الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كان لا بد من السجن

هاشم عبد الرحمن تكروري

2014 / 12 / 11
القضية الفلسطينية


كان لا بد من السجن! الجزء الاول، ويتبع بجزء ثانٍ بعنوان سكرات الشحرور
تفكير ساذج، عمل بلا معنى، دراسة بلا هدف، علاقة بلا عقل ولا عاطفة، النظر إلى الماضي مفقود، والعمل في الحاضر محدود، والتخطيط للمستقبل محجوب، البوصلة فقدت الاتجاه، والمركب سائر بلا شراع.
ذلك ما يحضر في ذاكرتي، وما قد آثر الغياب أكثر، ذلك لم يكن معلوماً لدي بحاضري في ذلك الوقت، ولكن كان ذلك ما أيقنته لاحقاً، وكنت أظن المركب هكذا في الصواب يكون، وأن البوصلة بلا اتجاه تدور، وما قد سبق يدل على ما لحق، حتى جاء ذلك اليوم الذي لم يكن في الحسبان، ... لم يكن قد خطر على بالٍ لكنه أتى، كان ذلك في ليلة باردة شاجبة ظلماء، وكانت الساعة قد تجاوزت عقاربها النصف الأول من الليل، وكانت ليلة عيد، وكانت ليلة اعتقالي، لن أسهب في السرد، فقد نهايةً وبدايةً في آن واحد، لماضٍ قديم ٍ قد انتهى، ولمستقبلٍ لم تتحدد به الرؤى قد أتى، فمن سعة الدنيا ومشاغلها إلى ضيق السجن وفراغه، هكذا بدى وهكذا كانت الصورة في البداية، ولكن بدأت الأمطار تتوقف ورويداً رويداً بدأت الغيوم تنجلي من سماء المشهد عندي، وابتلعت أرض مشهدي الماء الذي فاض، وبدأت تتضح الرؤية، فسعة الدنيا لم تستطع أن تمنحني الرؤية الصحيحة، ولم تستطع كثرة تجاربها أن تغير ذلك التفكير الساذج الطفولي لدي، ولم تكفي كل جامعاتها ومعارفها وتقدمها أن يمنحني رؤيا واضحة لِما أدرس أو ما أتعلم، كذلك لم يستطع عملي فيها أن يعطيني معىً لذلك العمل، أكثر من أن هذا العمل وما يتأتى منه هو لسد الرمق فقط، فكل شيء كان يدور في تلك الساقية التي تعود في كل مرة لالتقاط الماء من نفس المكان، ويا ليته كان ماء، فكان السجن مع جدرانه الرمادية في تلك اللحظة قد بدء يظهر أنه أوسع من تلك الدنيا، وأن مكتبته المتواضعة ما بين أكناف الغرفة تحمل من العلم ولمعرفة أكثر مما يمكن أن تمنحي إياه المدارس والجامعات والمكتبات المنتشرة أو تلك الشبكة العنكبوتية... وكذلك كل ما تقدم، فالصورة واحدة، وكأن واقع حالي يقول:" ربي السجن أحب إلي ممّا يدعونني إليه" مع الفارق أن واقع حالي في خارج أسوار السجن ما كنت أعلم ما يدعوني إليه، وإن كان واقع الحال يقودني إليه، فقد كانت تلك المحطة،... عذراً، فقد تشير هذه الكلمة حفيظة البعض أو الكل، ولكن فترة السجن تلك كانت ضرورية لإعادة البوصلة للتوجه باتجاهها الصحيح وأن يبحر المركب مع شراع توجهه رياح الهدف المشروع، وأن ينضج التفكير الساذج الطفولي ويدق على أبواب التغيير، والانتقال من مرحلة الطفولة البريئة إلى عهد النضوج والوعي، والتفكير البناء الواعي.
فكان واقع الحال يقول: كان لابد من السجن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صدمة في طهران.. لماذا يصعب الوصول لطائرة رئيسي؟


.. نديم قطيش: حادث مروحية رئيس إيران خطر جديد على المنطقة




.. البحث مستمر على طائرة رئيسي.. 65 طاقم إنقاذ وكلاب خاصة| #عاج


.. تحديد موقع تحطم طائرة رئيسي -بدقة-.. واجتماع طارئ للمسؤولين




.. مسيرة تركية من طراز- أكنجي- تشارك في عمليات البحث عن مروحية