الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فضائح الدولة الفضائية!

شاكر الناصري

2014 / 12 / 4
مواضيع وابحاث سياسية



بعد انتشار فيديو حديث حيدر العبادي، رئيس مجلس الوزراء في العراق، عن الجنود الفضائيين الذي تم اكتشافهم بمجرد تدقيق أوراق فقط على حد قول العبادي! انشغل الجميع بالحديث عن هؤلاء ال ٥٠ الف فضائي الذين يعشعشون في دهاليز الجيش ووزارة الدفاع.. احاديث كثيرة تطرقت الى مساعي العبادي الرامية الى كشف الفساد وفتح ملفاته العويصة وملفات من يقفون خلف هذه الأرقام المخيفة من الذين يعتاشون على مقدرات وثروات الدولة ويتسترون عليهم.

أَدخلت مفردة "فضائي" الى قاموس المفردات التي تخترعها مخيلة العراقي للتدليل على الفساد أو الإرهاب واللصوصية والمصائب التي تحل به وتختصر الحديث عن كل شيء لما تحمله من دلالات لايفهمها سوى من اكتوى بنار الفساد حتى انها اصبحت متداولة على نطاق واسع في ما يتم تداوله من أخبار وتغطيات صحفية ومادة للتندر والسخرية المريرة بالنسبة للعراقيين. لكن حديث العبادي تضمن أشياء أخرى لم يتم التركيز عليها بشكل كاف، فما قاله وكرره أكثر من مرة خلال حديثه عن الفضائيين : ما عدنا فلوس!! هو الجزء الأخطر والأهم في هذا الحديث الذي سيكون بداية دخول العراق في أزمة اقتصادية جديدة تترافق مع الهبوط الحاد في أسعار النفط الخام الذي تشكل عائداته مصدر الدخل الأساسي للدولة العراقية، رغم ماصرح به سابقاً حول التقشف! بما يعنيه ذلك من تعرض الكثير من العراقيين اصحاب المداخيل المحدودة لأزمات شاقة ومكلفة جداً ولكنه لحظة يجب الوقوف عندها طويلاً وتأمل ما آلت اليه الأوضاع في العراق. فكل ما يحدث هو نتيجة مسار واحد كان الهدف منه تقاسم ثروات العراق ونهبها بين القوى السياسية التي تتقاسم السلطة مثلما يتقاسمون غنيمة حالفهم الحظ بالعثورعليها. أبدعوا في ابتكار طرق تمتص مقدرات الدولة التي تعتمد على عائدات النفط بشكل كبير وأساس مثل باقي الدول الريعية التي تتمتع فئة معينة فيها بهذه العائدات وترمي الفتات لتسد به افواه من يعترضون أو يطالبون بحق وحقوق ما.

العراق ومنذ نيسان 2003 أصبح نموذج للدولة الريعية التي أغرتها العوائد النفطية الضخمة وابعدتها عن طرح اسئلة المستقبل الذي يمكن أن تواجهه هذه الدولة بعد نفاذ مخزونات واحتياطيات النفط أو مواجهة أزمات كبيرة بفعل هبوط الأسعار الى مستويات متدنية كما هو الحال الآن.

ما عندنا فلوس ! هي الخلاصة المخيفة لمسيرة ما بعد التاسع من نيسان ٢٠٠٣، فالدولة التي تحدث ساستها عن ميزانيات انفجارية ومليارية، باتت تعاني من الافلاس وخواء الخزينة وهاهم يتحدثون الان عن التقشف وعن استنزاف ميزانية الدولة التي لم تقر أصلا!

الفضائيون الذين يتم الحديث عنهم لايتوقف عددهم عند الرقم الذي اكتشفه العبادي في وزارة الدفاع فقط، ولا ينحصرون في وزارة واحدة بل، يشكلون ارقاماً مخيفة تتوزع على معظم الوزارات، الدفاع والداخلية والمديريات التابعة لها وفي معظم الوزارات التي تغص باعداد هائلة من الموظفين الذين يمارسون بطالة مقنعة. وفي المؤسسات التي تم ايجادها لرعاية السجناء والمفصولين السياسيين وضحايا النظام السابق والمهجرين ومن كانوا في مخيم رفحاء والبطاقة التموينية وشبكات الرعاية الإجتماعية...الخ. في المشاريع الوهمية الزائفة وفي الأعداد الهائلة من افواج وألوية الحمايات المخصصة لحماية هذا المسؤول أوذاك.

