الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مارثون .... الاربعينية

محمد علي مزهر شعبان

2014 / 12 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


مارثون الاربعينية
محمد علي مزهر شعبان

حين تقف امام هذا الحشد الرهيب ، تتسائل عن التفسير الدقيق والمغزى الذي يحتشد في رؤوس وصدور هذه الملايين . كنا في صبانا وشبابنا ، ممن سار الى حيث كانت المسارات في اضيقها وسعة ، واشدها مضايقه ، متاعها بصلة وقرص خبز اسمر و" دبة من البلاستك " فيها ماء . نسير على تلك الرمال يستقبلنا خان قديم عبارة عن خرابة يرجع عهده الى بدايات العهد العثماني فيه قبب مكشوفة تسكنها عقارب وافاعي ويقوم فيها بعض خدام الحسين ع ببعض الولائم الفقيره . انها المحطة الاولى لمن اراد ان يستريح مع من اتخذت قماقمها وجحورها ، وهم السكنة الاصليون لهذا الخان . ثم يستقبلك بعد ذلك وحوالي اكثر من عشرين كليو متر خان " النص " فيه بعض من سكن من البشر ممن وطنوا كمزارعين . ثم يمضي المسير الى خان ثالث هو النخيلة ولم يكن باحس حال ممن سبقه . النجف وممن اتى من المحافظات تهب برمتها نحو ذلك المسجى في كربلاء . تمضي المسيرة ، ويحكم البعثيون الخناق على السائرين ، وتصدر اوامر المنع المنذر بالقتل لكل من يمضي بهذا الاتجاه . واذ يصدر حكم الموت على السائرين ، وكأن الناس في موعد مع ما يقربهم الى مبتغاهم وكأن الجنة تدنو لتحتضنهم ، وأضحى التحدي مع الردى هي امنية ورغبة السائرين . الماضي في ذاكرتهم يوم اصدر " المتوكل العباسي" فرمان قتل واحد من اربعة ، وقطع ارجل كل من يتوجه الى كربلاء ، فبدلا من ان يدخل الوجل والرعب قلوب الناس استأنست وتدرعت للقاء حبيبها في ارض حرثوها ثم زرعوها كي يمحو اثر شهيدها ،و لكن هيهات ان يمحو الذكر والاثر ممن سمي " محيي السنة" تزاحم ممن كانوا يسيرون بالمئات الى عشرات الالوف ، يتدافعون ليكونوا قرابين فداء لسيد الشهداء . تواصل صدام مع جده المتوكل ، وحصدت واعدمت الاجساد ولكنها لم تمتنع عن المفاد . انه طريق الموت لمريديه . مسيرة تتواصل ، والالاف تتكاثر لتضحى ملاينا والملايين تسجل ارقاما .
اليوم الطريق سالكه تتحد الارض التي تضم الجوامع والحسينيات من النجف لكربلاء ممن اوت النازحين ملاذا ، في ابهى بناء وارقى مقام واوسع مائدة تقدم بأشهى ما يفتقد المرء في حياته المعيشية اليومية مائدة ممدودة غير محدودة ، من البصرة الفيحاء وحتى كربلاء ، ومن كركوك مرورا بمدينة البرتقال والقتال الى بغداد وهي تحتضن السائرين باتجاه ذلك المرقد المجد . خيام وسرادق تتوسل السائر ان يتفضل عليها بما يشتهي ويتواصل المسير . يدفعك ويحدوك سؤالا يحتاج الى تفسير ، كتلة تغطي ارجاء العراق من البشر ، انه ليوم محشر من الصين، من دول تجاور سيبريا ، من الخليج . تتوه عدادات الرحلات الجويه ممن قدموا ، على ظهور الطائرات. بشر تتدافع على الحدود ولا عجلات تنقلهم فانتخوا بسيقانهم لتنقلهم من الحدود الى حيث ما عقدت النية والهبتها عزيمة القلوب واسسها رأس فكُر انه في اللحظة الراهنة لتحقيق الامنية في الوصول . يخجل " غينس وكتابه ومعجزات ارقامه ، وتأخذ على حياء العواهر، الفضائيات الحاقده ان تنقل هكذا طقس وشعيرة حتى في الصين لم تحدث في موكب ، ماو تسي تونغ " من شنغهاي الى بكين .
هل هو تحد للظلم والظالمين والطغاة ؟ هل هي مسيرة نصرة الحق ضد الباطل والعتاة ؟ هل هي احياء لدرب الحرية والاصلاح ؟ انها مسيرة سلمية واشرف ما يؤسس للحرية ان يكون صدرك درعا لرصاص القتله ومفخخات السفله . غاندي يحرر ثاني اكبر مجموعة بشرية في العالم ، تحت لافتة ( تعلمت من الحسين ان اكون مظلوما كي انتصر ) مظلوما قصاد ظالم وليس في المواقف التي تتحدى الظلم ، والنتيجة ينتصر دم الذبيح على سيف الجلاد . قد يشكك بعض المتفلسفين اللذين تثير انتباههم بعض الطقوس الداعرة في مغزاها والتي يحضر لها كل اللوازم على المستوى الشعبي والحكومي وتتزاحم الكامرات لنقلها ..
لاضير العالم وشعوبه مليء بالطقوس والمهرجانات والرقص من " سان باولو وازمة القماش على اجساد راقصيها الى اعياد الهيلوين وما يكلف محييها من تماثيل واشكال واصناف في نيويورك "
السؤال هل هذه المسيرة فيها ما يثير الانتقاص من شعائرها وحركتها ؟ نعم تحتاج بعض التنظيم من قبل الحكومة والسائرين . فمثلا بدلا من أن تقطع الشوارع في بغداد تقوم ناقلات حكومية وأهلية بنقل الزائرين الى حدود بغداد ، لتكون الامور من السهولة ان تمضي الدوائر بشكل طبيعي . ان تقوم الحكومة بفتح شارع وجسور او معابر لطريق الزوار وتقوم بحمايته بدلا من استنفار عبثي للقوات . ماذا بعد ذلك ما يثير المتشككين في هذه المظاهرة المليونية لنصرة الاحرار . نعم لتكن مرة واحده في السنة حتى تتدارك الحكومة كل امكاناتها في خدمته والحفاظ عليه .
دون شك نفتخر بهذا النوع من احياء الشعائر ولا نفتخر اطلاقا بشج الرؤوس وتمزيق الظهور وما استحدث من اساليب هي ليست الا ارادة منتجيها ولا تصب في ما يحيي الشعائر بهذا النبل العظيم مثل مارثون الاربعينية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كأس أمم أوروبا 2024: إيطاليا تخسر اللقب ومواجهة نارية بين أل


.. فرنسا.. قد تدخل حالة من الشلل السياسي بعد نتائج الانتخابات




.. إعلام أم بروباغندا.. ما الذي يقدمه أفيخاي أدرعي؟ |#السؤال_ال


.. التصعيد في غزة.. مستقبل مابعد الحرب | التفاصيل مع سلمان أبو




.. مواجهات متصاعدة في غزة.. 20 صاروخاً باتجاه إسرائيل ومعارك عن