الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حماس وجدلية شكل الصراع مع اسرائيل

فهد احمد ابو شمعه

2014 / 12 / 5
القضية الفلسطينية


تشكل حماس بمشروعها السياسي الاخواني تهديدا مباشرا للمشروع الوطني الفلسطيني , فالمتمعن في المشهد السياسي في قطاع غزة يشاهد بوضوح ان المشروع الحقيقي القائم هناك هو مشروع الاخوان المسلمين وليس مشروعا وطنيا , وحماس لاتنكر ذلك وهي تؤدي قسم الولاء لجماعة الاخوان المسلمين على مرأى ومسمع من الجميع , والعمل جاري هناك على اقامة امارة اخوانية , لذلك يتم باستمرار وئد وافشال كل المبادرات الرامية الى المصالحة وانهاء الانقسام , لان ذلك لايصب في مصلحة المشروع الاخواني , بل وصل الامر في مرحلة ما الى محاولة رهن القضية الفلسطينية برمتها باجندة الاخوان المسلمين والمطالبة بالغاء منظمة التحرير كممثل شرعي وحيد وجامع لكل الاطياف .
ورغم العداء الشديد الذي تكنه اسرائيل لحماس الا ان حماس في نفس الوقت تشكل لاسرائيل بعدا استراتيجيا هاما كونها تقدم لها المبررات العسكرية والسياسية لضرب وتقويض اي تقدم او حراك نحو اتمام بناء اي مشروع وطني او نحو اقامة دولة فلسطينية مستقلة كما تشكل عاملا هاما لتكريس الفصل بين الضفة والقطاع وهو مطلب اسرائيلي هام .
ومن موقع القياده الذي تحتله حماس كان مطلوب منها توخي الحياد والحكمة والعقلانية حين يتعلق الامر باتخاذ قرارات تمس مصير الامة ,الا ان سياسات حماس ومواقفها المتسرعة والغير محسوبة وتدخلها السافر في الاحداث الجارية في مصر وسوريا ادت الى ادخال الشعب والقضية الفلسطينة في انفاق مظلمة , فنلاحظ بوضوح في الاونة الاخيرة تراجعا في الاهتمام العربي بالقضية الفلسطينية على المستويين الرسمي والشعبي .
وما بين سنديان الغباء السياسي الحمساوي ومطرقة الجنون الاسرائيلي يعاني مليون ونصف انسان في غزه اشد المعاناه من بؤس وحرمان من ابسط المتطلبات , ولا بد ان حماس باتت تعي حجم الامتعاض الشعبي وان شعبيتها اصبحت في الحضيض جراء السياسات اللامسؤولة التي تنتهجها , لذلك لم يرغب قادة حماس بالسماح بالاحتفال بذكرى عرفات في غزه لان ذلك كان سيؤدي الى حضور جماهيري كبير الامر الذي كان سيشكل نوعا من الاستفتاء على شعبية فتح والسلطة في غزة وهذا ما لا ترغب به حماس , وجاءت تفجيرات غزه كوسيلة لاجهاض ومنع هذه الاحتفالات , ومع ذلك فلا احد يستطيع ان يجزم بوقوف حماس خلف تلك التفجيرات فهناك المستفيد الاكبر من تلك التفجيرات وهي اسرائيل التي ربما املت من وراء تلك التفجيرات الى اجهاض مشروع المصالحة وحكومة الوفاق , اما اذا ثبت تورط حماس او اي طرف فلسطيني اخر في هذا العمل فان ذلك يعكس خللا اخلاقيا ووطنيا خطيرا.
لتحقيق وبناء مشروع وطني تحرري فلسطيني موحد وفاعل يجب اولا معرفة وتحديد نوع الصراع الذي يخوضه الفلسطينيين مع اسرائيل فهل هو صراع حدود ام صراع وجود ام صراع ديني ؟ كما يجب علينا ان نحدد هل القضية الفلسطينية هي فلسطينية محضة تخص الفلسطينيين وحدهم ام هي قضية قومية تخص جميع العرب ام هي قضية اسلامية تخص جمبع المسلمين ؟
فبالنسبة للبعد القومي العربي للقضية الفلسطينية - والهزيل اصلا - فقد تراجع لدرجة التلاشي شبه التام خاصة بعد ان قامت مصر ومن بعدها الاردن بعقد اتفاقات سلام مع اسرائيل , وبعد مؤتمر مدريد حيث شهدنا التهافت العربي نحو الاعتراف باسرائيل , وكان الاعتراف والتوجه الفلسطيني نحو الحل السلمي مع اسرائيل هو اعتراف بفشل المشروع القومي العربي .
اما البعد الاسلامي للقضية - فلا ادري عن اي بعد اسلامي يمكن الحديث - فاذا استثنينا ايران وحزب الله بوضعهما المعقد وبواعثهما الغامضة - فهل المملكة السعودية معنية بالقضية الفلسطينية ام باكستان واندونيسيا , ام قطر وتركيا , ثم ان الكثير من الدول الاسلامية تقيم علاقات مع اسرائيل , البعد الاسلامي للقضية غير واضح اطلاقا وكمشروع حقيقي هو غير موجود , وهو مجرد أماني واحلام وادعية يتم تداولها في خطب الجمعه .
وفي ظل الوضع الدولي الحالي فان طرح معادلة الصراع الديني كمشروع تحرري ستضر بالقضية الفلسطينية , ولو آمنا جدلا ان مشروع كهذا يمكن ان يتبلور في يوم ما تحت شعار ان فلسطين هي وقف اسلامي يجب استعادته فلا يجب ان يكون ذلك على حساب المشروع الوطني الفلسطيني , فمن حق الشعب الفلسطيني ان يحقق حلمه الوطني ويقيم دولته على هذا الجزء المتاح من ارضه باسرع وقت ممكن , ولا انفي هنا اهمية توظيف الدين كمحرض عاطفي لجلب الدعم والتأييد وليس كمشروع فاسرائيل كذلك تقوم بتوظيف الجانب العاطفي للدين لخدمة المشروع الصهيوني .

