الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طائر العنقاء الفلسطيني

فضيلة يوسف

2014 / 12 / 6
القضية الفلسطينية


كان رائد مؤنس أفضل صديق لي. كانت الندبة الصغيرة على أعلى حاجبه الأيسر من فعلي في سن الخامسة. طلبت منه إنهاء التعلق على حبل الغسيل الذي تستخدمه أمي. لم يستمع لي، فرميت حجراً على وجهه.
أنا لم أقصد إصابته ، ولكني فعلت. سحبني والدي إلى منزله يركلني ويصرخ بي ، ويحمل في يده كرة مطاطية ملونة ودمية هدية لرائد. أحسست بالإحراج لأنني أصبت أفضل صديق لي.
بعد عدة سنوات، وعندما بلغ رائد 15 عاماً، قتله رصاص الجنود الاسرائيليين ،كان يساعد جيراننا في حفر قبر لرجل قتلته القوات الاسرائيلية في وقت سابق من اليوم، أثناء أداء صلاة العيد.
في ذلك اليوم، اصطحبنا والدي لتقديم التهاني في العيد للأقارب في مخيم قريب للاجئين في غزة عندما تحول العيد في النصيرات إلى " مذبحة"، كل عيد يتحول في "النصيرات إلى "مجزرة. وقد تم اختيار المخيم المتمرد للاجئين لتلقينه درساً في عيد الأضحى، وكان رائد أحد الضحايا في ذلك اليوم.
قال لي صديق أن رائد كان ينزف بغزارة بينما سار مترنحاً بعد وقت قصير من اطلاق مروحية الجيش الاسرائيلي النار عليه. وصل إلى بيتي، المتاخم للمقبرة، وطرق الباب بشدة وهو ينادي على والدتي : ارجوك عمتي زريفة إفتحي الباب"
لكن والدتي كانت ميتة. ومدفونة في "مقبرة الشهداء"، حيث أجدادي، اللاجئين من فلسطين التاريخية، وكذلك هناك في مقبرة الشهداء قبر صغير لأخي الأكبر، أنور. توفي عن عمر يناهز السنتين لأن والدي لا يملك المال اللازم لعلاجه في مستشفى مناسب . قبر رائد الآن لا يبعد سوى أمتار قليلة.
لا يمكنني تصور نفسي أبداً أرسم التشابه بين النصيرات، وشعبها البطل وفيلم هوليوود (ألعاب الشهوة). النضال المقدس لشعبي لا يمكّنني من عمل مثل هذه المقارنات. ولكن طغى علي شعور بالغضب عندما شاهدت فيلم " Mockingjay" طائر العنقاء." عندما رأيت المناطق التي دمرها حكام مبنى الكابيتول بلا ضمير. عندما شاهدت الفيلم، كانت فلسطين فقط، وبشكل خاص كانت المقاومة في غزة في ذهني.
مبنى الكابيتول - والتكنولوجيا العسكرية التي لا تُضاهى وأجهزة وسائل الإعلام الهائلة – المتوحشة التي لا يمكن ايقافها ، القادة الذين ادعوا التفوق على جميع سكان Panem ذات الواقع المرير، دون حدود أخلاقية على الإطلاق.
تم إنشاء نسخة القصة من تلفزيون الواقع (Hunger Games )، كحدث سنوي للاحتفال بانتصار الكابيتول على تمرد المقاطعات في السابق. وللتذكير بقدرة الكابيتول على أي شخص يجرؤ على الانتفاض مرة أخرى في المستقبل. جاء المشاركون في العرض - ومعظمهم من الأطفال الذين تم اختيارهم طوعياً في عملية تسمى "جني المحصول" - من كل مقاطعة. وكانوا يتسابقون لقتل بعضهم البعض لتسلية مبنى الكابيتول، الذي يستمد قوته من الانقسام وظلم الآخرين.
