الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقالات لينين حول ماهو الوضع الثورى؟ 4 - إنهيار الأممية الثانية ( مقتطف ) ف . إ . لينين

سعيد العليمى

2014 / 12 / 3
الارشيف الماركسي


2
لكن ربما دعم الإشتراكيون المخلصون قرار بازل متوقعين أن الحرب قد تخلق وضعا ثوريا ، بينما خذلتهم الأحداث ، التى أبانت أن الثورة مستحيلة ؟
حاول كونوف بمثل هذه السفسطة أن يبرر ( فى كراس هل إنهار الحزب ؟ وسلسلة من المقالات ) هجرته إلى معسكر البورجوازية . وإننا لنجد "براهين" مشابهة فى شكل تلميحات لدى كل الإشتراكيين الشوفينيين الآخرين تقريبا ، وعلى رأسهم كاوتسكى . لقد ثبت أن الأمل فى اندلاع الثورة كان وهما ، والحال ، ليست مهمة الماركسي أن يقاتل من أجل الأوهام . هكذا يجادل كونوف. غير أن هذا الستروفى (119 ) لايقول شيئا عن " أوهام " من وقعوا على بيان بال . غير أنه يسعى مثل كل رجل مستقيم ، الى أن يلقى اللوم على اليساريين المتطرفين ، أمثال بانيكوك ورادك !
لنبحث فى جوهر الحجة القائلة بأن واضعى بيان بال قد توقعوا بإخلاص إندلاع الثورة ، ولكن الأحداث خذلتهم . يقول بيان بال : 1 –أن الحرب سوف تخلق أزمة إقتصادية وسياسية ، 2 –أن العمال سيعتبرون إسهامهم فى الحرب جريمة ، وفعلا اجراميا أى " قتل باطلاق النار المتبادل من أجل أرباح الرأسماليين ، ومن أجل الشرف الامبراطورى ، والمعاهدات الدبلوماسية السرية "، وأن الحرب " ستثير الحنق والتمرد " بين العمال ، 3 – ان واجب الإشتراكيين استغلال هذه الأزمة ومزاج العمال من أجل " إثارة الشعب والتعجيل بسقوط الرأسمالية " ، 4 – يمكن لكل " الحكومات " بلا إستثناء – أن تشن الحرب " مخاطرة بنفسها" فقط ، 5 – أن الحكومات" تخاف الثورة البروليتارية "، 6 – أنه على الحكومات " أن تتذكر" كومونة باريس ( أى الحرب الأهلية ) ، وثورة 1905 فى روسيا الخ .. وكل هذه الأفكار واضحة تماما ، وهى لاتنطوى على ضمانة باندلاع الثورة ، إنما تشدد على تشخيص دقيق للوقائع والاتجاهات . فإن من يعلن بشأن هذه الأفكار والحجج ، أن توقع الثورة كان وهما ، لايتخذ من الثورة موقفا ماركسيا ، إنما يتخذ موقفا ستروفيا ، موقفا بوليسيا مرتدا .
مما لايقبل الجدل عند الماركسي أن الثورة مستحيلة دون وضع ثورى ، اضف الى ذلك أن كل وضع ثورى لايؤدى بالضرورة إلى الثورة . فما هى اذا ماتحدثنا بصفة عامة أعراض الوضع الثورى ؟ لن نخطئ بالتأكيد إذا أشرنا إلى الأعراض الأساسية الثلاثة التالية : (1 ) عندما يستحيل على الطبقات الحاكمة الإحتفاظ بحكمها دون أى تغيير ، حينما تكون هناك أزمة بشكل او بآخر ، داخل "الطبقات العليا" ، أزمة فى سياسة الطبقة الحاكمة ، تؤدى الى انشقاق يتفجر منه إستياء الطبقات المضطهدة وحنقها . فلكى تندلع الثورة ، لايكفى عادة " ألا تريد الطبقات الدنيا" بعد الآن أن تعيش بالطريقة القديمة ، بل يجب أيضا " ألا تستطيع الطبقات العليا " أن تعيش بالطريقة القديمة . 2 – عندما تتفاقم حاجة الطبقات المضطهدة وتشتد معاناتها أكثر من المعتاد . 3 – أن تتعاظم لحد ملحوظ ، نتيجة للأسباب المشار إليها عاليه ، فعالية الجماهير التى تستسلم للسرقة بدون شكوى فى "زمن السلم " ، ولكن التى تجذبها ، فى أزمنة العاصفة ، سواء ظروف الأزمة كلها أم " الطبقات العليا " نفسها ، إلى القيام بنشاط تاريخى مستقل .