منذ معاهدة اوسلو وقبلها مؤتمر مدريد تغير نوع الصراع بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي فبعد ان كان صراع وجود اصبح صراع حدود , ومنذ ذلك الحين تغيرت المعادلة .
و مشروع السلام كاستراتيجية فلسطينية جاء نتاج حالة احباط ويأس بسبب تراجع امكانية تحقيق اي مشروع اخر في الظرف الدولي الراهن , بعد ان كان مشروع التحرير الشامل من البحر الى النهر على رأس المشاريع المطروحة فلسطينيا وعربيا , هذا المشروع الذي تعرض لانتكاسة عندما انفردت مصر بتوقيع معاهدة سلام - كامب ديبد - مع اسرائيل , وانتكاسة اخرى بانهيار الاتحاد السوفييتي والمعسكر الاشتراكي اذ فقد الفلسطينيين والعرب بشكل عام اهم الداعمين لقضاياهم ومنذ ذلك الحين تغيرت قواعد اللعبة العالمية وتغيرت الكثير من المفاهيم فاصبح النضال ارهابا وقد فهم عرفات رحمه الله قواعد اللعب الجديدة عندما انخرط في عملية السلام .
باجماع وطني وقناعة سياسية لدى المستوى القيادي والسياسي في منظمة التحرير الفلسطينية تم التوجه نحو الحل السلمي كاستراتيجية - فرضتها معادلة دولية وظروف راهنة - وكشكل من اشكال النضال المتاحة .
مرت القضية والشعب الفلسطيني في العقود الاخيرة بعدة ازمات وانتفاضتين وثلاث حروب على غزة ولم يحرك العالم العربي والاسلامي ساكنا وشاهدنا بوضوح في الحرب الاخيرة كيف ان اهتمام وتعاطف دول وشعوب امريكا الجنوبية كان اكثر بكثبر من اهتمام وتعاطف دول وشعوب العالمين العربي والاسلامي , فعن اي بعد عربي واسلامي نتحدث وعن اي مشاريع ؟ كلها اوهام ولا يجب المراهنة عليها .
ولا مكان الا لمشروع وطنى فلسطيني موحد ومستقل وبعيد عن اي اجندات خارجية , تتوحد خلفه كافة الاطياف الايديولوجية والسياسية وكافة الفصائل بما فيها حماس وادارة ذلك المشروع بحكمة تأخذ بعين الاعتبار المصلحة الوطنية للشعب الفلسطيني فقط دون التأثر باي عوامل خارجية .
وفي رأيي الشخصي ان المصلحة الوطنية الفلسطينية تتطلب في هذا الظرف الدقيق ان يلتف الجميع حول القيادة الشرعية للشعب الفلسطيني المتمثلة بابو مازن , فنحن من حين لآخر نسمع اصوات تتعالى في الاوساط السياسية الاسرائيلية تطالب بمحاربة ابو مازن وعزلة وتصرح بانه يشكل خطرا داهما على اسرائيل وعلى المشروع الصهيوني وهذه الاصوات عفوية تلقائية وحقيقية في نفس الوقت وهي بالفعل تستشعر خطرا من السياسة المتوازنة والعقلانية التي ينتهجها ابو مازن كونه يسير بخطى واثقة ويحاول قدر الامكان الا يعطي لاسرائيل اي مبرر للتملص من الاستحقاقات والاتفاقات الدولية ويجتهد في محاولة اسثمار الدعم الدولي لسياسة التوازن التي ينتهجها لتحقيق مكاسب على الارض وهو يمتلك رؤيا سياسية ثاقبه ويعي ويدرك تعقيدات المعادلة الاقليمية والدولية الراهنة وابعادها ويدرك موازين القوى تماما ولا يعطي لاسرائيل المبررات لتهدم ماتم ويتم بناؤه كل يوم , من بنية تحتية ومؤسسات ومشاريع اقتصادية , وهو يؤسس لدولة حقيقية على الارض , ونرى جميعا كيف ان المدن الفلسطينية في الضفة الغربية تشهد نهضة عمرانية واقتصادية لم يسبق لها مثيل , فرفاهية الانسان والحفاظ عليه هو ايضا جزء من العمل الوطني عندما يتم ذلك دون التنازل عن الثوابت الوطنية , وشتان ما بين من يبني وبين من يعطي المبررات للهدم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القناة 12 الإسرائيلية: المؤسسة الأمنية تدفع باتجاه الموافقة


.. وزير خارجية فرنسا يسعى لمنع التصعيد بين إسرائيل وحزب الله في




.. بارزاني يبحث في بغداد تأجيل الانتخابات في إقليم كردستان العر


.. سكاي نيوز ترصد آراء عدد من نازحي رفح حول تطلعاتهم للتهدئة




.. اتساع رقعة التظاهرات الطلابية في الولايات المتحدة للمطالبة ب