الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول الثقافة

ادم عربي
كاتب وباحث

2014 / 12 / 3
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


الثقافة
الثقافة هي التراث الفكري الذي يميز امه عن امة ، وهي خاصية لجميع الامم ، فلا يوجد امة دون ثقافة ، وتختلف الثقافه باختلاف الامم تبعا لواقعها المادي ، وذلك بسبب الارتباط القوي بين الواقع للامة وبين تراثها الحضاري والفكري ، فثقافة اي امة في الزمان والمكان ما هي الا الواقع المادي لتلك الامة ممثلا بنمط انتاجها ، وبلا شك الثقافة تتطور وتنمو مع النمو الحضاري للامة ، وتتراجع مع تخلفها ، وتخلف الامم يعود بالدرجة الاساس الى تخلف وسائل انتاجها وكذلك سيطرة الفكر الغيبي الديني كما هو في بلاد العرب لغياب اي وعي طبقي في تلك الدول ، والثقافة هي تعبيير عن مكانة الامة التي وصلت لها .
وما من شك وجود بعض الخصائص المشتركة بين الشعوب الى حد ما لاعتبارات تتعلق بالمراحل التي مرت بها كل الشعوب ، وكذلك من التقاء الشعوب وتخالطها ، الا ان الثقافه كاللحم الذي يبنى فوق العظم لاي امة ، ولذلك هي تراكميه وليست علوما يمكن للمجتمع ان يحصل عليها بسهوله ، فهي مسيرة انسنة الانسان ونتاج عمله على الطبيعه وما يتبع ذلك من تطور وسائل وقوى الانتاج ، وتنتقل الثقافه من جيل الى اخر عبر التنشئة الاجتماعية ، يكتسب خلالها الاطفال الصغار الذوق العام للمجتمع .
فعبر مسيرة الانسان الطويلة ، الثقافة هي افراز واقع مادي وابنة الزمان والمكان ، ولكن هنا لا بد من الخوض في مفهوم التطور بدراسة ماركسيه ، فما هو التطور والحضارة المدنيه ؟ من ناحيه لغويه " هي الاقامه في الحضر اي المدن بعيدا عن الريف والباديه . اما المفهوم الشامل والمعاصر للحضاره فهو يندرج في شقين :
اولهما هو المادي ، وهي المدنيه والحضاره التي تتناول العلوم وتطبيقاتها الصناعيه والتقنيه........الخ .
وثانيهما هو معنوي ، وهو بمعناه الادق الذي تكون العقائد من فكر وتصور ويقين مرتبطه به ، وما ينبثق عنهما من قيم واخلاق ...الخ .
وحسب ابن خلدون " الحضاره هي تفنن بالترف واحكام الصنائع المستعمله في وجوهه ومذاهبه من المطابخ والملابس والفرش والابنيه وسائر عوائد المنزل واحواله" .وحسب الفيلسوف الامريكي وليام ديورانت " انها نظام اجتماعي يساعد الانسان على زيادة انتاجه الثقافي باربعة عنااصر ، الموارد الاقتصاديه والنظام السياسي والعقائد الخلقيه ومتابعة العلوم والفنون " . اما التعريف الاسلامي على لسان سيد قطب هو " ما تعطيه للبشريه من مفاهيم ومبادئ وقيم صالحه لقيادة البشريه من اجل النمو والرقي للعنصر الانساني والقيم الانسانيه " . حسب تعريف قطب يلتقي مع منظري اعتبار الثقافه هي اساس الحضاره ، اي يلتقي مع العلمانيين والليبراليين باعتبار الوعي اساس التطور .

