الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المجتمع المدني و مازق الانتقال الديمقراطي

جلال الفرتي

2014 / 12 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


غياب المجتنع المدني و مأزق الانتقال الديمقراطي

خلال عقد الثمانينات من القرن الماضي عاد مفهوم المجتمع المدني ليبرز بقوة مشكلا مجالا خصبا للعديد من الدراسات و الابحاث التي يغلب عليها الطابع النظري التجريدي للمفهوم اكثر من ارتباطه بابحاث ميدانية ؛ كما برز بالموازاة مع ذلك اهتمام بمفاهيم جديدة كالديمقراطية و التعددية و حقوق الانسان ... هذه المفاهيم التي اصبحت انذاك موضة ثقافية و سياسية يحاول الكل التغني بها سواء الدولة او الجماعات الرافضة لها ؛ الامر الذي مان يطرح التساؤل عن القيمة التاريخية و العلمية لتلك المفاهيم ولذلك النقاش الاكاديمي في غياب ثقافة سياسية تحدد العلاقة التنازعية بين الدولة و المجتمع .
ولعل ذلك الاهتمام بقضايا المجتمع المدني قاد الى توجيه الخطاب حول ضرورة الديمقراطية ؛ حول مصيرها وحول الفئات الاجتماعية التي من المفروض ان تحتل صدارة الاهتمام في اطار مجتمع عربي كانت فيه الديمقراطية وما زالت تمارس بالوصاية من قبل النخب ؛ كما ان مسالة المجتمع المدني طرحت وبصفة تلقائية علاقة هذا الاخير بالتحولات الاجتماعية و بالتغيير الاجتماعي .
لقد كان الخروج الجماهيري او مايصطلح عليه جدلا بالربيع العربي المحك الاساسي لمدى وجود مجتمع مدني عربي قادر على الوقوف في وجه السلطة الحاكمة.
ان القول بوجود مجتمع مدني يقتضي اولا تحديد طبيعة ونوعية العلاقة بينه وبين السلطة ؛ ليس من منطق التشريع لاقامة مؤسسات صورية تصنف ضمن مواقع المجتمع المدني (احزاب ؛ نقابات ؛ جمعيات ...) ولكن باعطاء مضمون حضاري و عقلاني لهذه المؤسسات ؛ كما ان مشروعية التساؤل عن مجتمع مدني من عدمه يقتضي التساؤل عنا اذا كان المجال الاجتماعي و السياسي يسمح ولو جزئيا بالتخلي عن تلك العلاقات الزبونية و الباتريمونيالية التي تتحكم في سيرورته و تعطيه احدى تمظهراته و تجلياته ؛ و كذا مدى قدرة الاحزاب و الجمعيات نقل فضائها المدني المزعوم الى حيز المجتمع الاهلي .
ان مختلف الثيارات السياسية التي حاولت الالتفاف على ارث الربيع العربي لم تكن في الواقع لتشكل مجتمعا مدنيا مستقلا عن الدولة ؛ هذه الاخيرة الاي كان حضورها قويا و فعالا لدى مختلف التنظيمات الموازية للدولة ؛ ولعل هذا الالحاق القسري للدولة و مراقبتها للمجال الاجتماعي لم يساهم الا في بروز مجتمع كدني صوري تابع للدولة ؛ كما انه قاد الى بروز جماعات اسلامية رافضة لكل ارث الدولة الحديثة من مؤسسات و اجهزة .
صحيح ان تسلط الدولة العربية قاد الى اغتراب فئات واسعة من المجتمع و الى بروز نزعات استئصالية لدى ثيارات سياسية و دينية ؛ ولكن مفهوم المجتمع المدني في الادبيات السياسية لم يقترت بترشيد السلطة و عقلنتها ؛ بل بالوقوف ضد الدولة ؛ و ليس السلطة .
ولعل هذا المنظور الذي يحاول يجعل من المجتمع المدني اطارا للوقوف ضد الدولة ، قاد الى نوع من القصور في فهم و ادراك طبيعة المجتمع المدني ؛ فهذا الاخير لا يحيل بالضرورة الى الثورة ضد الدولة كمؤسسات ؛ بل الوقوف ضد تجاوزات السلطة السياسية و ايجاد قنواة و أليات للحوار من اجل تجاوز منطق السلطة في تدبير الشان العام ؛ وفي غياب مجتمع مدني قوي مستقل عن اجهزة الدولة ؛فان هذه الاخيرة تصبح بالضرورة تسلطية و استبدادية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا تعلن أسقاط 4 صواريخ -أتاكمس- فوق أراضي القرم


.. تجاذبات سياسية في إسرائيل حول الموقف من صفقة التهدئة واجتياح




.. مصادر دبلوماسية تكشف التوصيات الختامية لقمة دول منظمة التعاو


.. قائد سابق للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية: النصر في إعادة ا




.. مصطفى البرغوثي: أمريكا تعلم أن إسرائيل فشلت في تحقيق أهدف حر