بعد كل هذا الخراب واللصوصية العلنية فإن العراق أصبح دولة "فضائية" محكومة بقوى سياسية تمتهن الفساد وسرقة المال العام ولا تتردد عن ارتكاب الجرائم من أجل تحقيق ذلك.

نعم اننا مع خطوات واجراءات عاجلة وفاعلة لوقف الهدر في ميزانية الدولة وكشف ملفات الفساد واللصوصية التي تمارسها القوى السياسية ولكننا امام معضلة كبيرة فهذه القوى التي شرعنت وأقرت نظام المحاصصة السياسية والطائفية وتمكنت من تحويله الى وسيلة للنهب والسرقة والاستئثار بالسلطة، سيحمي بعضها البعض الاخر وستدافع عن مصالحها بالتهديد وبالمفخخات وباختلاق الأزمات التي لا تؤثر الا على حياة وأمن المواطن العراقي المنكوب بهذه القوى وارهابها وسياساتها وممارساتها الاجرامية. فهذه القوى وما أن تنتشر رائحة فضيحة فساد تتعلق بها أو برموزها فإنها سرعان ما ترفع شعار الاستهداف السياسي والطائفي الذي تمارسه قوى اخرى ضدها!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ادخال عراق المافيا موسوعة غينيس
طلال الربيعي ( 2014 / 12 / 4 - 21:02 )
الاخ العزيز شاكر الناصري
كل الشر على مقالك.
ان بريمر وارباب ما يسمى العملية السياسية, من يمينهم الى يسارهم و ما بينهم, قد نجحوا كل النجاح في خلق اكبر مؤسسة مافيوية سلطوية عرفها التاريخ والتي تستحق ان تدخل العراق موسوعة غينيس للأرقام القياسية بسبب احرازها قصب السبق في تأسيس اكثر دولة فسادا واحتيالا على صعيد التاريخ الحديث قاطبة.
فاحد ابطال هذه المافيا -الميامين-, والجاسوس الدولي, ونائب رئيس دولة المافيا, اياد علاوي, يرجّح وجود ربع مليون فضائي بالجيش والشرطة لوحدها فقط.
http://www.iraqicp.com/index.php/sections/news/22496-2014-12-04-08-46-39
كما ان عراق المافيا قد حقق قصب السبق الآن في -الفوز- على الصومال والسودان وكوريا الشمالية في -مؤشر الفساد-, ولربما بضربة قاضية وموجعة.
http://www.iraqicp.com/index.php/sections/news/22472-2014-12-03-14-53-50
يتبع


2 - ادخال عراق المافيا موسوعة غينيس
طلال الربيعي ( 2014 / 12 / 4 - 21:04 )
و-الانجازات- تتوالى وتتوالى.
والبعض من مدعي اليسار والشيوعية يردد شعاراته المفلسة باصلاح هذه العملية السياسية والدعوة الى عقد مؤتمر للمصالحة بين (الكواسج؟), وحتى لو كانوا يعلنون هذا بحسن نية, فنحن نعلم ان الطريق الى جهنم معبد بحسن النيات.
مع وافر مودتي


3 - رد من الكاتب 1
شاكر الناصري ( 2014 / 12 / 4 - 22:16 )
العزيز طلال الربيعي..شكرا لاهتمامك ومداخلتك.. نعم نجح بريمر واتباعه من مختلف القوى السياسية، يسارها ويمينها ووقوميها، في انتاج دولة فاسدة وفاشلة وستتحول الى عالة على مجتمعها وناسها مادامت تسير في مسار الغنيمة والثأر وسرقة اكبر جزء من الغنيمة الرهيبة. الفضائيون سيتحولون الى ساحة للمزايدات مثل كل القضايا الاخرى. اعدادهم الحقيقية تفوق ما صرح به علاوي او مشعاان ..فهم في كل زاوية من هذا المجتمع..

اخر الافلام

.. الإمارات وروسيا.. تجارة في غفلة من الغرب؟ | المسائية


.. جندي إسرائيلي سابق: نتعمد قتل الأطفال وجيشنا يستهتر بحياة ال




.. قراءة عسكرية.. كتائب القسام توثق إطلاق صواريخ من جنوب لبنان


.. عضو الكونغرس الأمريكي جمال باومان يدين اعتداءات الشرطة على ا




.. أزمة دبلوماسية متصاعدة بين برلين وموسكو بسبب مجموعة هاكرز رو