الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المارد الامريكى بين المستحيل و الرحيل

محسن عبد الفتاح عقيلان

2014 / 12 / 1
السياسة والعلاقات الدولية


ما حدث فى مدينة فيرجسون فى ولاية ميسورى من قتل ضابط امريكى لفتى اسود فى اغسطس الماضى و ما صدر من قبل هيئة المحلفين العليا من تبرئة للضابط اثار موجة عنف عارمة فى الولايات المتحدة وصلت لاكثر من 32 ولاية مما دفع الرئيس اوباما ان يدعو المحتجين بعدم استخدام العنف و التظاهر السلمى .
لكن هذه الاحداث تلقفتها الدول المعنية بالشان الامريكى او ممن تأثرت بالتدخل الامريكى فى شؤونها الداخلية مثل روسيا و الصين ومصر على سبيل المثال لا الحصر و قد وضعت هذه الاحداث الولايات المتحدة مثل شاخص فى ميدان رماية لا يعرف من اين يتلقى الهجوم الاعلامى ففى روسيا : اعربت اكثر وسائل الاعلام على ان الاضطرابات فى فيرجسون هى بمثابة الثأر الكونى للتدخل الامريكى فى شرق اوكرانيا و جاء على لسان امين مظالم حقوق الانسان فى روسيا كونستانتين دوخلوف اتهم الادارة الامريكية بالنفاق و الفشل المستمر
اما فى الصين : علقت المتحدثة باسم الخارجية الصينية هواشن ينج على الاحداث فى فيرجسون قائلة علينا تحسين سجل حقوق الانسان منتقدة الولايات المتحدة وفى مصر :فقد حثت وزارة الخارجية المصرية على ضرورة ضبط النفس فى التعامل مع المتظاهرين و إصدار الشرطة المصرية خمس نصائح لنظيرتها الامريكية عن كيفية التعامل مع الاضطرابات و على لسان المتحدث باسم وزارة الداخلية المصرية طالب الشرطة الامريكية بعدم استخدام القوة المفرطة.
حتى الامم المتحدة كان لها راى على لسان المفوض السامى الجديد لحقوق الانسان (احد زيد رعد زيد الحسين) انتقد سجل امريكا المقلق فى العلاقات العرقية متهما ان الولايات المتحدة تضع الامريكيين الافارقة داخل سجن.
هذه الاضطرابات حدثت و ممكن ان تحدث فى اى دولة لكن هذه المرة حدثت فى بلاد الديمقراطية التى لم تترك مكان و الا تدخلت به بحجة الحرية و حقوق الانسان و الان تبدلت الادوار و اصبحت امريكا المتهمة و من كانوا فى السابق موضع اتهام بالنسبة لها اصبحوا يسدون لها النصائح فى كيفية التعامل مع المتظاهرين هذا على المستوى الاعلامى لكن ماذا لو اخذت تلك الدول منحى اخر فى التعامل مع هذه الازمة خاصة روسيا و الصين و عملوا مجتمعين على زيادة رقعة هذه الاحتجاجات من خلال التدخل استخباراتيا و تقديم الاموال و الدعم لتغيير اشكال الاحتجاجات و جعلها اكثر عنفا مستغلين شعور السود و الاقليات الاخرى بالاضطهاد علما ان الدولتين هم الاكثر استفادة فى حال تراجع الولايات المتحدة سواء عسكريا فائدة لروسيا و اقتصاديا فائدة للصين لان اى تراجع هم من سيملؤون الفراغ وعندهم مبرر التدخل لان الولايات المتحدة من يهدد امن روسيا سواء الدرع الصاروخى او سلخ اوكرانيا عن سيطرتها و اخذها تجاه الانضمام للاتحاد الاوروبى ناهيك عن تدخلها فى اطراف روسيا من جورجيا الى قرغيزستان و اثارة الاقليات داخل روسيا بالاضافة الى دعم المعارضين لحكم بوتين
اما الصين بالرغم من كونها الشريك الاول للولايات المتحدة تجاريا الا انها فى تنافس مستمر معها اقتصاديا و اخر حروبها الاقتصادية السيطرة على الاقتصادات الافريقية بالاضافة الى دعم الولايات المتحدة لتايوان عسكريا و دعم حركة الايغور الانفصالية و معاقبة الصين على سجلها فى مجال حقوق الانسان , لكن السؤال المهم هل تجرؤ الدولتان على التدخل فى احداث الولايات الامريكية و التخلص من عقدة الخوف من الكاوبوى الامريكى و خاصة ان الظروف فى هذه المرحلة تسمح بذلك فالهيبة الامريكية فى تراجع و الاقتصاد الامريكى يتقدم لكن بمعدلات ضعيفة و متناقصة و ادارتها للاحداث فى الشرق الاوسط محل انتقاد بسبب الرؤيا الغير واضحة و الضعف الواضح فى شخص اوباما بالاضافة الى ان الولايات المتحدة مزيج من العرقيات المختلفة كانت فى دول متناثرة فرض عليها الاتحاد بالقوة و فى اى مرحلة ضعف سوف ينفرط عقدها و تتناثر كما كانت و تتحقق نبؤة الكاتب الامريكى الفين توفلى سنة 1987 فى كتابه الموجة الثالثة third wave حيث تنبا بانهيار الاتحاد السوفيتى فى حينه و قدم دلائل و تصورات على ذلك و هذا ما تحقق بعد بضع سنوات من نبؤته و يستكمل نبؤته انه بعد 25 سنه من انهيار الاتحاد السوفيتى على العالم ان ينتظر تفكك الولايات المتحدة و توقع ان يكون التفكك على ايدى السود .
اذا خلاصة القول ان المارد الامريكى بين استحالة ضمان استمرار قوته و تفوقه فى النظام العالمى و من جهة اخرى يجب عليه ان يكون جاهز لامكانية التفكك و رحيل الولايات عن الدولة الام لان الخلاف هنا ليس فى التفكك ولكن فى التوقيت و عامل الزمن و ماسبقه من تجارب الامبراطوريات السابقة ليس عنه ببعيد.
الكاتب / باحث فى العلاقات الدولية
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا تعلن أسقاط 4 صواريخ -أتاكمس- فوق أراضي القرم


.. تجاذبات سياسية في إسرائيل حول الموقف من صفقة التهدئة واجتياح




.. مصادر دبلوماسية تكشف التوصيات الختامية لقمة دول منظمة التعاو


.. قائد سابق للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية: النصر في إعادة ا




.. مصطفى البرغوثي: أمريكا تعلم أن إسرائيل فشلت في تحقيق أهدف حر