الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العقلانية و الدين

حميد المصباحي

2014 / 12 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


قلانية,ليست إجراءات اقتصادية أو مجرد شعارات سياسية,أو حتى منطلقات
إيديولوجية,للمزايدة على الحركات المحافظة وتأزيمها سياسيا في المواجهات
الجدالية,التي انطلقت في العالم العربي بعد تراجع الفكر الإشتراكي,الدي
ترك مكانه للحركات الأصولية,دات المنحى السلفي أو الجهادي التكفيري بل إن
العقلانية,إقرار بأن العقل هو مصدر المعرفة,سواء كانت علمية دقيقة
كالطبيعيات والفزياء والكمياء أو حتى الرياضيات,أو أنها مجمل المعارف حول
طبيعة الإنسان الجسدية والفكرية,ومعنى دلك أن الواقعين الطبيعي والإنساني
قابلان للعقلنة,بفهمهما وإدراكهما,وربما في نواحي أخرى يمكن الإستعانة
بالتجربة,واعتمادها في اختيار المفاهيم المناسبة أو التحقق العلمي مما
توصل إليه العقل,أما الإقرار الثاني في العقلانية,فهو اعتبار العقل أيضا
مصدرا لتشريع القوانين المنظمة للحياة الإجتماعية والسياسية,فمنه تستمد
آليات الحكم لتدبير شؤون الناس وتنظيم صراعاتهم السياسية كمواطنين
يختلفون عن بعضهم في تصوراتهم للحياة وكيفيات الحكم والتسيير لمجتمعهم
وحضارتهم ,وهي آليات وموضوع خلاف قابل لتطوير الفكر والممارسة
السياسية,وبه أيضا تتطور الدولة نفسها,كسلطة تحتاج لدعم نفسها خارج
خطابات المقدس الدينية أو العرقية,فالسياسة في التصور العقلاني ليست
تدبيرا لما هو غيبي أخروي,وإنما هي توجيه للدنيوي في رهاناته الآنية
والبعيدة,وهي تعترف بدور التجربة في تطوير العقل السياسي والعلمي وانفتاح
الحضارة الإنسانية عن غيرها من الحضارات حتى تلك المختلفة عنها ,وهنا
يبرز في العقلانية مبدأ أساسي وهو أن الإنسان هو مركز الوجود ومقياس لكل
القيم والحقائق,التي لايمكن إلا للإنسان إبداعها والتفكير فيها,وهنا يظهر
الإقرار الثالث للعقلانية,وهو أن العقل نفسه هو مصدر الأخلاق,وهو ما
يوجبها,بدون أي حافز جزائي,دنيوي كان أو أخروي ما دامت مستمدة من العقل
فهي مفروضة على كل الكائنات العاقلة ولأنها كدلك فهي مرغمة على اتباع ما
يشرعه العقل دون أن تفقد حقها في الإختيار الحر قبولا أو رفضا,دون أ،
تفرض عليها عقوبات ما دامت مواقفها في حدود التفكير والتعبير عن الرأي
والموقف,فالعقلانية كانت هي صوت العلم الفلسفي,أو هي تعبيره العملي في
الأخلاق والسياسة,فبعد أن اكتشفت العلوم قانون الطبيعة باعتماد العقل,كان
على الفلاسفة اكتشاف قواعد العقل الأخلاقية في العلاقات البشرية,سواء
كانت مدنية أو سياسية,وبتراجع الكنيسة عن السلطة المعرفية واحتكار
العلم,كان عليها أيضا الإبتعاد عن الأخلاق التي طالما اعتبرت نفسها وصية
عليها,ونتاجا لدلك كان على الدولة البحث عن الشرعية من داخل المجتمع وليس
من خارجه,العقلانية تحرر من كل آليات الحظر والمنع والرقابة,اعتراف
بأولوية العقل على ما دونه من مصادر المعرفة التي راكمتها الحضارات
الإنسانية في تاريخها الطويل ونضالها ضد الجهل والجهالة,وهنا الجانب
المحرج للحضارة العربية الإسلامية,التي تعتبر الوحي مصدرا للمعرفة,وإن
كانت هده المعرفة غيبية أو دينية,ينظاف إليها ما اجتهد في المسلمون من
تصورات تدافع عن الرؤيا وأحقيتها في اكتشاف المعارف الخفية التي لايستطيع
العقل التوصل,إضافة إلى الحدوس الصوفية وغيرها من وسائل الكشف التي كانت
في مجتمعات بشرية أخرى وصنفت من طرف الفكر الغربي فيما عرف بالأساطير
التكهنية بمصير العالم والإنسان فيه
كما أن الحضارة العربية الإسلامية سعت بدورها إلى الخوض في مثل هده
النقاشات,حول معرفة الله هل هي كلية أ/ جزئية,ومعنى الفعالية
البشرية,التي يمكن أن تثبت الحرية,وتعمق النقاش ممتدا في الفكر
الإسلامي,لكنه بقي رهين التأويل العقلاني للنصوص الدينية الإسلامية,ومع
الجمود الدي عرفه عالمنا العربي الإسلامي بعد نهاية القرن الثاني عشر
الميلادي,عاشت حضارتنا نكسة فكرية توجت بسيطرة الفكر الغيبي,وهيمنة آليات
التفكير الفقهي,الدي حنط النصوص الدينية واحتكر التأويل النصي من خلال
تقعيد اللغة العربية ونحونتها بما يخدم العقل القياسي المنغلق,والرافض
لأي اجتهاد خارج السند التفسيري وقف أسباب النزول والغايات السامية
للعقيدة وما تلا هده التحديدات من حقظ للموروث وتداول جامد له لحمايته من
إعادة القراءة والمساءلة والفحص العقلي لمحتوياته وأبعاده الفكرية
والروحية والقيمية,ولازالت هده التوقفات قائمة لحدود اليوم,وزادها رسوخا
عزوف الكثير من المثقفين العرب عن الخوض في طابوهات الفكر
الإسلامي,وصمتهم أيضا عن لوازم العقلانية الغربية,خصوصا المحرج منها
لبنية الحضارة العربية الإسلامية في بعدها الديني والسياسي,مما ولد فكرة
التعامل الإنتثائي مع العقلانية الأروبية,لأعادة التجربة التي عاشها
القدامى,والمثمثلة في التوفيق بين التراث اليوناني العقلاني والفكر
الفقهي المحتكر لتأويل الإسلام وفق رؤيته التي أعاقت التفاعل الثقافي بين
الحضارات,وهو ما يمارسه بعض المثقفين العرب حاليا,من خلال محاولاتهم
أسلمة الإنجازات العقلانية للغرب الأروبي,لتصير مقبولة حضاريا على حساب
العقل,دي البعد الكوني في بعض محتوياته وقيمه,القابلة طبعا للتطوير وليس
التطويع القسري كما يحدث عندنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - العقلنة ضد الاديان
عبدالرحمان بن ملجم ( 2014 / 12 / 8 - 13:48 )
الاديان تناقض اساسي للعقلانية . الفرق ان الدين يحيل الى نصوص لا يأتيها الخطأ من ديث اتى ، ومعصومة عن النقد بدعوى ان مصدرها غير انسان ، في حين ان العقلانية هي استعمال التحليل العلمي لكشف المستور . لذا لم يتردد ماركس في مقولته الشهيرة الدين هو افيون الشعوب ، لانه يكلخها اي يجمدها . الاديان تحيل الى الجمود لانها لا تتغير بل انها ضد التغيير ، في ان العقل متجدد على مدار كل دقيقة وثانية . هنا سبب تقدم الغرب وهنا سبب تخلف الشرق والغرب العربي الاسىلامي