وهناك مفاهيم خاطئه للحضارة ، حيث يعتبر بعض المثقفين ان البنايات الشاهقه والمطاعم الحديثه والراقصات والموسيقى الصاخبه ودور اللهو وماركات عالميه هي البنيه التحتيه ، والمشكله تكمن في البنيه الفوقيه التي لا ترغب بان تتاقلم مع هذه البنيه من ناحيه فكريه وسياسيه ، وفي هذا فهم خاطئ وقاصر . وهناك ايضا مفهوم اخر خاطئ لدى المثقفين العرب ، وهو عدم التفريق بين مرحلة النمو والتنميه عند وصف المجتمع العربي ، حيث ان مجتمعاتنا ومجتمعات العالم الثالث لا تزال تمر بمرحلة التنميه ، وهي اخطر مرحله ولا تقاس مع مرحلة النمو ، وتتطلب هذه المرحله جهود كبيره لتنظيف مخلفات ما قبل الراسماليه من انماط انتاج ووسائل انتاج وبالتالي جميع القيم والمفاهيم والافكار التي انتجتها مجتمعات نهاية عصور الاقطاع .

ولعل المفكرين العرب يعبرون عن قناعات لا تقبل الجدل بان اقامة انظمه جديده للبنيه الفكريه لهو خير وسيله لنقل المجتمعات العربيه الى عصور الازدهار ، وتخليص هذه المجتمعات من ازمتها ومشكلاتها المتوارثه ، وتنهي الافات الضاره التي تعيش في ثنايا عقل الانسان العربي ، ليصبح يضاهي الامريكي والسويسري والفرنسي بل ويتصدر الحضاره من جديد ، ربما لم يسمع هؤلاء المثقفون بتجربة " كيم سونغ" مؤسس كوريا ، حيث تبنى نفس وجه النظر هذه ، مع الاسترشاد بالتجربه الصينيه مع تعديلات كوريه ،ذات طابع كوري ، فلينظر اصحاب البناء الفوقي الى التجربه الكوريه بعد اكثر ما اربعون عام عليها . كيم سونغ ، عكس مفهوم الماركسيه للبنيه التحتيه والفوقيه ، حيث اعتبر ان الوعي في المجتمع هو البنيه التحتيه ، والمكونات الاقتصاديه البنيه الفوقيه ، وبهذا اعطى اولوية الوعي والفكر وانتاجهما على العامل الاقتصادي . اما الفلسفه الماركسيه ربطت في وحده جدليه بين النظريه والممارسه ، حيث الواقع الاجتماعي والتاريخي ليس الا فعل البشر فيه وعملهم التحويلي له وتعطي بذلك اولوية الفعل للمعرفه وليس التامل والتجرد . وتاكد الماديه التاريخيه ان المجتمع ينتج لكي يستمر في الحياه ، ويبقى على قيد الحياه ، لذلك انتاج وسائل العيش وادوات العيش والعمل والمواد الضروريه للانتاج ، لهو شرط لكل تنظيم او نشاط اجتماعي اكثر تعقيدا . ان الماديه باعتبارها علم التاريخ والانسان ، تؤكد ان الطرق التي ينظم الناس انتاجهم المادي بموجبها هي اساس كل تنظيم اجتماعي عبر العصور ، وهذا يحدد جميع النشاطات الانسانيه ، من ادارة علاقات بين البشر او انتاج فكري او قوانين او اخلاق او دين ...الخ .

ان الماديه لا تقول ان الانتاج المادي الاقتصادي يحدد بصوره سريعه وتلقائيه مضمون نشاطات البنيه الفوقيه ، بل هي تقول ان العلاقه الديالاكتيكيه بين البنيه الفوقيه والتحتيه ودور كل من الاخر في توفير مقومات تطور الاخر ، وان التطورات التي تحدث في البنيه الفوقيه لا تخلقها مباشره علاقات الانتاج ، ولا تتحقق باستقلال عنها ، وانما عبر تداخلات شديدة التعقيد.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتمالات فوز اليمين المتطرف تقلق سكان أحياء المهاجرين المهمش


.. استطلاعات الرأي ترجّح فوز اليمين المتطرف في الانتخابات التشر




.. الفرنسيون يصوّتون في انتخابات تشريعية تاريخية وسط توقعات بفو


.. زعيم التجمع الوطني بارديلا يدلي بصوته: هل يتحقق حلم اليمين ا




.. 3 تيارات تتنافس على الفوز بالانتخابات الفرنسية.. واليسار يتم