الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لبنان، ديمقراطية؟!

وديان عثمان

2014 / 12 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


نشأ لبنان بعدما حسم الإستعمار صراعه المرحلي على الأطراف، وأرسى الفرنسيون المستعمرون قاعدة لمن دعموه من سكان بلاد الشام، فحددوا لبنان موطناً للمارونية السياسية، وأخذوا رمز هذه المارونية أرزة البطاركة، التي تنمو في حديقتهم الشهيرة في الديمان، في شمال لبنان، وزرعوها في قلب علم فرنسي، وجعلوا له من دستور الجمهورية الثالثة الفرنسية دستوراً.
من المفترض في هذا الدستور، أن الشعب هو مصدر السلطات – هذا ما يؤكده بابه الأول في الأحكام الأساسية  – إذ هو ينتخب مجلساً تشريعياً يمثله، وهذا المجلس ينتخب رئيساً للجمهورية، هذا الرئيس يكلف رئيساً للوزراء بتشكيل حكومة، تصبح مكتملة الشروط بمجرد نيلها ثقة البرلمان بناء على بيانها الوزاري!
لكن ما اتضح اليوم، بعد إنقطاع رأس المارونية السياسية، في حرب أهلية ضروس، هو أنها تفرعت رؤوساً متعددة لجسد مافيوي واحد، يغتصب السلطة رغماً عن أنف الشعب.
في جمهورية الفوضى، كل شيء يغيب عنه التنظيم إلا النهب، فالمحاصصة لكل ما يمكن سرقته حاضرة بقوة، إذ نرى هيكلية تقسيمية لوزارات تبيض ذهباً، لا يستثنى منها شيئاً، فحتى وزارة التربية أصبحت مرتعا للفساد حيث امتنعت الهيئات المانحة الدولية إعطاء مساعداتها للطلاب السوريين النازحين من خلالها خشية عمليات النهب المتوقعة.
ولم يرعن بعض موظفيها عن استغلال توسع الفساد والـ"حماية" السياسية فأباحوا لأنفسهم تزوير وبيع شهادات مزورة وتسريب المسابقات الرسمية للشهادات قبل موعدها الرسمي للظهور.
أما وزارة الثقافة فقد إستطاعت أن تحقق عائدات غير رسمية، فاقت بحسب مصادر المليار دولار في معرض بيروت عاصمة عالمية للكتاب لعام 2009.
ويمكن لوزارة الداخلية أن تبيع رخص عازل الرؤية دون العودة لتأثيرات هذا الموضوع على الأمن، أما في تراخيص السلاح فحدّث ولا حرج!
لكن الغريب اليوم، هو عدم الحاجة للإلتفاف وإعادة تجديد السلطة الحاكمة في لبنان لنفسها، عبر الإنتخاب، بل فعل ذلك بالتمديد مباشرة دون مواربة!
لكن إذا كانت السلطة في لبنان تمدد لنفسها دون العودة للشعب، ألا يعني ذلك أن السلطة إستحالت سلطة ديكتاتورية؟!
إستطاعت الطبقة الحاكمة في لبنان أن تجدد لنفسها، بذات التأثيرات التي تفرضها الديكتاتوريات دوماً، وبنفس الذرائع، إذ إن الأمن يهتز إذا ما اهتزت سلطتها، والإقتصاد ونموه واستقراره يرتبط بإستقرار سلطتها، وأحوال الناس المزرية، التي لا يمكن أن تتحسن بأي حال، يمكن أن تزداد سوءاً، إن رحلت هذه الطبقة عنها!
لقد حصل قُبيل التمديد إبتزاز للناس بحقوقهم المشروعة، إذ كان لعدم وضع وزراء الكتائب توقيعهم على مرسوم فتح إعتماد إضافي على الموازنة أن يؤخر دفع رواتب الموظفين أسبوعاً على الأقل. رواتب لا تكفي الموظفين العيش الكريم أسبوعاً من الشهر، وخطة تحسينها عبر سلسلة رتب رواتب، يتم ترحيلها مراراً إلى أكثر من مكان، من قبل مجلس قد عطّل نفسه عن القيام بأي عمل سوى التمديد لنفسه.
الغابة اللبنانية ، التي لا تمتلك إمكانية تأمين رعاية صحية لكل شعبها، ويموت الفقير فيها على أبواب المستشفيات، رغم هدر مائة وستين مليون دولاراً سنوياً على الأقل، من أموال الشعب المودعة في وزارة الصحة، في عمليات وهمية، لتصب في جيوب كارتيلات المستشفيات، هذه الدولة التي تدعم سعر الطحين ليرفع من أرباح سعر المنقوشة إلى الحد الأقصى، وتزدهر ثروات كارتيلات المطاحن و الأفران. هذه الدولة التي صرفت مبالغ على الطاقة الكهربائية يمكنها أن تؤمن التيار الكهربائي على مدار الساعة، في القارة الأفريقية بأكملها، وما زال التيار الكهربائي فيها منقرضاً سوى بشقه المتعلق بالجباية (إذ ما زالت الفاتورة تصل المواطنين)، وما زلنا تحت رحمة كارتيلات أصحاب المولدات.
هذه الدولة التي لا تمتلك أقوى جيش على أراضيها، والتي ضمن حدودها المفترضة، تنتصب ميليشيا أقوى من جيشها وقواتها المسلحة، ما زالت تجبي دون قوانين، لكنها لا تدفع سوى بما يشبه القانون، هذه السلطة التي تبتز شعبها بأمنه وحياته واستقراره آن لها أن ترحل!
آن لنا كشعب لبناني أن نحاكم المجرمين الذين توالوا على حكمنا طوال عقدين ونيّف من الزمن، آن لنا تجريدهم من سلطة اغتصبوها، والقول أن الطائفية ليست أصيلة فينا، بل أنشأت إنشاءاً، بدء مع المستعمر العثماني (الفتنة الكبرى)، ولم تنته مع الطبقة الحاكمة (التابعة) اليوم مغتصبة السلطة!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكبتاغون والكوكايين: سوريا -تهدد- الخليج وأمريكا اللاتينية


.. جانتي شعبان.. لقاء حصري لا يخلو من الطرافة والمعلومات المهمة




.. روسيا تعرض غنائم الحرب الغربية من أوكرانيا تزامنا مع احتفالا


.. غزة.. هل تستطيع إسرائيل الاستمرار في الحرب دون الأسلحة الأمر




.. احتجاجات في مالمو السويدية على مشاركة إسرائيل في مسابقة (يور