2 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 12 / 8 - 15:42 )
فائدة ثقافية :
برنامج (وهم الإلحاد - د. هيثم طلعت) :
• نشأة الإلحاد و رد شبهة وجود ملحدين قبل القرن الثامن عشر :
http://www.youtube.com/watch?v=2NXO2iL2vYQ
• كيف ينظر الغرب إلى الملحد؟ :
http://www.youtube.com/watch?v=kbTiGIMgozs
• دراسة الملف الإ-;-لحادي :
http://www.youtube.com/watch?v=2bDpHlgeG9o
• كيف نشأ الدين؟ :
http://www.youtube.com/watch?v=OWcqKFQ5-5o
• لماذا يوجد شر في هذا العالم؟! :
http://www.youtube.com/watch?v=Mqu8qRemUJQ
• عقيدة الملحد :
http://www.youtube.com/watch?v=GEmextV5Psc
• الوعي :
http://www.youtube.com/watch?v=3UMBFkJnR2k
• من أين جاء هذا العالم؟ :
http://www.youtube.com/watch?v=OmBQLNL4phE&feature=youtu.be
• المعايرة الدقيقة للكون دليل على وجود الخالق :
https://www.youtube.com/watch?v=KmvgBy3lmFY

اخر الافلام

.. هل وقعت جرائم تطهير عرقي في السودان؟ | المسائية


.. اكلات صحية ولذيذة باللحمة مع الشيف عمر ????




.. عواصف وفيضانات في العالم العربي.. ظواهر عرضية؟


.. السنغال: 11 مصابا في حادث خروج طائرة من طراز بوينغ عن المدرج




.. الجامعات الإسبانية تعرب عن استعدادها لتعليق تعاونها مع إسرائ