ولكن المقاطعات تمردت ، وكان عليها أن تفعل ذلك . قاومت لأنه لا يوجد استجابة أخرى للاضطهاد المنهجي سوى المقاومة. و تم تدمير المقاطعة 13 في وقت مبكر حتى لا تجرؤ بقية المقاطعات على تبني أية أفكار غير إصرار الكابيتول بأن المقاومة عقيمة. كان رئيس المقاطعات "Panem " قاسياً لا يرحم ويصر على الإشارة الى أولئك الذين تحدوا الكابيتول ب "المتطرفين"، وليس "الثوار". وفي بعض الأحيان، حاول مبنى الكابيتول تحريض المقاطعات ضد بعضها البعض، والتحريض على الحرب الأهلية.
أصبح الربط بغزة صارخاً جداً عندما تلفظت Katniss - إحدى رمزي "طائر العنقاء" للمقاومة - بهذه الكلمات في وقت قريب بعد تدمير قاذفات الكابيتول لمستشفى بالكامل بمن فيه من العزل من الرجال والنساء والأطفال، مما أسفر عن مقتل جميع من فيه : "أريد أن أقول للشعب إذا كنت تعتقد لثانية واحدة أن الكابيتول سوف يعاملنا بعدالة عند وقف إطلاق النار، فأنت تخدع نفسك. لأننا نعرف من هم وماذا يفعلون ". وكان وجه الشبه في هذه الدراما مماثلاً إلى حد مخيف للتفجير والتدمير الكامل لمستشفى الوفاء في غزة في أواخر تموز من هذا العام، المركز الوحيد لإعادة التأهيل لآلاف ضحايا الفظائع الإسرائيلية في قطاع غزة .
كانت رسالتها لمبنى الكابيتول: "يمكنكم تعذيبنا وقصفنا وحرق أحياءنا وتسويتها بالأرض، ولكن هل ترون ذلك؟ النار ستلحق الجميع !وإذا احترقنا فستحترقون معنا! "
وكأن مؤلفة ، Hunger Games، سوزان كولينز تعرف الكثير عن غزة. وكأنها أبدعت قصصها لتصف معركة حقيقية بين الكابيتول المتوحشة ، المسماة إسرائيل، والمقاطعات المتمردة المسماة فلسطين. وكأن غزة هي المقاطعة 13؛ وأنه على الرغم من محاولات الإبادة الجماعية المتكررة على مدى 65 عاماً، ولا سيما اثنتين من حروب الإبادة الجماعية في 2008-2009 و 2014، فإن المقاومة مستمرة ولا تزال على قيد الحياة.
هل تعلم كولينز أن Katniss، لم تختار هذا المصير، لكنها اضطرت الى التصعيد للدفاع عن شعبها، وأنها تتمثل في الآلاف من الرجال والنساء والأطفال، ونعم، أطفال غزة؟ وهل تعرف أن قصصها حدثت بالفعل، مع أناس حقيقيين، قد يكونوا لم يسمعوا بها وربما لن يعيشوا لمشاهدة أفلامها ؟ وهل تعرف أن القادة المجرمين مثل الرئيس Snow ليسوا شيئاً من الخيال، وأنهم موجودون في الواقع ، إنهم بنيامين نتنياهو وعدد لا يحصى من القادة الإسرائيليين الآخرين الذين يدعون إلى الإبادة الجماعية لسكان غزة لمجرد النزوة؟
ألعاب الشهوة في غزة خارقة
قبل قيام إسرائيل بفرض عقوبات اقتصادية على قطاع غزة، لمعاقبة الفلسطينيين على نتيجة انتخاباتهم الديمقراطية، قدّم Dov Weisglass كبير المستشارين في الحكومة الاسرائيلية وعداً دموياً تقشعر له الأبدان: " الفكرة هي إجبار الفلسطينيين على اتباع نظام غذائي قاس، ولكن ليس الموت من الجوع ". (AFP ، 16 شباط 2006). ولم يكن هذا البيان عابراً.
بعد كثير من الجدل القانوني، تمكنت جماعة حقوق الإنسان الإسرائيلية، Gisha ، من الحصول على الوثائق التي أظهرت أن سياسة إسرائيل الرسمية في غزة منذ ذلك الحين كانت "سياسة متعمدة لخلق شبه مجاعة"، وأن لا علاقة بين"الأمن الإسرائيلي " وحصار غزة.