وبدون هذه التغيرات الموضوعية المستقلة ، ليس عن ارادة هذه المجموعات الفردية والأحزاب وحسب ، بل أيضا عن هذه الطبقات المنفردة ، تستحيل الثورة ، كقاعدة عامة . تسمى جملة هذه التغيرات الموضوعية وضعا ثوريا . كان هذا الوضع موجودا عام 1905 فى روسيا وفى جميع الفترات الثورية فى الغرب ، كما كان موجودا ايضا فى ستينات القرن الماضى فى المانيا ، وكذلك من 1859 الى 1861، وفى روسيا من 1879 الى 1880 ، رغم أنه لم تقع ثورات فى هذه الفترات . لم حدث هذا ؟ بسبب أن الثورة لاتتمخض عن كل وضع ثورى ، انها تندلع فقط اذا ترافق مع جميع التغيرات الموضوعية المذكورة آنفا تغير ذاتى ، أى قدرة الطبقة الثورية على القيام بأعمال ثورية جماهيرية ، قوية بما يكفى الى حد انها تكسر ( او تصدع ) الحكم القديم الذى لن "يسقط" أبدا حتى فى فترة الأزمات ، ان لم " يعمل على الاطاحة به " .
هذه هى وجهة نظرالماركسية بصدد الثورة التى طالما طورها جميع الماركسيين مرارا عديدة واعتبروها آراء لاجدال فيها وقداثبتتها لنا ، نحن الروس ، تجربة 1905 ، بطريقة صارخة . واننا لنتساءل : ماذا افترض بيان بازل الصادر عام 1912 فى هذا الصدد ، وماذا جرى فى 1914 – 1915 ؟
لقد افترض ان الوضع الثوري، الذى يوصف بايجازبأنه " أزمة اقتصادىة وسياسية " سوف يظهر للوجود . فهل ظهر مثل هذا الوضع ؟ بلى ، لاريب فى ذلك بتاتا . لقد ذهب الاشتراكى الشوفينى لنتش الذى يدافع عن الشوفينية بصراحة وعلانية وولاء اكثر من المنافقين كونوف وكاوتسكى وبليخانوف وشركاهم الى حد القول : " ان ما نعاينه انما هو نوع من الثورة " ( الصفحة 6 من كراسة : " الاشتراكية الديموقراطية الالمانية والحرب ، برلين ، 1915 ) . فالازمة السياسية قائمة ، ومامن حكومة تثق باالغد ، مامن حكومة فى مأمن من خطر الانهيار المالى ، من ان تنتزع منها اقاليمها ، وان تطرد من بلادها ( كما جرى لحكومة بلجيكا التى طردت من بلادها ) . وتنام جميع الحكومات على فوهة بركان ، وجميعها تدعو الجماهير لاظهار المبادرة والبطولة. وقد اهتز النظام السياسي الاوروبى بكليته ، ويصعب ان ينكراحد اننا دخلنا ( وندخل متوغلين – اكتب هذا يوم اعلان ايطاليا الحرب ) فى مرحلة من الاضطرابات السياسية الهائلة . بينما كتب كاوتسكى فى 2 اكتوبر ، 1914 بجريدة نويه تسايت ) بعد اعلان الحرب بشهرين يقول انه " مامن وقت تكون فيه الحكومة قوية بقدر ماتكون عليه فى بداية الحرب ، ومامن وقت تكون فيه الاحزاب ضعيفة بقدر ماتكون فى بداية الحرب " ، وهذا القول ليس سوى عينة على ارتكاب كاوتسكى جريمة تزوير العلم التاريخى سعيا منه لارضاء انصار زوديكوم وغيرهم من الانتهازيين .اولا وقبل اى شئ ، لاتحتاج الحكومة فى اى وقت الى اتفاق جميع احزاب الطبقات السائدة والى خضوع الطبقات المضطهدة لهذه السيادة خضوعا "سلميا " ، قدر حاجتها اليهما خلال الحرب . وثانيا : رغم ان الحكومة تبدو غاية فى القوة فى " بداية الحرب" ، وخاصة فى بلد يتوقع انتصارا سريعا ، فما من احد فى العالم قد ربط اطلاقا توقع حدوث وضع ثورى بشكل حصرى مع "بداية " الحرب ، كما لم يطابق احد بالأحرى "الظاهرى" بالفعلى .
لقد كان الجميع يعرفون ويرون ويقرون بأن الحرب الاوروبية ستكون اشد قسوة من جميع الحروب الاخرى فى الماضى . وهاهى ذى خبرة الحرب تؤكد ذلك بشكل اعظم بمالايقاس على الدوام . فالحريق الهائل يمتد وينتشر ، وتتزعزع الاساسات السياسية فى اوروبا اكثر فاكثر . ومعاناة الجماهير مروعة ، والجهود التى تبذلها الحكومات ، والبورجوازية والانتهازيون للتعمية على هذه المعاناة تبوء بالاخفاق دائما ابدا. والارباح التى تحصل عليها بعض المجموعات الرأسمالية من الحرب ارباح فاحشة ، وتتفاقم التناقضات بحدة شديدة . وهناك حنق الجماهير المكتوم ، والتوق الغامض عند الفئات المضطهدة الجاهلة فى المجتمع لسلام شفوق "ديموقراطى" وبداية السخط بين " الطبقات الدنيا " – كل هذه وقائع . وكلما طالت الحرب وكلما احتدمت ، كلما رعت - ولابد ان ترعى - الحكومات نفسها نشاط الجماهير ، التى دعتها لبذل اقصى جهدها ، والى التضحية بالنفس . ان تجربة الحرب ، مثلها مثل تجربة اى أزمة فى التاريخ ، واى كارثة عظمى ، واى انعطاف حاد فى حياة الانسان ، يفقد البعض صوابهم ويحطمهم ، غيرانه ينير رؤى البعض ويصلب عوده . اذا اخذنا الامر بالتقريب ، واذا نظرنا الى تاريخ العالم ككل لوجدنا ان عدد وقوة النوع الثانى تتميز بانها -- باستثناء بضع حالات فردية من انحلال وسقوط هذه الدولة او تلك - اعظم من النوع الاول .
