الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تصبحون على أمان

سعد الشديدي

2005 / 9 / 2
حقوق الانسان


أحداث جسر الأئمة بين ألكاظمية والأعظمية يوم أمس أثبتت ان شعب العراق يعيش أقصى حالات عدم الإحساس بالأمان. رغم وجود حكومة منتخبة من قبل 60% من العراقيين ورغم مرور أكثر من سنتين على سقوط الديكتاتورية ورغم تصريحات المسؤولين – عراقيين وأمريكيين- حول تحسن الأوضاع الأمنية وإبراز أرقام مدهشة لإثبات أن الأعمال الإرهابية بدأت بالانحسار، قياساً لعام 2003 بالطيع.
لكنّ حقيقة ثابتة، لا يمكن حتى مناقشتها لأنها أصبحت الدليل الذي لا يمكن إخفاءه، ظهرت على السطح. حقيقة أن العراقي يشعر بالرعب الذي يمكن ان يجعله يفقد السيطرة على تصرفاته وأفعاله حتى في اكثر الأماكن والأوقات قداسةً.
ألكاظمية مدينة من مدن الشيعة المقدسة. يرقد في ترابها إمامان من أئمة الشيعة الإثناعشرية. ويوم أمس كان ذكرى وفاة احد هذين الإمامين. هذا يعني ان المكان والزمان مرتبطان بمستوى ما بالقداسة والروحانية في وعي المواطن العراقي الشيعيّ. ومع ذلك فقد الكثيرون من الزوار السيطرة على أنفسهم حال سماعهم بأسم الإرهابيين. وداسوا بعضهم البعض ومات المئات منهم. من المفروض ان يشعر الفرد بالأمان حين يكون في مكان يلتصق لديه بالجانب المقدس في الوعي والوجدان. أن يستشعر المناسبة وأبعادها الإيمانية ويترك الخوف وراءه. فمن كان مع الله فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون. مالذي حدث إذن وقلبَ المعادلة في الإحساس العراقيّ؟ حتى إننا أصبحنا نشعر بالخوف من كلّ شئ في كل زمان ومكان؟
لا داعي لإجراء دراسات ميدانية ولا ضرورة للرجوع الى مصادر علم الاجتماع أو علم النفس الاجتماعي، فالأسباب الأعراض واضحة. بدأت منذ اكثر من أربعين عاماً حين تسلطت عصابة من اللصوص والقتلة على مقدرات بلدنا وقتلت اللآف من شبابنا وشّرعت لأسلوب جديد في لغة التخاطب السياسي. أسلوب العنف والقرصنة السياسية. ومنذ ذلك الوقت وشلاّلات الدمّ تسيل بلا انقطاع في أكناف هذه البلاد التي أول ما أشرقت عليها شمس كانت شمس الحرف والعلم والابتكار.
ومنح سقوط الدكتاتورية قبل أكثر من عامين بعض الأمل بزوال مؤشرات زمن الرعب الذي امتدّ طويلاً ولكن سرعان ما اختفى ذلك الأمل الجميل وحلّ محله الصبر والاحتساب الجميل. وعادت الأغلبية الصامتة الى صمتها المعتاد بعد بروز عصابات المافيا والمليشيات المسلّحة وتصاعد موجة الاغتيالات والخطف وعصابات الأجرام المحترفة التي بدأت تعمل بشكل اكثر تنظيماً من ذي قبل. وتصاعدت أعمال الإرهاب التي طالت المدنيين العراقيين قبل غيرهم.
وما يعيشه المواطن العراقي في بيته من العوز والفاقة والبطالة وفقدان الأمل والكهرباء والماء الصالح للشرب يزيد الطين بلّة. فإلى اين يستدير العراقي ليشعر ببعض الراحة في أيامه الطويلة ولياليه الأطول؟ الحكومة المنتخبة تتظاهر بأنها لا ترى ولا تسمع ولكنها دائمة الكلام وكثيرة الفذلكة. وقوات الاحتلال، او سموّها ما شئتم، أحالت الملف الأمني وملف الدفاع الى الحكومة وغسلت يديها من دماء العراقيين. وزارتا الدفاع والداخلية لديها مهمات عظيمة في الحرب العالمية الثالثة لمواجهة الإرهاب الدولي. أما المواطن وأمن المواطن فإلى الجحيم.
الأكيد ان مجزرة حسر الأئمة ستترك بصماتها في الذاكرة العراقية لسنوات قادمة. وما حدث يوّجه الأضواء على حكومتنا المنتخبة. ما لها وما عليها. فإما ان تأخذ مسؤولياتها بجدية وتحمي المواطن وإلا فستكون أول حكومة في تاريخ العراق انتخبها الشعب بكامل إرادته وأزاحها بالقوة وبكامل إرادته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مع مادورو أكثر | المحكمة الدولية لحقوق الإنسان تطالب برفع ال


.. أزمات عديدة يعيشها -الداخل الإسرائيلي- قد تُجبر نتنياهو على




.. وسط الحرب.. حفل زفاف جماعي بخيام النازحين في غزة


.. مظاهرة وسط تونس تدعو لإجلاء المهاجرين من دول جنوب الصحراء




.. ميقاتي ينفي تلقي حكومته رشوة أوروبية لإبقاء اللاجئين السوريي