الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فضل الحضارة السريانية على العرب-1-

سلطان الرفاعي

2005 / 9 / 2
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


---توفرت في الدولة الأموية العوامل التي تساعد على قيام مراكز ثقافية تعنى بالنشاط العقلي، وتمثلت هذه المراكز بصورة واضحة في كل من البصرة والكوفة .
حقيقة ان عمر بن الخطاب كان قد أشار ببنائهما ليكونا ثكنات لجند المسلمين الا انهما سرعان ما أصبحتا من أهم مراكز الثقافة عامة وما يمس الجوانب اللغوية منها خاصة. (جاء في مختصر تاريخ الدول لاين العبري =أن عمر بن الخطاب أمر أبا موسى الأشعري فبنى مدينة البصرة =ص174.).
يقول بارتولد(( صارت الكوفة والبصرة مركزين نشيطين للحياة العلمية ، ولم يكن في القرن الأول الهجري =السابع الميلادي= مدينة تستطيع منافستهما ، ففيهما وضعت علوم العقائد والفقه من قبل الأعاجم -غير العرب- الذين أسلموا وتلاميذهم ،ثم نشأت في كلتا المدينتين مدرسة للنحويين واللغويين ، فكانت مجادلات ومناقشات بين البصريين والكوفيين)) تاريخ الحضارة الاسلامية ترجمة حمزة طاهر ص71.
ويقول دي بور (( ان المقر الأكبر للثقافة العقلية كان في البصرة والكوفة حيث التقى عرب وفرس، ونصارى ومسلمون، ويهود ومجوس، وهنا حيث ازدهرت التجارة والصناعة ،يجب أن نلتمس بواكير العقل الدنيوي ، تلك البواكير التي نشأت من مؤثرات سريانية مصطبغة بالفلسفة اليونانية في دورها الشرقي)) تاريخ الفلسفة الاسلامية ص7

ويشير المستشرق جب الى الأثر السرياني في بيئة البصرة بقوله((ولما كانت مدينة البصرة في واقع الأمر هي المركز الرئيسي لدراسات الأدب العربي في مبدأ الأمر ، فهذا يشير الى أن أحد العوامل اتي عملت على تشجيع تلك الدراسات كانت أكاديمية جنديسابور ، ومع أن تلك الأكاديمية وجدت في الأراضي الفارسية ، فلم تكن الا مركزا للدراسات الآرامية ، وكان أغلبية قوادها من العلماء من النسطوريين))ه.أ. ر خواطر في الأدب العربي ص120


ويذهب الأستاذ حامد عبد القادر الى أن الثقافة السريانية قد وفدت الى الكوفة والبصرة من الحيرة ، لا من جنديسابور ، فيقول((وقد استقى الحيريون معارفهم اليونانية من اللغة السريانية ، وحلت الكوفة والبصرة في العصر الاسلامي محل الحيرة))الاسلام ظهوره وانتشاره.
ولقد توفرت عدة أسباب ضاعفت من الاهتمام بالدراسات اللغوية في كل من البصرة والكوفة ، من ذلك((ما وجد من الهوة الواسعة التي كانت تزداد اتساعا يوما بعد يوم، فتفصل بين لغة القرآن ، ولغة الكلام اليومية التي كانت تخالطها السريانية والفارسية وغيرها من اللغات واللهجات))فيليب حتي : تاريخ العربج1 ص201

يقول أحمد أمين (( كان طبيعيا أن ينشأ علم النحو في العراق---لأن الآداب السريانية كانت في العراق قبل الاسلام ، وكان لها قواعد نحوية ، فكان من السهل أن توضع قواعد عربية على نمط القواعد السريانية خصوصا واللغتان من أصل سامي واحد ، لهذا كان السابقون الى وضع النحو هم البصريين أولا ثم الكوفيين))أحمد أمين فجر الاسلام ص120

ويلاحظ أنه في المصاحف القديمة من الجيل الثاني للهجرة تدل النقطة من فوق الحرف على الفتح ، ومن تحته على الكسر ، وفي وسطه على الضم، ثم صارت هيئة الحركات على ما هي عليه الآن))غريغوريوس يعقوب حلياني -اللغة العظيمة-الحركات السريانية-ص345

