الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يعيد النفط السلام الى دارفور؟

هشام القروي
كاتب وشاعر وروائي وباحث في العلوم الاجتماعية

(Hichem Karoui)

2005 / 9 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


منذ صيف عام 2004 كانت قضية دارفور, وخاصة الوضع الانساني الدقيق الناجم عن الحرب, قد اجتاحت وسائل الاعلام الغربية, بحيث غدت موضوع حملة توعية ضخمة, مترافقة مع ممارسة المزيد من الضغوط, وجمع الاموال, من اجل حصول تدخلات هدفها العون والمساعدة, كما لم يسبق وان شوهد مثلها منذ سنين, وهو ما ادهش الكثير من المراقبين للشؤون الافريقية : فلا احد ينكر مدى خطورة الوضع في دارفور. ولكن ما هو السبب في اعطاء ذلك الكم من الاهمية لهذه الازمة, في الوقت الذي تستمر فيه عملية تجاهل صراعات اخرى بنفس القدر من الخطورة, والعمل على ابقائها في الظل, بدءاً بجمهورية الكونغو الديمقراطية, ووصولاً الى ساحل العاج؟
ومنذ مدة وجيزة, تحدثت في هذا المكان عن تطورات مدهشة في العلاقات الأميركية- السودانية, حيث أصبح التنسيق والتعاون الأمني والمخابراتي ظاهرة تثير الاهتمام (انظر مقالي المنشور تحت عنوان: العلاقات السودانية-الأميركية: العالم ليس أبيض وأسود). وكان السؤال هو: ماالسبب الحقيقي؟
وها أن بعض المؤشرات بدأت توجهنا نحو الحصول على اجابة للسؤالين المطروحين أعلاه, و يمكن تلخيصها بكلمة واحدة . انها : النفط.
نعم, فعلا. بقي نفط الجنوب السوداني لا يمس على مدى عشرين عاماً, وذلك بسبب الحرب الاهلية. ثم حدث التحول في عام 1999 . فعبر انبوب نفطي بطول 1600 كيلو متر, بدأ نفط الجنوب بالوصول الى ميناء بورسودان على البحر الاحمر, لكي يصار الى تصديره من هناك, وكانت الصين هي التي سمحت لحكومة الخرطوم بالحصول اخيراً على منتج الذهب الاسود من جنوب البلاد. وذلك بعد ان افلحت بالنصف الثاني من اعوام التسعينات بالدخول الى القطاع النفطي السوداني. فمن خلال شركتها النفطية الوطنية: China National Petrolium Corporation :CNPC باتت الصين تسيطر على جزء لا بأس به من السوق السودانية. فهي المساهمة التي تمثل الاغلبية في الجمعية التي تتولى ادارة انبوب النفط, بالاضافة الى بعض الامتيازات في الجنوب, والسيطرة كذلك على مناطق امتياز اكبر رحابة.. بحيث اصبح يتوجب على كل راغب بالدخول الى سوق النفط في البلاد, الخضوع للتفحص من قبل الصينيين, وهو معطى الامر الواقع, الذي يتسبب بمزيد من الازعاج للشركات الامريكية, التي بقيت بعيدة عن الوليمة نتيجة العقوبات الاحادية الجانب التي فرضتها واشنطن على السودان قبل ما يزيد على عشرة اعوام, كرد على "الدعم المفتوح" الذي تزعم أن الخرطوم قدمته للراديكالية الاسلامية الدولية.
ولكن , بطبيعة الحال , لا يمكن لواشنطن أن تترك الصينيين "يلعبون " كما يحلو لهم , ويتحدونها, خاصة والأمر يتعلق باكتشافات نفطية جديدة.
فقد اعلنت الخرطوم عن اكتشاف النفط بالاقليم الغربي, الذي يعيش حالة من الحرب المستعرة. وقد قيل بانها على استعداد لاستخراج 500 الف برميل في اليوم الواحد. فهل سيكون ذلك بمثابة مقدمة لصراع صيني - امريكي؟ خاصة وان الشركات الامريكية تتطلع الى الحصول على نفط دارفور, بعد ان كانت قد استثنيت من الامتيازات التي منحت في الجنوب, حيث كانت من نصيب الصين الشعبية.
الذهب الاسود متوفر بكثرة, على ما يقال . وقد جاء التأكيد على ذلك من خلال اعلان وزير النفط السوداني عن بدء اعمال الحفر الهادفة الى استخراج النفط من باطن الارض في اقليم دارفور. وتشير التوقعات الى التوصل قبل نهاية العام الى استخراج 500 الف برميل يومياً. وهي كمية من شأنها ان تؤدي, وبضربة واحدة, الى مضاعفة الانتاج الحالي على المستوى الوطني, الذي يبلغ 320 الف برميل, يتم استخراجها من حقول جنوب السودان, الذي كان هو الاخر مسرحاً لحرب ضروس استطاعوا انهاءها باتفاقية السلام الموقعة في نيروبي من قبل الحكومة السودانية وجيش التحرير الشعبي السوداني في التاسع من شهر كانون ثاني الماضي.
والواقع أنه اذا كان في اكتشاف نفط دارفور ما يدفع العالم بأسره نحو الاهتمام بهذا الاقليم ومساعدته على استعادة السلام, فهذا فال خير. وأما الصراعات الاستراتيجية , فهي حقيقة دولية, ستظل مستمرة , أيا كانت الظروف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تهاجم أردوغان.. أنقرة توقف التبادلات التجارية مع تل


.. ما دلالات استمرار فصائل المقاومة باستهداف محور نتساريم في غز




.. مواجهات بين مقاومين وجيش الاحتلال عقب محاصرة قوات إسرائيلية


.. قوات الأمن الأمريكية تمنع تغطية مؤتمر صحفي لطلاب معتصمين ضد




.. شاهد| قوات الاحتلال تستهدف منزلا بصاروخ في قرية دير الغصون ش