الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اتفاق أربيل- بغداد وفرضيات الإستمرار

آراس بدر

2014 / 12 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


يمكن اعتبار الاتفاق الذي تم توقيعه مؤخراَ بين حكومة إقليم كُردستان والحكومة العراقية المركزية, أخر فرصة لإستمرار العراق كدولة بشكلها الحالي, ولكن يبدو انه لا ضمانات لإستمرار الإتفاقية, فتاريخ علاقات الطرفين حافل بإتفاقات غير مكتملة وتملصات مُدوَنة كلها من جانب الحكومة المركزية (عدم إلتزام الحكومة العراقية باتفاقية اذار التي وقعت عام 1970, وعدم تقيد الحكومة العراقية بالدستور الجديد بعد سقوط نظام صدام والمماطلة في تطبيق المادة 140 من قبل بغداد...الخ), واذا ماوضعنا الإتفاق الاخير في ميزان التقييم وفي اطار حسابات الربح والخسارة, سيتبين ان الاتفاق تم على الطريقة الامريكية, لا طرف خاسر فيه (win-win pact), وهذا ماكان يتم الترويج له منذ زمن بعيد من قبل صناع القرار في واشنطن , وكعادة كل شيء في منطقنا ومنطقتنا, فقد استدعى التوصل اليه الكثير من الوقت ووجع الرأس والكثير, الكثير من عض الاصابع من الطرفين وخاصة من قبل الحكومة العراقية المركزية, ويعتبر الاتفاق في شقه النفطي انتصارا للاقليم, الذي لم يرضخ في نهاية المطاف لضغوطات بغداد بوضع كل نفط الاقليم تحت سيطرة الحكومة المركزية, فقد نص على توريد (250) الف برميل يومياَ من النفط المستخرج من حقول الاقليم لصالح شركة تسويق النفط العراقية (سومو), بالإضافة لـ(300) الف برميل يومياَ من نفط كركوك لحساب نفس الشركة, بالاضافة لإنتزاع شرعية التحكم بنفط كركوك من قبل الاقليم وفرض هذا الواقع على الحكومة المركزية, ومقابل إرسال هذه الكمية من النفط سيحصل الإقليم على نسبة 17% من الميزانية العامة وهي النسبة المعتادة التي كان يتم تخصيصها سنوياَ للإقليم, على الرغم من الشكوى المستمرة من قبل الإقليم بخصوص عدم ارسال كل المستحقات المالية من قبل الحكومة العراقية على مدى السنوات الماضية, وهنا تجدر الإشارة إلى السياسة سيئة الصيت التي اتبعتها بغداد لإرضاخ الاقليم طوال عام كامل, حيث امتنعت عن ارسال ميزانية الإقليم التشغيلية بل انها عمدت لقطع رواتب موظفي الإقليم, تماماَ كما كانت تفعل إسرائيل مع الموظفين الفلسطينيين لفرض قرارات سياسية على قادتهم!!.
الجديد والملفت في هذا الإتفاق هو تخصيص مبلغ ترليون و200 مليار دينار اي مايقارب المليار دولار لقوات البيشمركة الكٌردية من قبل الحكومة المركزية, على ان لايتم خصم هذا المبلغ من حصة الاقليم من الميزانية العامة (اي من نسبة الـ17%), وهذا لا يعتبر منةً من الحكومة العراقية, فقوات البيشمركة هي قوات عراقية تحمل صفة حرس الإقليم وتدخل ضمن منظومة الدفاع العراقية, وعليه يمكن أعتبار الامر طبيعياَ وليس ميزة إضافية, فإقليم كُردستان كان يتحمل صرف رواتب ومخصصات مئات الالاف من البيشمركة إضافة لمصاريف تسليحهم وتدريبهم منذ ان تم وضع اطار دستوري لهذه القوات, في حين لم تصرف الحكومة العراقية ديناراَ واحد في هذا المجال, إلا ان الحرب الذي تخوضها قوات البيشمركة ضد مسلحي تنظيم داعش الارهابي على امتداد اكثر من الف كيلومتر, وضع جميع الاطراف امام واقع جديد, ويبدو جليا للعيان ان قرار صرف مستحقات البيشمركة هو ليس قراراَ عراقياَ وطنياَ بكل تأكيد وليس نابعاً عن قناعة بضرورة إدخال مفهوم الشراكة الوطنية في طور التنفيذ, انما هو نتيجةً لضغط امريكي على بغداد, بسبب الدور الكبير المتوقع لقوات البيشمركة في عملية تحرير مدينة الموصل ضمن خطط البنتاغون وقوات التحالف الدولية, يضاف لما تقوم به تلك القوات الأن على مختلف الجبهات, ويأتي قرار الكونغرس الأمريكي الأخير حول تمويل تدريب وتجهيزقوات البيشمركة لمدة سنتين بشكل مباشر وبدون يتم من خلال الحكومة المركزية, ضمن هذا الاطار ايضاَ.
اما بالنسبة للحكومة العراقية, فأن الإتفاق سيمكنها من الايفاء بالشروط اللازمة للحصول على الدعم السياسي والعسكري من قبل الولايات المتحدة والدول الاخرى في التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش, كما ان هذا الاتفاق سيُمكن حكومة حيدر العبادي الإدعاء بانها تمثل العراقيين كافة وليس طائفة معينة كما كان هو الحال حتى الامس القريب, هذا بالطبع بعد تسوية الاوضاع مع السنة, وكما تشير المعطيات فأن الامور تتجه صوب ذلك, خاصة بعد الموافقة على تشكيل قوات الحرس الوطني من ابناء العشائر العربية السنية لمحاربة تنظيم داعش في مناطقها.
خلاصة القول, يتبين من الظروف التي ادت لتوقيع هذه الاتفاقية بين الاقليم والحكومة المركزية, ان العوامل الموضوعية وحدها هي التي ادت لدفع الطرفين للاتفاق وليست العوامل الذاتية, وعليه يمكن التكهن بتاريخ صلاحية هذه الاتفاقية بإستمرار تلك العوامل الموضوعية, اذ مايزال الطرفان يحتفظان برغباتهما الخاصة, لكن عليهما من الان فصاعداَ, خفض اصواتهم عند التفكير بتلك الرغبات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البنتاغون: أنجزنا 50% من الرصيف البحري قبالة ساحل غزة


.. ما تفاصيل خطة بريطانيا لترحيل طالبي لجوء إلى رواندا؟




.. المقاومة الفلسطينية تصعد من استهدافها لمحور نتساريم الفاصل ب


.. بلينكن: إسرائيل قدمت تنازلات للتوصل لاتفاق وعلى حماس قبول ال




.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تهدم منزلا في الخليل