الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دعوة شجاعة ل «حماس» لمراجعة سياساتها وميثاقها

خالد الحروب

2014 / 12 / 7
القضية الفلسطينية


في مقاربة موسعة وجريئة ومنشورة بشفافية تستحق التقدير، يطالب د. احمد يوسف، احد قادة «حماس» الذي يتحلى ببعد نظر وجرأة، الحركة بضرورة اجراء مراجعات جذرية، في ضوء ما تراكم من سياسة وأحداث في السنوات القليلة الماضية. جاءت المقاربة تحت عنوان «في افق المراجعات: استراتيجيات ما بعد الحرب على قطاع غزة: «حماس» والحاجة الى مقاربات سياسية وأيديولوجية جديدة»، وأثارت كما هو متوقع ردود افعال متعددة، بعضها مرحب وبعضها الآخر رافض.



يطرح يوسف في ورقته الكثير من التقديرات من ضمنها ان «خروج حركة حماس من الحكم، ومغادرة مواقع المسؤولية، يعطيانها إمكانية التفرغ لإجراء مرجعات في الفكر والأداء الحركي والدعوي... وأن أداء الحركة في الحكم لم يكن على المستوى المطلوب والمأمول، خصوصاً لمن نعتقد فيه أنه أمل الأمة ومستقبلها الواعد. وإن تعاملها مع الآخر لا يدل الى وجود حيوية في تفكيرها، وتجديد في وسائلها وأساليبها... وأن تعاطيها مع المتغيرات المحلية والعربية والدولية لا بدَّ من مراجعته، وأن قرار السلم والحرب لم يشارك فيه أشقاء الوطن. وأن القرارات الحركية لا تخضع أحياناً للشورى في المؤسسات الحركية! وأن الظروف المتجددة والمتغيرة التي تحياها المنطقة العربية والمحلية تتطلب من الحركة الإسلامية في فلسطين أن تراجع دائماً برامجها وخططها، وهذا يتطلب من قياداتها أن تبدأ بشكل جدي تغيير برامج الحركة، حيث إن برامجها منذ الانطلاق في كانون الاول (ديسمبر) 1987 لا يمكن أن تصلح لهذا العصر. وأن النظام الانتخابي الداخلي، وطريقة الترشح وشروطه، لا بدَّ من مراجعتها وإعادة النظر فيها».



إضافة إلى ذلك، يقدم أحمد يوسف أفكاراً اخرى من ضمنها مطالبة «حماس» بإعادة النظر في «الميثاق» الذي كُتب على عجل وفي ظروف غير ناضجة وتضمن بالتالي افكاراً سطحية بعضهما يتسم باللاسامية وصار يستخدم ليس فقط ضد «حماس» بل ضد الفلسطينيين عموماً. ومن ضمن تلك الافكار ايضاً ضرورة مراجعة الأداء الإعلامي لـ «حماس» وتخفيف النبرة الخطابية والمبالغة وسوى ذلك.



تستحق مقاربة يوسف الوقوف عندها مطولاً نظراً الى استثنائيتها وجرأتها اللافتة، وكونها تتناول بالتفصيل جوانب من المأزق الذي تعيشه «حماس» على المستويات المختلفة، وتقدم مقترحات مباشرة وجريئة للحركة برسم التفكير والمراجعة والتبني، وتؤسس لها وتناقشها بتوسع. وبتفصيل اكثر تتضمن افكار يوسف العناوين الرئيسة التالية:



اولاً، على المستوى الوطني الداخلي واستراتيجيات «حماس» العامة والعريضة، يطالب يوسف بمناقشة موقع العمل العسكري والوصول الى طرح اقتراح تجميده لفترة زمنية محددة في حدود خمس سنوات، بهدف التقاط النفس وتوفير الفرصة لإعادة بناء قطاع غزة وبناء الإجماع الوطني. وفي إطار التنافس السياسي مع حركة «فتح» والسلطة الفلسطينية ومشاريع التوافق الوطني، يقدم يوسف طرحاً مهماً يقترح فيه خوض اي انتخابات فلسطينية تشريعية مقبلة على اساس الشراكة السياسية مع القوى الاخرى وبخاصة تيار «فتح»، وليس على قاعدة التنافس والتناحر معها، لأن فوز اي حركة من الحركتين يعني العودة الى المربع الاول حيث تتخذ الحركة الاخرى موقع المعارضة والتعطيل. وهكذا، فإن خوض الحركتين الانتخابات ضمن قائمة انتخابية واحدة توافقية وليس تنافسية، وعلى برنامج واحد سوف يضيق مجالات الكيد السياسي وإفشال الطرف الآخر في حال الاستئثار بالفوز. ومن المهم الاشارة الى ان هذا الطرح قدم منذ سنوات من جانب ناصر الشاعر، نائب رئيس الوزراء في حكومة «حماس» التي تشكلت بعد انتخابات ٢٠٠٦ في الضفة الغربية وقطاع غزة. كما ان خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لـ «حماس» يتبنى هذه الفكرة الى حد بعيد.



