الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فيروز واحزاب الاسلام السياسي

احمد عبدول

2014 / 12 / 5
الادب والفن


اعتاد العراقيون عند كل صبيحة, وهم يهموا بمغادرة منازلهم, طلبا للرزق وسعيا للكسب ,ان يشنفوا اذانهم بسماع مجموعة مختارة من اغاني السيدة (فيروز )والتي غالبا ما كانت تبث من الساعة الثامنة حتى الثامنة والنصف ,اغاني مثل (يا عاقد الحاجبين على الجبين اللجين ) (طيري يا طيارة طيري يا ورق وخيطان بدي ارجع بنت زغيره عسطوح الجيران )(بكتب اسمك يا حبيبي علحور العتيق تكتب اسمي يا حبيبي على رمل الطريق )الى اخر تلك الفيروزيات التي كانت في سبعينيات وثمانينات القرن الفائت جزء لا يتجزأ من الطقوس والتقاليد التي يحرص على تأديتها العراقي عند كل صباح , وهو مفعم بالأمل والتفاؤل والاقبال على الحياة بقلب سليم ومطمئن .الا ان احزاب الاسلام السياسي وبعد ان احكمت قبضتها على مساحات البث الاذاعي والاعلامي قد صادرت ما اعتاد عليه العراقيون, من سماع وتلقي لأجمل ما غنته السيدة (فيروز)على مدى عقود من الزمن ,فالأحزاب الاسلامية تخاف الغناء حتى لو صدر عن حنجرة لم ولن تصدح الا باللحن الموزون, والكلم المأمون , الذي يتماشى مع الفطرة السليمة والذوق الرفيع والمشاعر الانسانية الراقية . الاحزاب الاسلامية تخاف غناء (فيروز )على الرغم من انها لا تدعوا الى الفحش او القبح او المجون كما هو الحال في اغاني بعض من يشكل عليهم ارباب الاسلام المسيس,حيث تغني (فيروز)لقيم الخير والحب والجمال والسلام وصيانة العهود والمواثيق ,وهي ذات القيم التي تؤكد عليها سائر الاديان والشرائع السماوية .
(فيروز)ومنذ عهدنا بها لم ولن تظهر اي مفاتن سوى مفاتن صوتها الرقراق الذي ينساب بين حنايا النفس البشرية كما ينساب اول خيط للفجر في السماء ,فلماذا يخافها الاسلاميون ولماذا يستبدلون صوتها الذي يعد بمثابة مصالحة ود ووئام وانسجام مع الله ومع الكون والطبيعة .احزاب الاسلام السياسي رفعت صوت (فيروز) من المحطات الصباحية لتستبدله بأصوات البكاء والعويل والفزع والجزع والهلع ,حيث بات الواحد منا وهو يستقل سيارات الاجرة العامة والخاصة لا يستمع سوى للبكائيات منذ الساعات الاولى للصباح ,تلك الساعات التي تتطلع فيها النفس البشرية الى سماع ما هو مفرح ومشرق ومشوق , وهي تهم باستقبال يوم جديد على بركه الله والطافه .
احزاب الاسلام السياسي لا تعرف ولا تريد ان تعرف ان لكل مقام مقال وان البكائيات والرثائيات انما تصلح في اوقات دون اخرى وفي مناسبات دون سواها وفي اماكن دون سواها ,تأكيد تلك الاحزاب ومحطاتها الاعلامية على مصادرة صوت السيدة (فيروز )من صباحات العراقيين دليل واضح وملموس على انهم لا يفرقون بين الغناء عندما يمثل هوية ثقافية لشعب من الشعوب وبين ان يكون الغناء مسفا هابطا لا يعكس سوى حالة من التردي القيمي والذوقي والجمالي ,الاسلاميون يخافون الغناء بكل الوانه واشكاله ومسمياته والسبب في ذلك انهم لا يفرقون بين القبح والجمال ,كان الاولى بأحزاب الاسلام السياسي ان تخاف غول الفساد المالي والاداري والأخلاقي الذي يجتاح مجتمعنا من شماله الى جنوبه لا ان يخافوا صوت الحقل والبيدر وزقزقة طيور النورس وانفاس شجرة الياسمين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -مستنقع- و-ظالم-.. ماذا قال ممثلون سوريون عن الوسط الفني؟ -


.. المخرج حسام سليمان: انتهينا من العمل على «عصابة الماكس» قبل




.. -من يتخلى عن الفن خائن-.. أسباب عدم اعتزال الفنان عبد الوهاب


.. سر شعبية أغنية مرسول الحب.. الفنان المغربي يوضح




.. -10 من 10-.. خبيرة المظهر منال بدوي تحكم على الفنان #محمد_ال