لايمكن لعقد الصلح ان ينهى ، " على الفور " كل هذه المعاناة وكل هذا الاحتدام فى التناقضات ، ليس هذا فحسب ، بل انه ، على العكس ، سيجعل هذه المعاناة ، فى كثير من الجوانب ، بالنسبة لأشد جماهير السكان تأخرا حادة، مع تعاظم الاحساس بها مباشرة .
وبايجاز يتوفر الوضع الثورى فى معظم الاقطار المتقدمة والقوى العظمي الاوروبية . وبهذا الصدد ثبت تماما صحة توقع بيان بازل . يعنى انكار هذه الحقيقة ، مباشرة ام بصورة غير مباشرة ، او التزام الصمت بشأنها ، كما يفعل كونوف ، وبليخانوف وكاوتسكى وشركاهم ، الادلاء بكذبة كبري ، وخداع الطبقة العاملة ، وخدمة البورجوازية . وقد اوردنا فى جريدة" الاشتراكى الديموقراطى " (الاعداد 34 ، 40 ،41 )* وقائع تبرهن على ان من يخشون الثورة -- الكهنة المسيحيون البورجوازيون الصغار ، وهيئات الاركان العامة ، وصحف اصحاب الملايين -- مضطرون للاعتراف بوجود اعراض وضع ثورى فى اوروبا .
فهل يستمر هذا الوضع لفترة طويلة ، ولأى حد سوف يبلغ فى تفاقمه ؟ هل سيؤدى الى الثورة ؟ هذا ما لانعرفه ، ولايمكن لأحد ان يعرفه . ولن تقدم الإجابة غير التجربة التى نحوزها عبر تطور المزاج الثوري ، وانتقال الطبقة الطليعية البروليتاريا الى الاعمال الثورية . فلا مجال بهذا الصدد للكلام عن أية "أوهام" ، ولا لرفضها ، لانه مامن اشتراكى قد ضمن ابدا بأن الثورة سوف تنشأ من الحرب الحالية ( لامن الحرب المقبلة ) ، ومن الوضع الثورى الحالى ( لامن الوضع المقبل ) . ومانناقشه هنا مناطه الواجب الاساسي غير القابل للجدل لكل الاشتراكيين -- وهو واجب ان يكشفوا للجماهير وجود الوضع الثورى ، ويوضحوا اطاره وعمقه ، ويوقظوا وعى البروليتاريا الثورى ، وعزيمتها الثورية ، ويعاونوها على الانتقال الى الاعمال الثورية ، ويشكلوا لهذا الغرض منظمات تتلائم والوضع الثورى .
ومامن اشتراكى ذو مكانة قيادية أومسؤول جرؤ قط على ان يشعر بالشك فى ان هذا هو واجب الاحزاب الاشتراكية . وقد تحدث بيان بازل بالتحديد عن واجب الاشتراكيين هذا ، دون ان ينشر او يخلق اقل " وهم " : حث الشعب وايقاظه ( لاهدهدته بالشوفينية كما يفعل بليخانوف ، واكسيلرود وكاوتسكى ) ، واستغلال الازمة للتعجيل بسقوط الراسمالية ، مع الاسترشاد بنماذج الكومونة و(اكتوبر- ديسمبر) 1905 . ولذا فإن فشل الاحزاب الحالية فى القيام بهذا الواجب انما يعنى خيانتها ، وموتها السياسي ، وتنكرها لدورها ، وفرارها الى جانب البورجوازية .
هوامش
(119 ) حول الستروفية ، انظر هذا المجلد ص ص 221 - 223 .
*انظر ص ص 92 -93، 181 -82 و 192 -93 من هذا المجلد – المحرر
المصدر : لينين ، الاعمال الكاملة ، المجلد 21 ، ص ص 212- 217 ، دار التقدم ، موسكو ، 1964 . ( الطبعة الانجليزية ) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هزيمة ساحقة للمحافظين وتوجه لليسار.. ما الذي حدث في بريطانيا


.. ملك بريطانيا يعين رسميا زعيم حزب العمال كير ستارمر رئيسا للو




.. اكتسح حزب العمال البريطاني بزعامة كير ستارمر فمن هو وما برنا


.. فوز ساحق لحزب العمال البريطاني في االنتخابات العامة... وكير




.. الانتخابات البريطانية.. أبرز المشاهد لتولي كير ستارمر رئاسة