الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن اقليم البصرة

علي الحسيني

2014 / 12 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


مطلب اقليم البصرة، الذي نودي به قبل تتويج فيصل الأول ملكا على العراق وبعده حتى منتصف العشرينيات، والذي عاد للظهور بقوة في السنوات الأولى التي تلت العام 2003، واجهض لأسباب كثيرة، ليعود الآن مرة أخرى، وسيعود دائما حتى لو قيض للدعوة الحالية الفشل، لأن المطالب المتعلقة بالإدارة الذاتية، والانصاف والعدالة، وبالشراكة وسواها، حتى لو اتسمت بعدم النضوج، او باستغلالها او استعمالها من قبل جهات لمصالح خاصة، لايمكن استئصالها، او كبحها الى الابد، ستعود يوما ما الى الظهور، من دون استئذان أحد، وستجد دائما مبررا لعودتها. لذا من الحكمة السياسية، ان يعطى اصحابها حرية الدعوة لها، ومناقشتها بعيدا عن حفلات التخوين.
رغم أني لا أميل الى طرح مطلب الاقليم الآن، قبل تعديل الدستور وايجاد مصفوفة من التشريعات العصرية والمدنية، وامور اخرى، لكن المواضيع الجدلية لا تنتظر وقتا ملائما، هي التي تختار وقتها بعيدا عنا.
لننظر الى التاريخ السياسي كله، لن نجد استقلالا او انفصالا او اتحادا او تغييرا في الانظمة او غير ذلك، حصل في اوقات حددها العقلاء والحكماء من الطرفين، بل اضطروا اليها، وجروا اليها جرا.
من هنا، وحتى لا نجر اليه جرا، أرى انه على الطرفين المتصدرين للدفاع عن الاقليم او معارضته، الركون الى العقل والحكمة والمصلحة، بعيدا عن مفردات جرى تلقيننا بها منذ عشرات السنين.
التخوين والتجهيل وبز المطالبين به او معارضته، اسلوب غير مهذب ولا ينسجم مع فن السياسة وقواعد الحوار وتقاليد النقاش.
على الطرفين، اعتماد لغة نظيفة، والتفكير في كيف يمكن مناقشته باستفاضة من قبل العقلاء، ساسة ومثقفين ونشطاء ومواطنين عاديين، واشباعه بحثا ودراسة وتقليبا، واشراك الرأي العام في نقاش حر.
المهم في مطلب الاقليم، مناقشته في فضاء مفتوح بلا محرمات مسبقة، للتوصل الى صيغة عصرية في الادارة تحفظ للبصرة مكانتها وحقوقها وتسمح لها بان تلعب دورا فاعلا ومؤثرا ليس في العراق وحده بل في المنطقة كلها.
وعلى بغداد التعامل دستوريا وقانونيا مع المطالب، ولنترك للبصريين قرارهم، وخيارهم، وليتحملوا اعباءه وتبعاته.
نعم لن تكسب البصرة من الاقليم على المدى المنظور شيئا مهما، لكنها لن تفقد شيئا عظيما اذا اصبحت اقليما!؟
فمالذي جنته البصرة من حكومة بغداد؛ في الثمانينيات حرب لوثت الماء وأحرقت النخل وشردت البصريين وألبستهم السواد وأورثتهم الغم والهم.
في التسعينيات، حرب خربت علاقات اجتماعية وأسرية مع الكويت عمرها أقدم من عمر العراق الحديث.
بعد 2003 تجاهلت بغداد ما فعله المتطرفون الاسلاميون بالمدينة وأهلها، ولم تحرك ساكنا، إلا حينما شعرت بخطورة نضوب خزانتها، بعد ان اصبح النفط يدار من قبل مليشيات واحزاب وحركات، وهنا جاءت صولة المالكي لا لتحرر البصريين من ظلم المتطرفين، بل لتستعيد السيطرة على النفط، وبقي الاسلاميون ينشرون رعبهم دون رادع.
انتزعوا من المدينة روحها المرحة، فضاؤها الرحب، تنوعها النابض بالحياة، اغلقت الملاهي والبارات، واستبدلت التسجيلات اغانيها بالمراثي والموشحات، واجبرت النساء على التحجب، ووووو.. كل هذا حصل تحت سلطة حكومة بغداد.
كما ان البصريين ما زالوا يشربون الماء المالح وما زال شط العرب اكبر ساقية لمجاري العراق كله، وما زال النفط يلوث ارضها وسماءها ويقتل بساتينها ومزارعها، وما زالت مديرية المجاري غير قادرة على تعيين "فراش" من دون موافقة بغداد!

للمعترضين
هل تخشون سيطرة الاسلاميين على البصرة؟ هم موجودون فيها منذ 2003.
هل تخافون عدم التوزيع العادل للثروة النفطية؟ البصريون ينتجون النفط منذ اكتشافه ولم يجنوا سوى الدخان وبقع الزيت والسموم.
هل تخشون تعاظم الدور الايراني؟ تأكدوا ان نفوذ طهران في بغداد اكثر منه في البصرة. والبصريون معروفون بعنادهم عند الايرانيين، وهم من حطم حلم النظام الايراني في احتلال العراق اثناء حرب الثمانينيات.
عليكم اذن المساهمة الفاعلة في حوار مفتوح، للتوصل مع الداعين له الى صيغة حديثة لادارة شؤون اجزاء العراق كلها، على نحو يضمن لجميع الاجزاء مشاركة حقيقية في ادارة البلاد وتحقيق عدالة اجتماعية واقتصادية وسياسية وقضائية وتعليمية للمحافظات.

للمؤيدين
تجنبوا الخطاب الاقصائي، الذي يتهم البصريين المعارضين للاقليم، بانهم ليسوا من اهلها، لا تستهزئوا بارائهم، ان كنتم تريدون منتصرين لحقكم، عليكم الاصغاء للجميع.
لا تجعلوا الثروة النفطية في صدارة مطلبكم، النفط سينضب قريبا، وثروات البصرة عظيمة، ركزوا على التوزيع العادل للثروة بينكم وبين العراقيين كافة.
البصرة ليست نفطا، والشرق والغرب عرفاها بأثارها في الحكمة والعلوم والادب والمعرفة والتصوف، بروعة مذاق تمرها وجمال انهرها، وبساطة وطيبة اهلها.
اتركوا علم الاقليم والنقاش حوله. هذه ليست مسؤوليتكم الآن، ناقشوا منافع الاقليم وتحدياته، فكروا باستشارة خبراء اداريين، اقتصاديين وقانونيين، محليين واجانب من بلدان فدرالية، ابحثوا في نمط علاقتكم المستقبيلة مع الحكومة الاتحادية، علاقة البصرة مع جيرانها من المحافظات، شكل علاقتها مع الجوار العربي والفارسي، وصلتها بالعالم الخارجي.

البصرة احد العراقَين، والبصريون "نصف" العراق، فلن يفرطوا بنصفهم، لكن على بغداد الاصغاء والدخول في تفاوض عميق حول الاقليم، لا تجاهله او تسخيفه كما جرى التعامل معه منذ عشرينيات القرن الماضي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 9 شهداء بينهم 4 أطفال في قصف إسرائيلي على منزل في حي التنور


.. الدفاع المدني اللبناني: استشهاد 4 وإصابة 2 في غارة إسرائيلية




.. عائلات المحتجزين في الشوارع تمنع الوزراء من الوصول إلى اجتما


.. مدير المخابرات الأمريكية يتوجه إلى الدوحة وهنية يؤكد حرص الم




.. ليفربول يستعيد انتصاراته بفوز عريض على توتنهام