قتلت اسرائيل في عملية الرصاص المصبوب أكثر من 1400 فلسطيني وأُصيب 5500. ولكن في الحرب الاخيرة زادت فاتورة المقاومة فقتلت إسرائيل 2137 فلسطيني . وما زال المزيد يموتون من جراحهم.
تم تدمير أحياء بأكملها في غزة وسوّيت قرى كاملة بالأرض ،وأُبيدت عائلات بأكملها. تم تفجير مئات المدارس والمستشفيات والمساجد في عملية عربدة والدمار في غزة لا مثيل له.
ومع ذلك، فإن المقاومة لم تُهزم في غزة. لأن المقاومة ليست الرجال والنساء المسلحين بالبنادق. المقاومة فكرة، نقية النوايا ، وربما رومانسية، في بعض الأحيان، ولكن بالتأكيد المقاومة عمل جماعي لشعب بأكمله، شعب اختار أن يموت في القتال، إذا كان لا بد من ذلك ولكن لن يعيش حاملاً أغلال العبيد.
لم تكن كلمات Moshe Feiglin نائب رئيس البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) التي تقشعر لها الأبدان كافية لتخويف غزة. وضع Feiglin في حسابه على الفيسبوك خططاً لتدمير المقاومة في 1 آب، عام 2014 :" يجب اجتياح قطاع غزة بأكمله، وإبادة كل القوات المقاتلة ومؤيديهم"، بالإضافة إلى دفع باقي السكان إلى معسكرات اعتقال بالقرب من صحراء سيناء . " سيتم إنشاء مخيمات في هذه المناطق، ، حتى يتم تحديد وجهة الهجرة لهم."
فيجلين، ورئيس وزرائه بنيامين نتنياهو، من بين العديد من الآخرين في المؤسسة السياسية والعسكرية في إسرائيل، هم قادة واقع الحياة في مبنى الكابيتول، يُسمح لهم بالعمل ضد المناطق المضطهدة في فلسطين ويفلتون من العقاب.
ومثل طائر العنقاء الذي يخرج من الرماد ، ستبقى غزة منطقة الثورة، سوف يوحد دم أطفال غزة "نصف الجوعى" جميع المقاطعات ضد الظلم. ثم، سوف تتضاءل جميع الأصوات التي تشكك في حكمة المقاومة ، وسوف يعلو صوت متناغم لشعب موحد. وستستمر المقاومة وسيعبر الفلسطينيون في كل مكان عن انتصارهم وتحديهم مثلما يرفع المصريون أربعة أصابع كشعار لما حدث في " رابعة" ، وكما أن الثوار في المقاطعة 13 يرفعون ثلاثة أصابع.
وحتى ذلك الحين، سوف يستمر طائر العنقاء في فلسطين، والآلاف من الشهداء الذين يجوبون السماء في الغناء للشعب الثائر.
"هل أنت، هل أنت
قادم إلى شجرة الحياة
مثلما قلت لك لنكون أحراراً
أشياء غريبة حدثت هنا
لن تبقى غريبة
إذا التقينا في ظلمة الليل عند شجرة الحياة
وإذا بدأت المقاطعات الأخرى ...
مترجم
رمزي بارود








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -البطل الخارق- غريندايزر في باريس! • فرانس 24 / FRANCE 24


.. بلينكن في الصين.. مهمة صعبة وشائكة • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بلينكن يصل إسرائيل الثلاثاء المقبل في زيارة هي السابعة له من


.. مسؤولون مصريون: وفد مصري رفيع المستوى توجه لإسرائيل مع رؤية




.. المركزي التركي يُبقي الفائدة دون تغيير عند مستوى 50 بالمئة