الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جاري صاحب الكيف تاجر كراسٍ

وليد الحلبي

2014 / 12 / 2
كتابات ساخرة


بمجرد أن عرض علي الاشتراك معه في مشروعه الجديد، وافقت على الفور مأخوذاً بندمي على ترددي في الاشتراك معه في مشروع سيارات الدفع الرباعي الذي جنى منه الملايين، لكنني انتبهت إلى أنني تسرعت في الموافقة، فسألته بتملق واضح:
- وما هي تفاصيل هذا المشروع، فأنا كما تعرفني لا أملك جرأتك واندفاعك في العمل الحر.
- قال بتعالٍ وغرور: هي عادتك التي لن تقلع عنها والتي بها ستبقى فقيراً مدقعاً أبد الدهر. يا رجل عندما أقدم على مشروع أكون قد محصته ملياً، وقلبته من جميع جوانبه، لكنك مقتنع بتسرعي واندفاعي، وتشكك في كلامي حتى ولو صليت على النبي.
- ما علينا، ما هو مشروعك الجديد؟.
- مشروع يكسبنا ذهباً.
- إذن عجِّل واشرحه لي.
- ما هي معلوماتك عن داعش؟.
- أسألك عن المشروع، فتسألني عن داعش، فما العلاقة بينهما؟.
- قال بنزق: يا أخي أجب على قدر السؤال: ماذا تعرف عن داعش؟.
- واضح أنها منظمة إرهابية تهدد سيادة دول المنطقة، خاصة العراق وسوريا، فقد اقتحمت الحدود بينهما وأزالتها بالقوة.
- وماذا بعد؟.
- وارتكبت مجازر بشعة بحق السكان المدنيين، وخاصة من أبناء الطوائف الغير العربية والإسلامية، وهجرتهم من ديارهم.
- وماذا بعد؟.
- ألا يكفي كل هذا الإجرام؟، فماذا تريد أكثر؟.
- وما هي علاقتها بالأجانب؟.
- اختطفت عدداً من الرهائن، وهي تفاوض على غير الأمريكيين والإنجليز لإطلاق سراحهم مقابل فدية مالية.
- وماذا بشأن الأمريكان والإنكليز؟.
- يا أخي يكفي إسهاباً في هذا الشأن،،، كما يعلم الجميع، هي تقتلهم بدم بارد.
- وما هي الطريقة التي تتبعها في قتلهم؟.
ضاق صدري من هذا المجنون، فما هي العلاقة بين مشروع تجاري، وبين ما يريد سماع ما نسمعه مئات المرات يومياً عن داعش، فسألته بنزق أن يشرح مشروعه الجديد، فقال:
- هل تعلم أنني كنت الأسبوع الماضي على اتصال بالبيت البيض،،، صحيح لم أكلم الرئيس أوباما شخصياً، بل تحادثت مع أقرب معاونيه، واتفقت معهم على بيعهم البضاعة التي هي موضع المشروع الذي أعرض عليك المشاركة فيه.
- حتى الآن تلف وتدور ولم تقل لي ما هو هذا المشروع.
- بصراحة: كما تعلم، لم ينزعج الأمريكان والإنكليز من أفعال داعش التي يرتكبونها ضد جميع أعدائهم، بل كان سبب انزعاجهم من الطريقة التي تتم بها عملية قتل رهائنهم ذبحاً بالسكاكين.
- وما علاقة الذبح بالسكاكين بالمشروع الذي في رأسك؟، وما هو هذا المشروع؟.
- هو مشروع صناعة كراسٍ.
لم أتمالك نفسي من الضحك، فما العلاقة بين تصنيع الكراسي وذبح الرهائن بالسكاكين؟. قال بمنتهى الجد:
- بما أن هؤلاء الغربيين ليسوا غاضبين من عملية القتل نفسها، بل من الطريقة التي يتم بها القتل، أي ذبحاً بالسكاكين، مما يجعل الحكومتين الأمريكية والبريطانية في موقف محرج أمام شعبيهما، وخاصة أمام أهالي الرهائن المذبوحين كالدجاج، فقد توصلت معهم إلى اتفاق أقوم بموجبه بتصنيع كراسٍ على نوعين، كتلك التي يستخدمونها في الإعدام الرحيم للمجرمين في سجونهم: نوع يعمل بالغاز، ونوع يعمل بالكهرباء، ثم أقوم بإرسال هذه الكراسي إلى داعش لاستخدامها في إعدام الرهائن الأمريكان والإنجليز فقط دون سائر الرهائن، بعد أن أقبض ثمنها من البنتاغون، وقد اتفقنا على سعر الكرسي الواحد بألف دولار، وستكون كلفته كما أتوقع لا تزيد على مئة دولار، أي أن تصنيع ألف كرسي فقط سوف يجعلنا نقبر الفقر، فما رأيك؟، هيا ابحث لنا عن مهندس بترول اختصاص غاز، ومهندس كهرباء اختصاص 220 فولت.
- ولكن، لماذا لا يقدم الأمريكان هذه الكراسي مباشرة إلى داعش؟، ولماذا يبحثون عن وسيط مثلك؟.
- وهل هم مثلك أغبياء إلى هذه الدرجة لكي يكون تعاملهم مع داعش هكذا على المكشوف؟، ألا تكفيهم الاتهامات أنهم هم من حرك داعش وأمدها بكل ما تحتاجه من مال وسلاح ورجال؟.
- هل تمزح بالحديث عن هذا المشروع؟، أم أنك فقدت عقلك وستقدم عليه؟.
- لا هذه ولا تلك، لكن لا تقل بعد الآن أنني لا أريدك أن تقاسمني الربح في مشاريعي، فإنك إن رفضت، فسأفتش عن صديق آخر كي يكون شريكي، يحمل في رأسه مخاً تجارياً ، لا مخ موظف متخلف مثلك.
تركته يحلق في أوهامه وأنا بين مصدق ومكذب، وشيء من الندم يتسلل إلى نفسي خشية أن يفعلها المجنون، فيجني أرباحاً طائلة كما في صفقة سيارات الدفع الرباعي التي امتنعت عن مشاركته فيها، فلا يكون لي في الطيب نصيب.
2 نوفمبر 2014








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا