزوقي كلها تصب في الإتهامات المتبادلة و فرض السلطة الأبوية على الشعب.
- يعتبر التجمع الوطني الديموقراطي الذي نشأ في الجزائر في 26 فبراير 1997 أي بعد تراكم أزمات الحزب الواحد و تفاقمها خصوصا بعد تنصف العشرية السوداء و الأخطاء و الفضائح التي علقت بحزب جبهة التحرير الوطني و قضايا فساد، و عليه خرجت تلك الثلة الفاسدة التي لم تستطع التعبير عن نفسها في ضل الحزب الواحد وسط تعددية ضبابية و مجموعة أخرى كانت تنتظر فرصة لكي تجد غطاءا قانونيا للنفاذ لمفاصل الحكم و أخذ حصتها من الريع البترولي
- أما حزب العدالة و التنمية في مصر فكان مثل الجنين الذي سقط فجأة من بطن أمه، وبعد ركوب الإسلاميين على ظهر نضالات الشعب المصري إذ شاهدنا حالة نادرة ربما لا نشاهدها ابدا بعد هذا و هي ان حزب يستقبل آلاف طلبات الإنتساب بالساعة كأنها مطعم أكل سريع مشهور بطيبة أكله و جودة خدماته كما أنه حزب ولد ميتا أصلا كونه لم يعمر طويلا حتى حل و عاد النظام البائد من جديد في سيناريو أرى أنه سوف يتكرر في حالة فوز الباجي قايد السبسي بمنصب رئيس الجمهورية التونسية إضافة للفوز التشريعي الذي حققه حزبه نداء تونس و بتالي يخلص كل متتبع إلى أن ما عرف بثورات الربيع العربي في تونس و مصر رغم صدقها إلا أنها لم ترقى لتكون ثورات بل كانت مجرد هبات جماهيرية كما لا يجب أن ننظر إليها بعين الريبة أو الإستنقاص، لا بعين التضخيم بل أن نعطيها حقها على أنها هبة جماهيرية و إضافة كبيرة للرصيد النضالي للشعب المصري، التي سوف تضيف أثرا تراكميا إلى غيرها حتى تتسنى الضروف الموضوعية الحقيقية لثورة حقيقية متطابقة نظريا مع المعنى الحقيقي للثورة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة عضو المكتب السياسي للحركة مشعان البراق في الحلقة النقاش


.. كلمة عضو المكتب السياسي للحركة مشعان البراق في الحلقة النقاش




.. كلمة نائب رئيس جمعية المحامين عدنان أبل في الحلقة النقاشية -


.. كلمة عضو مشروع الشباب الإصلاحي فيصل البريدي في الحلقة النقاش




.. كلمة عضو مجلس الأمة سعود العصفور في الحلقة النقاشية -إلغاء ا