على المستوى الوطني نفسه ايضاً، يدعو يوسف حركة «حماس» الى دعم سلام فياض كرئيس قادم في اية انتخابات رئاسية (وفي حال عدم ترشح ابو مازن)، ويعدد مزايا فياض وأهليته للرئاسة وفرص توافر إجماع وطني عليه. لكن لا يذكر ما قد يكون عليه موقف «حماس» في حال حصلت هذه الانتخابات (الامر الذي يستبعده كثيرون على اي حال) وترشح لها ابو مازن مرة اخرى. واستطراداً حول الموقف من الرئيس عباس يدعو يوسف الى دعم خطته الرامية الى الانضمام الى المنظمات الدولية وتعزيز موقفه وعدم تعطيله، ومنحه حرية التحرك وشرعيته كونه رئيس كل الشعب الفلسطيني. وإزاء النظرة إلى الآخرين وطريقة التعامل معهم في المربع الوطني، يطالب يوسف «حماس» والاسلاميين بالخروج من شرنقة الحزب الاسلامي الى فضاء العمل الجبهوي مع الاطراف الوطنية الاخرى اعتماداً على مبادئ الشراكة السياسية والتوافقات الوطنية، وعدم الالتصاق بالاجندات الحزبية الضيقة.



ثانياً، على مستوى الصراع مع اسرائيل، يعيد احمد يوسف طرح فكرة الدولة الواحدة ويرى ان اي حل مستقبلي حقيقي ودائم لن يبتعد في شكله النهائي عن هذا الحل، ويدعو «حماس»، ولو بشكل غير مباشر، الى تبني هذا الخيار. ومن المثير ايضاً ان نقرأ مقاربة يوسف لمسألة التفاوض المباشر مع اسرائيل، استتباعاً لما صدر من تصريحات سابقة على لسان موسى ابو مرزوق، نائب رئيس المكتب السياسي، ويطالب بمواصلة النقاش حولها. وهنا يقول يوسف: «إن ملف التفاوض هو باب يجب أن يبقى موارباً، لأننا سنحتاج إليه طالما بقي الوضع الفلسطيني هو حالة تحت الاحتلال، ولكن أي تحركاتٍ في هذا الاتجاه تستلزم الوضوح والصراحة والاتفاق، حتى لا يضيع الجهد وتستنزف الطاقات بمن يعمل على وضع العصي في الدواليب ومن يحاول تخليصها، في مراوحة لا طائل وراءها ولا مردود».



ثالثاً، وعلى مستوى علاقة «حماس» بالدول العربية وعلاقاتها الخارجية، يدعو يوسف وبقوة إلى العمل على اعادة العلاقات مع مصر وإيران ودول الخليج وخاصة السعودية والامارات، مع مواصلة تعزيز العلاقة مع قطر وتركيا. ويرى ان «حماس» لا تستطيع صوغ اي حراك فعال وحقيقي من دون ان تحمي ظهرها عربياً، وأن تعيد ترميم علاقتها مع اطراف عدة تعرضت للتآكل في السنوات الاخيرة. وفي ملف العلاقة المتدهورة مع مصر، يشدد يوسف على ضرورة منح امن واستقرار سيناء اولوية قصوى والانطلاق من ذلك.



رابعاً، على المستوى التنظيمي الداخلي، يطالب يوسف «حماس» بتنشيط الفعالية الداخلية وآليات الشورى والانتخابات والاستفادة من الشباب، وتوظيف طاقاتهم في البناء. كما يدعو يوسف ايضاً «حماس» الى النظر في تغيير ميثاقها الذي اصدرته عام ١٩٨٧ لأن ممارستها وسياساتها وفكرها قد تجاوزته، وبسبب استغلاله من قبل اسرائيل ولما فيه من طروحات «لا سامية» تحرف عدالة قضية فلسطين عن مسارها كونها قضية ضد احتلال واستعمار وليست موجهة الى اصحاب دين معين بسبب دينهم.



مراجعات وطموحات احمد يوسف، ونداءاته تتسع ايضاً لتشمل الخطاب الاعلامي وضرورة التزام المهنية والبعد عن الشعبوية، وإعادة صوغ العلاقة مع الغرب، والابتعاد عن كل ما له علاقة بـ «القاعدة» و «داعش» فكرياً وممارساتياً، وتفادي المبالغة في الاحتفاليات الحزبية المستفزة. ربما لن يكون من المتوقع ان تستمع «حماس» الى كل نصائح ومراجعات احمد يوسف، لكنها افكار في غاية الاهمية، وعلى العقلاء في الحركة تأملها والإنصات الى صوت العقل الذي تدعو اليه والأخذ بمعظمها ان لم يكن كلها.



تبقى الاشارة إلى ان هذه الملاحظات الموجزة حول مقاربة احمد يوسف جاءت في إطار نقاش موسع في مؤتمر عُقد في جامعة بيرزيت في الشهر الماضي حول المكانة السياسية والاستراتيجية لقطاع غزة. وتناول ذلك النقاش بعض جوانب المأزق الذي تواجهه حركة «حماس» على ثلاثة مستويات: داخلي ووطني واقليمي ـ دولي، كما تناولت ضرورة إطلاق مشروع مراجعات معمق بشأن الممارسة والفكر والسياسة التي تتبعها «حماس».








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الطاولة المستديرة | الشرق الأوسط : صراع الهيمنة والتنافس أي


.. رفح: اجتياح وشيك أم صفقة جديدة مع حماس؟ | المسائية




.. تصاعد التوتر بين الطلاب المؤيدين للفلسطينيين في الجامعات الأ


.. احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين في أمريكا تنتشر بجميع




.. انطلاق ملتقى الفجيرة الإعلامي بمشاركة أكثر من 200 عامل ومختص