الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأحزاب السياسية والربط بين الجماهير الشعبية ومراكز القرار السياسي

سامر أبوالقاسم

2014 / 12 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


الممارسات السياسية المتراكمة، والتصرفات الانتخابية المُحَصَّلَة، والسلوكات التأطيرية والتوجيهية الناتجة، أغلبها اليوم يصب في اتجاه بلورة منظومة قيمية ومبدئية سلبية، مبنية على الغش كمبدأ موجه لكل العلاقات والتفاعلات والتدخلات من جهة، ومرتكزة على الاستقواء كمنطق مؤطر للتنافس السياسي من جهة أخرى.

وهو ما يقوي شروط بروز المزيد من الظواهر المشينة، التي تُلْحَق بالفعل السياسي مرحلة بعد أخرى، ويُنذِر بتقهقر كبير على مستوى أداء الفاعلات والفاعلين السياسيين، ويعمل على تعزيز شروط التيئيس لدى المواطنات والمواطنين من الأفراد والتنظيمات العاملة في المجال السياسي، ويساهم بشكل كبير في إفساد النظرة إلى السياسة والمحطات السياسية، ويفشل كل جهود التنشئة السياسية، ويشارك في إضعاف مؤسسات الدولة وإطارات المجتمع المدني وعزلها عن المجتمع بكل علاقاته وتفاعلاته.

علما بأننا لا نعدم وجود أحزاب، التي من المفروض أن يتمثل دورها بالتحديد في تنظيم وتأطير وتمثيل المواطنات والمواطنين. لأن الحزب السياسي ببساطة هو ذلك التنظيم الذي يسعى إلى بلوغ السلطة السياسية عبر كل المؤسسات المنتخبة محليا وإقليميا وجهويا ووطنيا. وهو نفسه التنظيم الذي لا يصل إلى تحقيق هذا الرهان إلا عبر المشاركة في الحملات الانتخابية.

غير أن السؤال المطروح اليوم هو: هل تمارس الأحزاب السياسية الديمقراطية داخلها خلال عمليات تجديد هياكلها التنظيمية؟ انطلاقا من المجالس والأمانات المحلية مرورا بالمجالس الوطنية والأمانات الوطنية، وصولا إلى ترشيح أعضائها لمختلف المسؤوليات داخل المؤسسات المنتخبة محليا وإقليميا وجهويا والمؤسسات الوطنية ومختلف مواقع المسؤولية؟

فإذا كانت هذه الأحزاب بعيدة كل البعد عن منحى اعتماد الديمقراطية في كل علاقاتها وتفاعلاتها الداخلية، وإذا كانت هذه الأحزاب على مسافة كبيرة من الحنكة والتجربة على مستوى تدبير الاختلاف داخلها، وإذا كانت هذه الأحزاب تلجأ إلى أسهل الخيارات الكامنة في اعتماد أسلوب الإقصاء والتهميش في تدبير وتسيير أمورها، هل يمكننا أن نتوقع دورا رياديا لهذه الأحزاب على مستوى تأطير وتوجيه المواطنات والمواطنين في المحطات الانتخابية؟ وهل يُتَوَخَّى منها أن تلعب أدوارا طلائعية على مستوى التنشئة السياسية؟

إذا كانت الأحزاب السياسية هي تلك التي تتبنى تصورا معينا لعملها السياسي، ولها أطروحة سياسية تتفرع عنها موضوعات أساسية فيما يتعلق بتسيير وتدبير الشأن العام، ولها جهازا مفاهيميا يمايز بينها وبين التصورات المغايرة، ولها منطق في إقامة علاقات تنسيقية وتحالفية مع الأقرب إليها في كل لحظة من اللحظات السياسية. فإن ما يتبين اليوم؛ لدينا أحزاب سياسية قائمة على تجميع وتركيز العديد من المصالح المتباينة، ذات الاستراتيجيات الفردية أو الفئوية الضيقة، حيث يصعب على الفكر السياسي اليوم تصنيف مثل هذه الممارسات السياسية غير المبالية بالبرنامج السياسي وطرق وكيفيات ووسائل تصريفه.

كنا فيما مضى ننتقد الأحزاب السياسية من زاوية كونها تشكل أدوات للترويج والدعاية للأنظمة الفاسدة والمستبدة، ومدها ببعض شروط إضفاء الشرعية الشكلية التي تُعْتَمَدُ كورقة للترويج الخارجي وفي حظيرة المنتظم الدولي، أما اليوم فنجد أنفسنا أمام أحزاب مشلولة وغير قادرة على لعب حتى مثل هذه الأدوار المشينة سياسيا وتاريخيا، فما بالنا إذا ما استحضرنا دور الأحزاب السياسية المتمثل في المساهمة في التغيير والتطور الإيجابي على مستوى العيش الكريم للمواطنات والمواطنين، وعلى مستوى العيش المشترك بين مختلف الفئات والشرائح والمكونات والمشارب المختلفة داخل المجتمع الواحد.

جل الأحزاب السياسية اليوم هي أبعد ما تكون من أن تقدم النموذج التنظيمي/السياسي الذي بإمكانه أن ينجز مهامه ووظائفه وأدواره في مجال توعية الجمهور وتأطيره وتنظيمه، وفي مجال الاهتمام بتحسين أداء السياسات العمومية، وفي مجال تشجيع الأفراد وإبراز الطاقات والكفاءات لتولي المناصب العامة ومواقع المسؤولية.
الأحزاب السياسية اليوم بعيدة عن لعب دور الوساطة، وإنجاز وظيفة الربط بين الجماهير الشعبية ومراكز القرار السياسي داخل أجهزة الدولة. وعليه يمكن التأكيد على أن الأحزاب المغربية، في سياق التحضير للانتخابات القادمة، مطالبة بـ :

• الوعي بأن المسافة الفاصلة بين الطموح وواقع الحال ليست سوى ما يمكننا أن نعمل ونكد من أجل تحقيقه، بواقعية وجرأة وفاعلية.
• الوعي بمسؤوليتها في إنتاج الشروط التي تساهم في بلورة شكل من أشكال قيادة المعادلة السياسية ببلادنا، بمنطق يكون له بالغ الأثر على مستوى توجيه مسار الأداء السياسي.
• العمل على ملامسة التقرحات التي تعاني منها الذوات الحزبية، في تمفصل تام مع مجموع الأمراض المزمنة التي تعرفها الممارسة السياسية اليوم، والتي أصبحت تشكل معيقا للتطور ببلادنا.
• المساهمة في إعادة صياغة العمل السياسي والحزبي، وفق قواعد قيمية ومبدئية، تعيد الاعتبار لارتباط قوى الصف الديمقراطي بمهام وأدوار الفاعل السياسي في تخليق الحياة العامة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تساهم ألمانيا في دعم اتفاقية أبراهام؟| الأخبار


.. مروان حامد يكشف لـCNN بالعربية سر نجاح شراكته مع كريم عبد ال




.. حكم غزة بعد نهاية الحرب.. خطة إسرائيلية لمشاركة دول عربية في


.. واشنطن تنقل طائرات ومُسيَّرات إلى قاعدة -العديد- في قطر، فما




.. شجار على الهواء.. والسبب قطع تركيا العلاقات التجارية مع إسرا