وتبدو ملامح التأثير السرياني بشكل واضح في دراسات اللغويين ، فالخوارزمي في مفاتيح العلوم يعقد فصلا ((في وجوه الاعراب على مذهب السريان )) يقول فيه(( الرفع عند أصحاب المنطق واو ناقصة ، وكذلك الضم --، والكسر واخوته عندهم ياء ناقصة، والفتح واخوته عندهم الف ناقصة)).
واذا كان المسلمون قد تأثروا بالسريان فيما اتخذوه لضبط لغتهم واعرابها، فان السريان كانوا وراء المنهج الذي اتخذه النحاة لكتبهم، ذلك انهم كانوا يشتغلون بالفلسفة والعلوم اليونانية في مدرسة جنديسابور ، ولثقد أدى ذلك الى أن أصبحت المعارف اليونانية منتشرة بين الفرس شائعة فيهم، وابن خلدون في مقدمته يذكر أن أصحاب صناعة النحو ((كسيبويه والفارسي من بعده ، والزجاج من بعدهما ، كلهم عجم في أنسابهم ، وانما ربوا في اللسان العربي ، فاكتسبوه بالمربى ، ومخالطة العرب، وصيروه قوانينوفتا))ابن خلدون : المقدمة ص 544

لذلك ليس غريبا أن تراهم عند وضعهم كتبهم المشهورة يسلكون مسلكا فلسفيا يتعلق بالمنطق ، ومن ذلك أن أرسطوطاليس قال ان الزمان والمكان هما كالوعاء للأشياء ، اذ لا بد لكل شيء مخلوق أن يكون واقعا في زمان من الأزمنة ، وفي مكان من الأمكنة، فهما كالوعاء، وهذا أصل تسمية النحويين للمفعول فيه ظرفا ، أي وعاء ، ومن مذهب أرسطاطاليس في المنطق تقسيم الكلام لى اسم وفعل وحرف، وتعريف الكلام عند نحاة اليونان هو تركيب كلمات تفيد معنى تاما، وهذا يماثل تعريف الكلام عند نحاة العرب، اذ الكلام عندهم لفظ مركب مفيد، والصرف عند اليونان هو تحويل آخر الكلمة الى آخر ، ويضاهيه تعريف الاعراب عند نحاة العرب --، ويقال للصرف عند اليونان =كلسيس= ومعناه امالة الشيء أي صرفه.
--------
وهكذا استجلبت البيئات العلمية علوما كانت حتى ذلك الحين تكاد تكون غريبة على العقلية العربية مما دفع الى تسميتها بالعلوم الدخيلة. ولقد كان السريان القنطرة التي عبرت هذه العلوم عليها لتصل الى العرب.
يقول غوستاف جروتينباوم ((وكانت العلاقات بين المسلمين والسريان في بواكير صدر الاسلام مرضية مقبولة)).
ويقول بارتولد(( وكان النصارى أحسن حالا تحت حكم المسلمين في الأزمنة الأولى لحاجة الفاتحين الى هذا العنصر السرياني المتفوق على العرب حضارة))تاريخ الحضارة الاسلامية -ترجمة طاهر حمزة ص51
ونقرأ في دائرة المعارف الاسلامية المجلد الثاني ص671 ما يلي((لقد انتفع معاوية في ادارة البلاد الداخلية بخبرة السريان أكثر مما انتفع اسلافه ، وكان قد اتصل بالمسيحيين اتصالا وثيقا أيام ولايته على الشام في عهد عمر وعثمان وعرف مبلغ علمهم ومقدرتهم العلمية))
ويقول أوليري : (( وقد ظلت الكتابة في السنوات العشرين الأولى أو ما يزيد عنها باللغة الاغريقية والسريانية ، وكان الموظفون المدنيون جميعا من السريان على وجه التقريب))








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رابعة الزيات تثير الجدل برا?يها الصريح حول الحرية الشخصية لل


.. مقتل هاشم صفي الدين.. هل يعجز حزب الله عن تأمين قياداته؟




.. قراءة عسكرية.. كيف يدير حزب الله معركته بعد سلسلة الاغتيالات


.. نشرة إيجاز - مصدر أمني للجزيرة: فقدان الاتصال بصفي الدين




.. صفارات الإنذار تدوي في حيفا مع إطلاق صواريخ من لبنان